روح حركة 20 فبراير المجيدة لا زالت تحرك الشعب المغربي

روح حركة 20 فبراير المجيدة لا زالت تحرك الشعب المغربي

روح حركة 20 فبراير المجيدة لا زالت تحرك الشعب المغربي

خيبت التسع سنوات التي مرت على انطلاقة حركة 20 فبراير المجيدة تكهنات أبواق الدعاية المخزنية بموت الحركة وتطبيلهم للاستثناء المغربي؛ فلم يتوقف خلالها احتجاج الجماهير الشعبية ولم تنطفئ شمعة النضال رغم المناورات والقمع، وتعددت الحراكات الشعبية: الريف، جرادة، أكلموس، أوطاط الحاج، ورزازات، زاكورة، تندرارة، تالسينت..وتنوعت وتصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية، واتسعت النضالات العمالية والفلاحية. مما يؤكد على أن أهداف وشعارات ومبررات وجود حركة 20 فبراير لا زالت لها شرعيتها، ولا زالت مطروحة للإنجاز، سواء تحت هذا الاسم أو بأسماء أخرى. إن الشعب المغربي لا يخرج اليوم للشوارع لتخليد ذكرى مرت في التاريخ وانتهت بل ليواصل سيرورته الثورية، بروح حركة 20 فبراير، ودفاعا عن المطالب التي تأسست من أجلها. إن مشروعية التأسيس لا زالت تحرك نضال الفئات الشعبية وتدفعها إلى تقديم التضحيات وبناء أدواتها والاستعداد لجولات جديدة من معارك أكثر شراسة.

لقد فتحت حركة 20 فبراير المجيدة ثغرة في جدار الاستبداد، وأطلقت سيرورة ثورية لم ولن تتوقف إلا بعد تحقيق أهدافها وتجاوز الشروط التي أنتجتها. وككل السيرورات الثورية تعيش فترات تراكم كمي ولحظات قطع ولكنها لا تموت بل تتواصل في شكل موجات متتالية إلى أن تنجز مهامها.

ولم تكن التضحيات الشعبية المقدمة في إطار حركة 20 فبراير مجانية، ولم تذهب سدى كما يروج لذلك المرتزقة والانهزاميون؛ فرغم ضعف مشاركة العمال والطلبة والتلاميذ في الحركة فإنها عرفت زخما كبيرا عند انطلاقتها وغطت عددا كبيرا من المدن والقرى ودفعت فئات عديد إلى الخروج في المسيرات. واستطاعت نضالات الحركة أن تحقق مكتسبات لم يتمكن عمل الأحزاب لعشرات السنين في المؤسسات الرسمية للدولة من بلوغها وفرضت عزلة خانقة على النظام ودفعته إلى الانحناء أمام عاصفتها عبر مناوراته تارة وباستعمال القمع والبلطجة أحيانا أخرى؛ ولعل من أهم مكاسب الحركة أنها أحدثت تغييرا عميقا في وجدان الشعب المغربي، وكسرت حاجز الخوف لدى فئات واسعة من شعبنا وأكسبتهم ثقة كبيرة في النفس وفي القدرة على مواجهة الاستبداد والفساد، خاصة عندما كانت تتابع بالعين المجردة حالة الهلع التي يظهر عليها بعض رموز النظام أو عندما يتم الاستنجاد بالبلطجية والزوايا والجمعيات التنموية الممخزنة لمواجهة الجماهير الشعبية المنتفضة.

وتأتي احتجاجات الشعب المغربي هذه السنة بمناسبة 20 فبراير في ظل سياق دولي مطبوع بتزايد توحش الرأسمالية وهجومها السافر على الطبقة العاملة وعلى الشعوب وتدميرها للبيئة وتهديدها للسلم العالمي؛ وسياق إقليمي يتحرك على إيقاع موجة ثانية، غنية بالدروس، من السيرورات الثورية في العالم العربي والمنطقة المغاربية؛ أما السياق المحلي فملامحه الكبرى تتلخص، من جهة أولى، في تغول الدولة المخزنية رغم فشل “نموذجها التنموي” وهجومها الكاسح على حقوق ومكتسبات الجماهير الشعبية، ومن جهة ثانية، في تنامي وتعدد واتساع الاحتجاجات والنضالات الشعبية والتحاق فئات جديدة بالحركات الاحتجاجية كجماهير كرة القدم والفلاحين والفنانين والصحافيين والمدونين.. وتأسيس جبهة اجتماعية وجبهة سياسية والاستعداد الحثيث لإعلان حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين. إن تكاثف كل هذه المعطيات يجدد تعلق الجماهير الشعبية بأهداف ومطالب حركة 20 فبراير ويعطيها أملا في المستقبل ويحفزها على المزيد من النضال والتضحية من أجل الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية ومن أجل القضاء على الاستبداد والفساد.

إن هذه الأوضاع، وباستحضار دروس السيرورات الثورية في المنطقة، تضع على كل المقتنعين/ات بضرورة القضاء على الاستبداد والفساد في المغرب مسؤولية تقوية وتوحيد هذه النضالات الشعبية من أجل تعزيزها وتثمينها والرفع من مردوديتها، وتقوية الجبهات الحالية، في أفق بناء جبهة شعبية قوية قادرة على قلب موازين القوى وإحداث التغيير الذي يطمح له شعبنا.