ثورة السودان ودروسها الثمينة

ثورة السودان ودروسها الثمينة
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

ثورة السودان ودروسها الثمينة

في ليلة 25 اكتوبر 2021 انقلبت الطغمة العسكرية على السلطة الانتقالية بالسودان واعتقلت ريس الحكومة وقيادات من قوى الحرية والتغيير. ياتي هذا الانقلاب كتتويج لعدة محاولات انقلابية وعدة مناورات لشق صف القوى المدنية التي انخرطت في الثورة منذ دجنبر 2018. لقد تسلم عبد الفتاح البرهان الضوء الاخضر للتقلاب من ادارة بايدن وانظمة الجوار بما فيه مباركة الكيان الصهيوني الذي ربطتته بالطغمة العسكرية علاقات سرية وعلنية.
مثل أخيل كان للثورة السودانية نقطة ضعفها القاتلة وهي قبول وجود الطغمة العسكرية ممثلة في البرهان وحميدتي ضمن مكونات السلطة الانتقالية. هذا الوجود يعني ان النظام القديم نظام البشير ضمن لنفسه مكانة تحت شمس السيرورة الثورية مكانة تعطيه الفرصة للانقضاض على الثورة كلما سنحت الظروف وها هي تجمعت الشروط الداخلية والخارجية لسقوط القناع عن هذه الطغمة المجرمة.

في واقع الأمر أكدت الثورة السودانية أحد الدروس المستقاة من تجارب سابقة وفي عدة بلدان وهي ان الجيش هو العمود الفقري للدولة وللنظام المراد الثورة عليه والاطاحة به. فما لم يتصدع الجيش وتخترقه تناقضات اللحظة الثورية فان خطر اغراق الثورة في الدم واستعادة النظام لسلطته تبقى مسالة وقت ليس الا. فجميع الثورات التي استطاعت استبدال نظام باخر نقيضا له تمكنت من حل معضلة المؤسسة العسكرية واستطاعت ان تشقها الى طرفين واحد في صف الثورة والاخر معاد لها. وفي الغالب حصل ذلك لما تكون تلك الانظمة منخرطة في حرب خارجية او تواجه حرب اهلية. في السودان استطاع الجيش ان ينزع فتيل الحرب الاهلية وفي عدة جبهات التي بقيت قواتها وميليشياتها على الحياد تراقب من بعيد وتحاول تجميع انفاسها لعقد اتفاقات ومعاهدات سلام كما فعلت بعض الفضائل في السنتين الاخيرتين. هكذا حافظ الجيش السوداني على لجمته بل ادمج في حاضنته ميليشيات الجنجويد الارهابية والمجرمة واصبح حميدتي عضو في السلطة الانتقالية يشارك في استصدار قوانين تحميه من المحاكمة على الجرائم ضد الانسانية التي اقترفها مع مرتزقته وكان يدفع نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني وادارة ترامب بحتا عن الحماية.

إن الثورة السودانية ستبقى رهينة الانقلابات ما لم تجد الحل السديد في التعامل مع المؤسسة العسكرية من اجل تفكيكها واعادة تشكيلها على اسس تخدم مصالح الثورة وتحميها باخلاص وبعقيدة جديدة لا تمت بصلة الى الدولة الرجعية المطاح بنظامها.