في التحالفات من جديد

في التحالفات من جديد

 في التحالفات من جديد


إن التحالفات تستهدف حل تناقضات، بعضها أساسي واستراتيجي أي ذات طابع طبقي( مثلا حل التناقض ما بين الكتلة الطبقية السائدة والطبقات الشعبية في المغرب) وبعضها تكتيكي، أي أنها ليست ذات طابع طبقي( مثلا التخلص من المخزن)، لكنها أساسية، في فترة معينة، لأنه بدون حلها لا يمكن التقدم في حل التناقض ذي الطابع الطبقي ولأنها قادرة على لف أوسع جبهة ممكنة في ظرف معين.

يلاحظ أن عددا من المناضلين والمناضلات يخلطون بين التناقضات الاستراتيجية والتناقضات التكتيكية. وبالتالي يرفضون التعامل مع قوى تلعب دورا مهما في حل التناقض التكتيكي الأساسي في فترة معينة على اعتبار أنها قد تناهض حل التناقض الاستراتيجي. وهم بذلك يعرقلون، بدون وعي، حل التناقض التكتيكي الأساسي في الفتوة الراهنة ويعدمون أية إمكانية لحل التناقض الاستراتيجي.

ووعيا من النهج الديمقراطي بذلك، رفع مؤتمرنا الوطني الرابع كشعار له:
بناء حزب الطبقة العاملة والجبهة الموحدة للتخلص من المخزن وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية“.

حسب هذا الشعار، فإن الهدف المطروح علينا، في الفترة الحالية، هو التخلص من المخزن، وبالأساس المافيا المخزنية، والهدف الأبعد هو بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية.

أن هذا الشعار ينطلق من تحليل عميق وملموس للوضع في بلادنا في الفترة الحالية أفضى إلى اعتبار أن العقبة الكأداء أمام التغيير هو المخزن، أي أن التناقض الذي يجب حله، الآن وهنا وهو الذي يوفر أمكانية حل غيره من التناقضات، هو التناقض مع المخزن. إن هذا التناقض مرتبط أشد الارتباط بواقع الصراع الطبقي الملموس والأساسي في بلادنا. وبالتالي فمن الخاطئ إسقاط تناقضات تجري في بلدان أخرى أو وقعت في فترات أو مراحل أخرى على الواقع في بلادنا. وقد ربط هذا الشعار بين حل التناقض التكتيكي والتناقض الاستراتيجي، أي بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية، الذي يمر عبر انجاز قفزات نوعية ذات طبيعة تكتيكية، منها أولا التخلص من المخزن.

لذلك، فإن تحالفاتنا تخضع، الآن وهنا، لهدف التخلص من المخزن وبالتالي يجب أن تحضى القوى التي تستهدف التخلص من المخزن بالأولوية في تحالفاتنا.

إن الجبهة الموحدة أو الشعبية، ستنبنى بواسطة النضال الصبور لتوحيد كافة روافد النضال الشعبي حول برنامج للتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي يكثف التصور المشترك للتغيير ويصرفه بواسطة التركيز، في كل فترة، على عدو أساسي واحد. هذه الجبهة التي تبنى على أساس سياسي( البرنامج) وليس أيدلوجي، من كل الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية والقوى الحية، أيا كانت مرجعيتها الفكرية أو موقعها الطبقي، المتضررة من ذلك العدو. هذه الجبهة التي يمكن أن تضم القوى اللبرالية المعبرة عن مصالح البرجوازية المتضررة من المافيا المخزنية والتي ترفع شعار الفصل بين الثروة والسلطة والقوى الإسلامية المناهضة للمخزن والغير تكفيرية والغير التبعية للخارج والقوى اليسارية والقوى الأمازيغية المناضلة والحراكات الشعبية والحركات الاحتجاجية والاجتماعية والنقابات المناضلة ومنظمات المجتمع المدني الجادة. إن الجبهة الموحدة ليست تنسيقا لخوض معارك مشتركة فقط، بل كجبهة للتغيير يجب إن تقدم البديل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي للنموذج التنموي الرسمي الذي فشل فشلا ذريعا. أكيد أن هذه الجبهة ستعرف الفرز في مسيرتها. ولذلك لا بد من التدخل القوي للقوى الممثلة لمصالح الطبقات الشعبية، وخاصة الطبقة العاملة وعموم الكادحين. وهو ما يبين الأهمية الحاسمة والملحة لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والعمل المكثف من أجل إنجاز نقلة نوعية في هذه السيرورة كمهمة آنية لا تقبل التأخير.

إفتتاحية العدد 332 من جريدة النهج الديمقراطي