عمالنا وكيان العنصرية الأشد: طرد، تجويع، وأمرض

عمالنا وكيان العنصرية الأشد: طرد، تجويع، وأمرض

عمالنا وكيان العنصرية الأشد: طرد، تجويع، وأمرض

6859099 عمالنا وكيان العنصرية الأشد: طرد، تجويع، وأمرض
عادل سمارة

تخلت الراسمالية عن نظرية آدم سميث “اليد الخفية” التي، برأيه، تقول بأن الاقتصاد يعود لتضبيط نفسه ذاتيا ويعيد توازنه ونموه وحل مشكلاته دون تدخل من الدولة وهذا يترتب عليه أثمان يدفعها الفقراء بالجوع والموت والبطالة وتوريث نقص التغذية لذريتهم. ولكن حين تحل الأزمة الاقتصادية تتخلى الدولة/السلطة الطبقية الحاكمة عن مؤامرة/أكذوبة اليد الخفية فتتدخل في الاقتصاد لإنقاذ نفسها وبعد تجاوز الأزمة تعود للفلتان الاقتصادي أو فوضى الإنتاج، وها هي اليوم في المركز الرأسمالي تقدم وتحجم على التدخل طبقاً لحجم ضغوطات وإرهاب كورونا.

هنا نموذج صهيوني من التخلي ونقصد عن جانب من إيديولوجيا الصهيونية وهو الاحتكار الاستيطاني العنصري المسمى “العمل العبري” حيث أخذ يستخدم العمال العرب بالتوازي مع توسعات قطاعاته الاقتصادية وخاصة قطاعات العمل الأسود. وهنا يتضح طبعاً السلوك الرأسمالي للكيان بما أن الصهيونية في مركز بل وزبدة الرأسمالية.

لحسن الحظ أو لسوء الحظ، فما من اقتصاد مهما تطور بوسعه الاستغناء عن العمل الأسود بما هو الحامل الأدني للبنى الاقتصادية المتقدمة ومصدر تغذية قوى العمل والطبقات الأخرى…الخ. وهذا ما سمح بتشغيل عمالنا لدى الكيان اي استغلالهم المفتوح.

وهكذا تمتع الاقتصاد الصهيوني بمخزنين لقوة العمل

• مخزن قوة العمل من فلسطينيي المحتل 1948،
• وبعد هزيمة 1967 تمتع بمخزن أوسع هي قوة عمل المحتل 1967.

يمكن قراءة العلاقة بين الكيان والمحتل 1967، وهذا أساس هذه المقالة، بتعبير الضخ والامتصاص والضخ المعاكس، مع الاحترام للعمال كبشر، لكن الكيان لا يعاملهم هكذا. .

فنظراً لتخلف البنية الاقتصادية لهذه المناطق قبيل 1967 ونظرا لوقوعها تحت الاحتلال الذي احتجز تطورها الضعيف تراكم فائض قوة عمل محلية هاجر جزء منها إلى الخارج وبقي جزء منها مضطراً للعمل داخل الكيان.

مع احتلال 1967 بدأ الضخ من المحتل 1967 إلى المحتل 1948 وبالمقابل أخذ الاحتلال بامتصاص أعداد تزايدت مع السنين من 5000 في نهاية الستينات إلى 150 ألفاً في التسعينات. وترواح العدد لاحقاً طبقا لوضع العدو الاقتصادي وضغوطات انتفاضيتي 1987 و2000، وحرب الخليج 1991. حيث كان يقوم العدو بضخ مضاد او دفع العمال الفلسطينيين خارج اقتصاده.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن العدو كان يقصد تشغيل العمال الفلسطينيين ليس فقط لحاجته بل ايضا لأن هذا الامتصاص يؤدي عملا آخر بالامتصاص فيأخذ قوة العمل الشابة بعيدا عن المقاومة وعن الشغل في الاقتصاد المحلي للمحتل 1967 وخاصة الأرض التي هي مركز الصراع.

نقاشنا الأساسي هنا إثر تفشي وباء كورونا، فقد أعلنت حكومة الاحتلال في منتصف شهر آذار الماضي أن على العمال الفلسطينيين الذين يعملون في اقتصادها أن يبقوا داخل الكيان لمدة شهرين دون أن يعودوا إلى بيوتهم في المحتل 1967، وعلى هذا قرر الكثير منهم أخذ حاجياته الأساسية ليبقى هناك كي لا يفقد مصدر دخله. وبناء على ذلك تحدث رئيس وزراء سلطة الحكم الذاتي بنفس السياق كي يذهب العمال ويبقوا في الكيان لشهرين.

ولكن بعد ايام قامت سلطات الاحتلال بطرد العديد من هؤلاء العمال. وتواصل الطرد بشكل يومي حيث عاد إلى الضفة الغربية كثير من هؤلاء العمال المصابين بالوباء مما شكل حالة خطرة على الفلسطينيين.

فالمفروض أن الكيان الذي طلب شغَّل/إستغل العمال الفلسطينيين وربح من ذلك مقادير هائلة منذ 1967 وطلب منهم البقاء لشهرين داخل أماكن عملهم، بغض النظر عن سوء الأوضاع المعيشية فيها، فمن الجريمة طردهم لأنه بهذا يقوم بنشر الوباء قصدا في المحتل 1967 ويؤكد عنصريته في:

• استغلال العمال لانتزاع القيمة الزائدة من جهدهم
• وطردهم حين يُصابوا بالوباء أثناء عملهم في قطاعاته الاقتصادية
• ولا يضمن لهم أجوراً تعويضية خلال فترة توقيفهم عن العمل
• ويحرم المحتل 1967 من تحويلات أجورهم التي تلعب دورا اساسياً في تغطية عجز الميزان التجاري للمحتل 1967.

وبهذا يقوم الكيان بعدوان اقتصادي وصحي ضد الفلسطينيين في المحتل 1967، لأن المفترض أن يحتفظ بالمصابين وأن يعالجهم كونهم هناك بطلب من حكومة الكيان ولأنهم أُصيبوا هناك ايضا.
نثير هذا الموضوع للأسباب التالية:

الأول: لا نبغي للتأثير على مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية فهي لن تفعل شيئاً ولكن إثارة الموضوع يخدم مراكمة حقائق تكشف عنصرية الاحتلال وتساهم كغيرها في كشف حقيقته على المستوى الشعبي وخاصة الثقافي في العالم.

والثاني: لتأكيد بأن الكيان هو الأشد عنصرية على صعيد معولم وهذا انسجام وتفوق على عنصرية مختلف الحكومات الغربية ضد بعضها البعض هلعاً من وباء كورونا.

والثالث: التذكير بتقصير م.ت.ف سابقا وسلطة الحكم الذاتي لاحقاً في تبني سياسة تنموية “التنمية بالحماية الشعبية-هذا ما كتبت عنه منذ حينه وحتى اليوم”. وهذا يفتح ايضاً على تقصير مجمل القوى السياسية والنقابات والاتحادات ايضاً التي على الأقل منذ انتفاضة 1987 الكبرى لم يتجهوا لتحويل الانتفاضة من سياسية فقط إلى تنموية على اعتبار أن الانتفاضة على عظمتها لم يكن لها أن تطرد العدو. وهنا كان المأزق الذي حصل بان تم تبني الاستدوال بدل التحرير، ولم يحصل ايٌ منهما.