من وحي الاحداث: ديمقراطية الواجهة بالمعنى الدقيق للكلمة
حضر رئيس الكنيست الصهيوني إلى قبة البرلمان المغربي يوم 7 يونيو 2023 بدعوة من رئيس البرلمان رشيد الطالبي العلمي، وهو اليوم الذي نظمت فيه الجبهة المغربية للتضامن مع الشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع وقفة احتجاجية أمام بناية البرلمان بالرباط، وأنهت وقفتها بإحراق العلم الشرويطة الصهيونية. فماهي الدلالات التي تريد الدولة المغربية لهذه الزيارة وما يحيط بها؟
الدلالة الاولى هي صمت كل المدعين لمعارضة التطبيع من داخل قبة البرلمان. لم تخرج اية صيحة من صفوف البرلمانيين ولم يتم تعكير جو الاستقبال لا من طرف نواب البيجيدي او نواب التقدم والاشتراكية او نائبتي الاشتراكي الموحد او فيدرالية اليسار. الجميع التزم لهدوء واحترام مشاعر المطبعين ونقلت صور الاحتفال عبر العالم تعبر عن الانضباط ووحدة الصف. كانت هذه هي الصورة التي وجب نقها الى العالم وكانت هذه هي الخلفية التي تحكمت فيما يجري خارج قبة البرلمان. ما يدري خارج قبة البرلمان هو وجود أصوات قليلة العدد تعارض الزيارة والتطبيع. ولأنها أصوات هامشية فان الديمقراطية المغربية تقبل بها وتدعها تعبر على نفسها بحرية تامة.
غابت عن هذه الأصوات تلك التي خرجت بالآلاف في مسيرات حول فلسطين تصدرتها أعلام الإسلام السياسي ولافتاته وانشق المتظاهرون إلى صفوف خاصة بالنساء واخرى خاصة بالرجال. لقد تبخرت اليوم تلك الجموع وابتلع زعماؤها ألسنتهم داخل البرلمان او خارجه وحتى من خضر فعل ذلك لرفع العتب او حتى لا يسجل عليه سياسيا مقاطعة وقفة معارضة زيارة الصهيوني للبرلمان.
اما عن مسرحية الديمقراطية المغربية فان دهاقنة الاستبداد انكفئوا عن التنكيل وعن منع الوقفة لأنهم يعلمون جيدا ان المتظاهرين والمعارضين عاقدون العزم على المواجهة وتقديم ما يلزم من التضحيات للتعبير عن موقف دعم الشعب الفلسطيني وعن مناهضتهم لزيارة الصهيوني للبرلمان وعن تنديدهم بالموقف الخياني لرشيد الطالبي في دعوته لعدو الشعبين المغربي والفلسطيني.
ان تصرف أجهزة الدولة مع المتظاهرين أمام البرلمان لم يكن تطبيقا لمقتضيات التصرف الديمقراطي بل هو جزء من زيف ديمقراطية الواجهة التي يعيشها المغرب منذ الاستقلال الشكلي إنها ديمقراطية در الرماد في أعين الأجنبي والتغطية على الاستبداد الأسود الذي تعيشه القوى المناضلة.
وهي نفس الديمقراطية التي طبقت يومين من بعد وقفة البرلمان لما نظم محتجون وقفة تنديدية بمتاجر كارفور في البيضاء. لقد تم التنكيل بهؤلاء المناضلين لانهم ربطوا بين المقاطعة وضرورة سد الطريق على المطبعين على الصعيد المغربي والدولي والدعوة لمقاطعتهم تجاريا واقتصاديا وثقافيا. ففي هذه الحالة الملموسة وسواها تعري الديمقراطي المغربية المزيفة عن وجهها القبيح وجه الاستبداد والاعتقال والتنكيل بالأحرار وجميع الأصوات المكافحة.