من وحي الأحداث: الشاطر والمغفل

من وحي الأحداث: الشاطر والمغفل

الشاطر والمغفل


في موضوع البرنامج التنموي يتعامل معنا النظام المخزني وكأننا شعب من المغفلين يمكن ان تضحك عليه كما تشاء تبيعه الحاجة ونقيضها فيشتري منك ولا يهتم للمقلب. في البداية تم تبرير كل اخطاء الدولة وإفلاس مشاريعها بكون النموذج التنموي المطبق قد فشل وهو سبب الفوارق الاجتماعية والمجالية. لكن لما تبنى العديد من وسائل الإعلام هذه الحجة، وبدأت تستعمل في الخطابات والتحاليل السياسية من طرف حتى من كان لا يجرؤ على فتح فمه عند طبيب الأسنان، وبعد أن فطن المخزن الى خروج الخطاب عن سكته،

وبدأت الجرأة في تحميل مسؤولية الفشل تصل إلى اختيارات الدولة ومسؤوليها الكبار، تم التراجع واقتصر الكلام فقط على اخطاء في طريقة التدبير والحكامة وغياب الالتقائية.

هكذا تم التخلص من فكرة محاكمة السياسة التنموية والاختيارات وتوجه الاهتمام إلى انتقاد التطبيق والمسؤولين عنه. اصبحت قضية عجز الكفاءات أو غيابها لأنها هي من كان عليها تحمل تطبيق السياسات والاختيارات التي هي جيدة وسديدة لان واضعها يتمتع بالإلهام وبالسداد وحسن الاختيار.

في اطار البحث عن الكفاءة تطلب الأمر معالجة أمرين مرتبطين؛ وهما تعديل الحكومة طبقا لمبدأ تواجد الكفاءات وتوظيفها ومن جهة ثانية تشكيل مجلس مؤقت يضم كفاءات عالية لتقديم تصور حول كيفية وضع البرنامج التنموي والتقائية مكوناته. نتج عن ذلك تشكيل حكومة متقلصة العدد دمجت فيها وزارات ومديريات وتم تعيين رئيس مجلس البرنامج التنموي وهو السيد شكيب بنموسى وزير الداخلية الاسبق.

في تقييم منسوب الكفاءة في الحكومة وفي المجلس يبدو ان المخزن يعاني من خصاص أو عقم مزمن. فالحكومة الجديدة لم تضم إلا ستة وزراء جدد بينما الاغلبية الباقية هي من الحكومة السابقة المتهمة بانعدام او قلة الكفاءة. أما السيد شكيب بنموسى الذي يعول عليه في تشكيل مجلس الكفاءات فهو نفسه يتعرض لانتقادات جدية تضرب في كفاءته وأهليته لمثل هذه المهمة ويعتبر احد نماذج انعدام الكفاءة لأنه فشل في تدبير العديد من الملفات بل كان مسؤولا عن نتائجها الكارثية.

من خلال قصة النموذج التنموي الذي اشير اليه كنموذج فاشل ثم تم التراجع وحصر الموضوع في التدبير والحكامة، نستنتج أن النظام لا زال يتخبط في أهم مؤشر على أزمته وهو عجزه على اقناع الشعب بخطابه وبرؤيته للمستقبل. ازداد الامر تفاقما لما اكتشف الرأي العام أن الخطاب الرسمي يمعن في احتقار ذكاء وفطنة المواطن/ة. لكن في حقيقة الامر انقلب السحر على الساحر وبات النظام المخزني هو المغفل وهم الشاطرون.