الباطرونا تحاول السطو على أموال الشعب واستعباد العاملات والعمال

الباطرونا تحاول السطو على أموال الشعب واستعباد العاملات والعمال

annahj-1 الباطرونا تحاول السطو على أموال الشعب واستعباد العاملات والعمال


الباطرونا تحاول السطو على أموال الشعب واستعباد العاملات والعمال

كان من المفروض توجيه دعم الدولة للفئات الشعبية المتضررة الأولى من جائحة كوفيد-19 والمحتاجة فعليا له، غير أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماما؛ فمن بين 17 إجراء أساسيا قررته لجنة اليقظة الاقتصادية لا نجد سوى أربعة لها علاقة بتحسين دخل الأسر؛ وتهم كل الإجراءات الباقية خدمة المقاولات وتقديم كل التسهيلات وكل أشكال التمويل لها؛ وكانت كلفة هذه العمليات باهظة جدا. إلا أن كل هذا الكرم لم يكن كافيا ليخفف من جشع الرأسماليين ولم يدفعهم للانتباه إلى أحوال الأغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية التي تعيش الفقر والقهر والاقصاء، والتي تواجه خطر الفيروس وخطر الجوع. ولم يتوقف الاتحاد العام لمقاولات المغرب كممثل للباطرونا المغربية عن رفع سقف مطالبه الهوجاء وتوسيع مجالاتها.

ففي إطار مقترحات الأحزاب والنقابات لسبل الخروج من الأزمة الحالية قدمت نقابة الباطرونا “خطة الانتعاش الاقتصادي” والمؤرخة ب 21 ماي 2020، وهي خطة تمت صياغتها بعد سلسلة من المشاورات والاجتماعات للقطاعات التابعة للنقابة واللجن وفرق العمل المشكّلة لهذا الغرض؛ نذكر هذه المعطيات لكي نبين بأن المضامين الهوجاء للخطة هي تعبير عن رأي واع للبورجوازية وليس لحظة شرود عابرة.

إن طبيعة هذه الكلمة لا تسمح باستعراض كل هلوسات خطة الباطرونا لانتعاش الاقتصاد، لذلك سنكتفي بذكر بعضها لتأكيد جبن الرأس مال وانتهازيته واستخفافه بأحوال وأرواح العاملات والعمال وعموم الكادحات والكادحين.

فمن بين المقترحات العرضية الاستعجالية للانتعاش الاقتصادي التي تنص عليها الخطة نجد المطالب التالية: تمديد نظام البطالة الجزئية حتى نهاية شهر دجنبر وتولي الدولة الدعم الجزئي والمشروط، الإعفاء/تأجيل الرسوم الاجتماعية والضريبية، توسيع نطاق تعويض كوفيد-19 ليشمل قطاعات أخرى وأنواعا أخرى من المقاولات، تعليق الضرائب المحلية، الاعفاء من /تخفيض الضرائب القطاعية، صندوق/بنك استثماري لمواكبة المقاولات الكبيرة، مكافأة التشغيل والتوظيف من خلال دفع الدولة لجزء من الراتب بشرط الوفاء بالالتزامات المواطنة (انظر نص الخطة).

وجاء محور “7 إجراءات محورية لخطة الانتعاش” ليستعرض هذه الإجراءات والعناصر المكونة لكل واحد منها؛ وسيتم بعد ذلك التفصيل في كل عنصر وتحديد الآلية التي سيعتمد عليها. وقد تركزت هذه الإجراءات على إنشاء صناديق لتكون قنطرة لتمرير مختلف أشكال دعم الدولة للمقاولات، والمطالبة بإعفاءات أو تخفيضات في الضرائب والالتزامات الاجتماعية وبمختلف التسهيلات وأشكال الدعم والتشجيع؛ وشكلت بعض الإجراءات هدرا لحقوق الأجراء كمرونة التشغيل والبطالة الجزئية ومراجعة مدونة الشغل، وإلزام الدولة بالمساهمة في أداء الأجور؛ بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الاقتصادية للرفع من أرباح المقاولات. وبلغ مجموع الإجراءات التي قدمتها الفدراليات القطاعية والاتحادات الجهوية 594 إجراء تسير كلها في نفس التوجه المذكور أعلاه.

أما بالنسبة لمحور ميثاق الانتعاش بين الدولة والمقاولات والشركاء الاجتماعيين وباقي الأطراف، فإن الخطة، إذ تغرق الدولة في الالتزامات المالية الضخمة وتجبرها على التخلي عن حقوقها، ولا تلزم الباطرونا سوى بتطبيق بعض البنود القانونية، تلزم الشركاء الاجتماعيين بضرورة تعزيز الامتثال للإجراءات الصحية والمرونة في التشغيل والإنتاجية والترويج ل”استهلاك المنتوج الوطني”؛ مما يظهر رغبة البورجوازية في إفراغ خزينة الدولة وتجريد الأجراء من كل حقوقهم وتسخير الشعب كله لخدمة المقاولة.

إننا في ظرفية تفرض التضحية لمواجهة الجائحة على من هو قادر عليها، غير أن الباطرونا اختارت أن تستغل الفرصة لاستنزاف واستباحة خزينة الدولة وجيوب المواطنات والمواطنين، وأن تدوس على حقوق ومكتسبات العاملات والعمال. أمام عجز الرأسمالية على مواجهة الأزمة الحالية وانفضاح شعاراتها وقيمها كان من الواجب على البورجوازية أن تراجع حساباتها وأن تتواضع في مطالبها لكنها رفعت من سقف أطماعها واستغلت كل الفرص لتوسيع مجالاتها.

إن الطبقة العاملة وعموم الكادحات والكادحين هم الذين ينتجون كل ما نستهلكه، وهم الذين يكدّون ليلا ونهارا لضمان الراحة للآخرين، وهم الذين يضمنون استمرار الحياة لغيرهم، وبالتالي فهم الذين يستحقون أن توفّر لهم كل شروط العيش الكريم.

في ظل هذا الجشع البورجوازي ووفي ظل مسايرة دولة المخزن له وعملها على إرضائه، لا يبقى أمام الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة سوى تجديد مطالبها وشعاراتها وتصعيد نضالاتها دفاعا عن حقوقها من أجل مواجهة استبداد وفساد الدولة المخزنية وجشع ورعونة الباطرونا. إن الأحزاب اليسارية والجبهة الاجتماعية والجبهة الميدانية والحركة النقابية ومنظمات المجتمع المدني اليوم أمام تحديات كبيرة وامتحان لقدرتها على حماية مصالح الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية.