8 مارس ذكرى النضال التحرري المتواصل من أجل الكرامة والعدالة الإجتماعية والمساواة ـ المنظور الشيوعي لتحرر المرأة
بمناسبة ذكرى 8 مارس المجيدة
8 مارس ذكرى النضال التحرري المتواصل
من أجل الكرامة والعدالة الإجتماعية والمساواة
ـ المنظور الشيوعي لتحرر المرأة ـ
8 مارس هذه السنة 2024 والذي يحل علينا بعد غد الجمعة ، يوم مجيد عزيز على قلبي، أفضل شخصيا أن أسميه “اليوم العالمي لتكريم المرأة”؛
تختلف تسميات هذا اليوم المجيد في التاريخ الإنساني بين الناس المناصرين لحقوق المرأة إنطلاقا من خلفياتهم، فمنهم من يسميه عيد المرأة ومنهم من يعتبره يوما عالميا للنضال من أجل حقوق المرأة، كل ينظر إليه بما يناسب خلفيته في النظر لأوضاع المرأة داخل المجتمع وحقوقها وسبل مواصلة النضال من أجل المساواة بين الجنسين؛
مثلما أن هناك من يحارب إحياء هذا اليوم النضالي الخالد في تاريخ الإنسانية، دون خجل، ويعاديه لمعاداته لحقوق النساء وللتحرر الإنساني؛
كما من بين الناس كذلك من يخجل من إحياء اليوم العالمي لتكريم المرأة (8 مارس) كاشفا عن جهل عميق وفظيع بتضحيات النساء ونضالهن عبر التاريخ وعن تورط وانغماس حتى العنق في فكر رجعي ذكوري متخلف؛
هذا فضلا عن وجود من يناهض المساواة بوعي ويجرم ويحارب النضال من أجلها بهدف تكريس استغلال النساء، اقتصاديا وجنسيا.
هذا الموضوع كتبته منذ ثلاثة سنوات في 8 مارس 2021 بمناسبة اليوم العالمي لتكريم المرأة، أعيد نشره تكريما للمرأة واعتزازا بكل النساء المناضلات على أية واجهة تحررية كانت.
8 مارس ذكرى النضال التحرري المتواصل
من أجل الكرامة والعدالة الإجتماعية والمساواة
ـ المنظور الشيوعي لتحرر المرأة ـ
تعتبر 8 مارس ذكرى مجيدة وعزيزة بالنسبة لكل النساء التواقات للتحرر والمساواة وبالنسبة لكل المناضلات والمناضلين التقدميين عبر العالم؛ فمنذ حوالي قرن من الزمن أعلن لأول مرة الاحتفال الرسمي بهذا اليوم النضالي الخالد في تاريخ الإنسانية، تتويجا للنضال العمالي النسائي الممتد لعقود قبل ذلك التاريخ وبما يرمز له من تطلع إنساني للتحرر من الاضطهاد الثقافي والسياسي والاستغلال الرأسمالي، وسعي نحو تصحيح العلاقة ما بين الرجل والمرأة، بما يصون الحقوق الخاصة للمرأة ويضمن العدالة الاجتماعية والمساواة الشاملة ما بين النساء والرجال، والتي بدونها لا ولن تتحقق لكليهما إنسانيتهما المفتقدة.
· المنظور الشيوعي لتحرر المرأة.
لقد شكل تحرر النساء والنضال من أجل المساواة ما بين المرأة والرجل، ولا يزال موضوع صراع ما بين قوى التقدم المجتمعي وقوى النكوص الإجتماعي والثقافي وتكريس الاستغلال الطبقي؛ حيث لا تحرر للمجتمع من كافة أشكال الاستغلال والاضطهاد والتمييز دون التحرر الشامل لنسائه؛ وهو عنوان الرسالة التحررية الإشتراكية.
ففي إطار الدفاع عن هذه الرسالة التحررية، كتب كارل ماركس سنة 1844 مقالا نظريا هاما حول تطور علاقة الرجل بالمرأة عبر التاريخ وما يجب، من منظور شيوعي، أن تكون عليه تلك العلاقة في إطار تحرر الإنسان من الإستيلاب الرأسمالي وتملكه الفعلي لجوهره البشري؛ بما يعني ذلك من عودة واعية وكاملة للذات، ككائن اجتماعي إنساني في إطار عموم وأعلى ما أنتجه التطور البشري من تقدم حضاري وثقافي وغنى معرفي وازدهار اقتصادي.
فبعد تشخيصه لواقع الاستيلاب الرأسمالي الذي يعيشه العمال، رجالا كانوا أو نساء، وتحويلهم من خلال عملية الإنتاج إلى بشر بدون قيمة وبدون كرامة وفي حالة بؤس اجتماعي وثقافي؛ أكد كارل ماركس، ما معناه، أن المجتمع البشري المتحرر من الاستغلال والاستيلاب الذي تنشده الشيوعية، سوف يشكل الإطار لحل حقيقي للتناقضات ما بين الإنسان والطبيعة، وما بين التشييء الرأسمالي للبشر والإنسان الواعي والفاعل في واقعه، وما بين الحرية والضرورة، وما بين الذات الإنسانية والنوع الإجتماعي (الرجل والمرأة)، أي بما يحقق المساواة ما بين النساء والرجال.
وقد شكل المقال تصورا فكريا قويا وشجاعا في عصره، مؤكدا على أن علاقة الرجل بالمرأة قد شكلت إحدى أهم العلاقات التي تمت إحاطتها تاريخيا بهالة من القداسة، كان الغرض منها باستمرار هو مناهضة المساواة وتجريم النضال من أجلها، وتكريس دونية المرأة؛ فتم بذلك استغلالها اقتصاديا وجنسيا، واحتقارها اجتماعيا وثقافيا باسم المقدس.
إضافة إلى ذلك، وبقدر وقوفه في وجه ذلك المقدس المكرس لدونية المرأة ولواقع التمييز ضدها؛ وقف كذلك كارل ماركس بوضوح تام ضد النظرة المشوهة للشيوعية، والتي تختزلها في طرح تبسيطي يوازي ما بينها والقضاء على الملكية الخاصة من جهة، وتدعو باسم الحرية والمساواة لإشاعة العلاقات الجنسية الحيوانية بدل الزواج من جهة أخرى، فتحول النساء ـ بشكل فارغ من كل إنسانية ومن كل معنى ـ من الزواج إلى دعارة عالمية معممة، حسب تعبير كارل ماركس.
ويعود كذلك إلى كارل ماركس التأكيد على أنه انطلاقا من علاقة الرجل بالمرأة، يمكن تقييم مستوى النضج الفكري للإنسان، ومدى رقي تصرفاته وميولاته الطبيعية إلى مستوى كائن اجتماعي اكتسب إنسانيته الكاملة بشكل واعي وشامل، في إطار أرقى ما أنتجته البشرية من تطور وغنى على كل المستويات.
· عودة إلى اليوم المجيد 8 مارس.
يعود الفضل في تخليد 8 مارس كيوم عالمي لتكريم المرأة وللتذكير بضرورة مواصلة النضال من أجل حقوقها، وتسليط الضوء على أوضاع النساء القانونية والمجتمعية الفعلية، وعلى حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخاصة، إلى نضالات النساء الأمريكيات العاملات بقطاع النسيج منذ سنة 1850 وللتضحيات التي بذلتها النساء منذ ذلك التاريخ؛ كما كذلك إلى المؤتمر الثاني للنساء الإشتراكيات سنة 1910 في كوبنهاغن بالدانمارك، حيث دعت المناضلة كلارا زتكين إلى الجعل من تاريخ 8 مارس كل سنة يوما عالميا يسلط الضوء من خلاله على نضالات النساء وأوضاعهن ومطالبهن؛ وهو ما لقي ترحيبا من النقابات العمالية والقوى الاشتراكية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتم تنظيم مظاهرات قوية في نفس اليوم (8 مارس) ابتداء من سنتي 1911 و1912.
وقد تفاوتت المطالب التي رفعتها تلك التظاهرات من بلد إلى آخر، ما بين المساواة التامة ما بين الرجل والمرأة ومطالب سياسية ونقابية من قبيل الحق في التصويت للنساء وحقهن في الانخراط في العمل النقابي، وباقي الحقوق الإجتماعية والنقابية التي تشترك فيها النساء مع الرجال بخصوص تحديد مدة العمل اليومية في 8 ساعات، والراحة الأسبوعية وغير ذلك من المطالب الاجتماعية والنقابية، إضافة إلى حماية الأمومة وبعض المطالب الأخرى الخاصة بالنساء.
إلى جانب ذلك، فقد جعلت نساء أوروبا من 8 مارس يوما للنضال ضد الحرب ومن أجل السلام العالمي، وقد ساعد ما كانت تشهده أروبا من نهوض للنضال النسائي في تطوير الوعي لذى النساء الروسيات اللواتي ساهمن بدورهن وبشكل قوي في انتصار الثورة الاشتراكية ببلادهن، وإعلان الحكومة الاشتراكية سنة 1921، ولأول مرة في العالم، يوم 8 مارس “يوما لحقوق النساء” وعيدا وطنيا وعطلة مؤدى عنها مما ساهم في إعطاء التقدير الواجب لتضحيات النساء في ذكرى 8 مارس والاحتفاء اللائق بهذه الذكرى عالميا على طريق مواصلة النضال التحرري من أجل كرامة النساء والرجال وإنسانيتهما الكاملة التي لن تكتسب مضمونها الحقيقي إلا من خلال المساواة التامة ما بين الجنسين.
· على سبيل الختم.
وإذ نقف إجلال وإكبارا لكافة النساء المناضلات من أجل التحرر والكرامة الإنسانية والمساواة عبر العالم، لا يفوتنا التأكيد على أن للمساهمة في التحرر النسائي العالمي مدخلا محليا وطنيا، يتمثل في استنهاض فعل الحركة النسائية التقدمية المغربية وفي تحمل مكوناتها ومناضلاتها لمسؤولياتهن التاريخية في تقوية تنظيماتهن من جهة، وفي إخراج هذه الحركة، ذات الرصيد النضالي الهام والمعتبر، من نخبويتها من جهة أخرى؛ خاصة أن مطالبها الملحة لازالت تكتسب كل الراهنية القصوى، كما أن المعنيات بها من نساء شعبنا، وخاصة العاملات والكادحات من بينهن، لم يفتأن يبرهنن يوميا عن استعدادات منقطعة النظير للنضال من أجلها، وهو ما يظهر ويتأكد من خلال نضالهن اليومي في مواجهة الحكرة والاستبداد والإستغلال، ومن أجل العيش الكريم عبر مختلف ربوع البلاد.
الدريدي الطاهر
الرباط في 8 مارس 2021