تقرير أولي حول: “انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات”
تقرير أولي حول:
“انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات”
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تهدف من خلال هذا التقرير الأولي الذي لا يدعي الشمولية والالمام التام بكل الوقائع والاحداث، رصد ومتابعة مختلف انتهاكات حقوق الانسان التي طالت حركة جيل Z والاحتجاجات المواكبة لها، دون اغفال الإشارة إلى الاعتقالات ومحاكمات الرأي التي تعرض لها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب نشرهم لتدوينات عدتها السلطات، وجاراها القضاء في ذلك، تحريضا على التظاهر أو مسا بالمؤسسات، في حين أنها تعتبر موضوعيا متابعات ومحاكمات تستهدف تجريم حرية الرأي والتعبير، وتسييج متنفس الفضاء الرقمي، بعد إغلاق الفضاء العام باتباع نفس الأساليب السلطوية، رغم النتائج العكسية التي أبانت عنها مثل هذه الأساليب. ولعل ما يجري اليوم، وقبله بالأمس، من هبات وفورات اجتماعية، لأبلغ دليل على عبثية الركون إلى المقاربة الأمنية، والجنوح المتزايد نحو استبعاد وتهميش المشاركة الشعبية الديمقراطية في رسم الاستراتيجيات وسن السياسات ووضع الخطط لما ينبغي أن يكون عليه المغرب في الحاضر والمستقبل.
لقد جرى، من الناحية المنهجية، الاعتماد في صياغة هذا التقرير بناء على ما تم تجميعه من معطيات وتوثيقه من انتهاكات وتجاوزات أثناء تعامل السلطات مع حركة “GenZ212” وعموم الاحتجاجات الجارية، إما عبر فروع الجمعية مباشرة، أو بواسطة هيئة الدفاع عن المعتقلين وملاحظة المحاكمات، وأيضا من خلال المتابعة المستمرة لما ينشر في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بعد التحقق منه.
وضع متأزم وسخط متراكم
شهد المغرب طيلة فصل الصيف، نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم والسخط المتراكم، مجموعة من الاحتجاجات والمسيرات بالأقدام، التي احتلت فيها قرى ومداشر المغرب “غير النافع” مركز الصدارة، للمطالبة بفك العزلة، وتوفير الخدمات والبنيات الأساسية. وفي مطلع شهر شتنبر وبداية الدخول الاجتماعي، انتشرت دعوات واسعة لتنفيذ احتجاج وطني أمام المستشفيات، على خلفية وفاة ثمان نساء اثناء الوضع بالمستشفى الجهوي بأكادير، واجهتها الدولة بالمنع المسبق، وأرفقته بإنزالات أمنية كثيفة أمام مجموعة من المؤسسات الصحية، بكل من طاطا، مراكش والصويرة، هذه الأخيرة التي عرفت تدخلا قمعيا مفرطا ومطاردات للمحتجين، أدت إلى اعتقال 10 من المناضلات والمناضلين، أطلق سرحهم فيما بعد.
في غضون ذلك كان الآلاف من الشباب يعدون العدة لكسر دارة الخوف والانكفاء على الذات، والصدع بحقيقة أن الدولة ومشاريعها الباذخة والمكلفة في واد، وحاجات المجتمع الأساسية والأولية في واد آخر. وكان أن عرفت العديد من المدن في بلادنا، يوم 27 شتنبر، الانطلاقة العملية لاحتجاجات حركة “جيل Z”، بمبادرة من الشباب الناشط بمواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تطبيق Discorde، التي حملت على عاتقها مواجهة الفساد والنضال ضد الحكرة والقهر الاجتماعي، ومن أجل الحق في الصحة والتعليم العمومي الجيد، والشغل والحماية والرعاية الاجتماعية، والحياة الكريمة وتحسين هذه الخدمات وتمكين عموم المواطنات والمواطنين منها.
حينما يتم الانتصار للمقاربة الأمنية
سارعت الجهات الرسمية، ضدا على التزاماتها بحكم القانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين المحلية، بما فيها الدستور الذي تؤكد ديباجته على التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وينص في بابه المتعلق بالحقوق والحريات على الحق في التظاهر السلمي، إلى العمل على وأد هذه الحركة وخنقها قبل انطلاقها، بالاعتماد على كل أشكال المنع القبلي، والتهديد والوعيد، والتعتيم والتشويه، في محاولة لتأليب الرأي العام ضدها. ولما انطلقت الاحتجاجات السلمية كما كان مبرمجا لها، لجأت السلطة بعد فشل منعها ودعايتها الاستباقية، إلى أساليب القمع والترهيب النفسي والجسدي، وممارسة الانزالات القمعية واحتلال أماكن الاحتجاج المعلنة، وممارسة الحصار ومباشرة الاعتقالات بشكل مكثف والمطاردات والتنكيل بالمحتجين والتضييق على حرية التنقل والتجوال بالنسبة للمواطنين والمواطنات.
فطيلة أيام 27 و28 و29 شتنبر 2025 كانت جميع الاحتجاجات سلمية، رغم الطابع التعسفي للتوقيفات والاعتقالات، إلا أنه مع اتساع رقعة هذه الاحتجاجات وانتقالها إلى ساحات ومناطق مختلفة في نفس المدينة، رفعت القوات العمومية من حدة وشدة تدخلاتها، عن طريق الاستعمال المفرط للقوة والضرب والرفس؛ هذا علاوة على السب والشتم والاهانات، والاستعانة أحيانا ببعض الأشخاص والمجموعات، يبدو أنها لا تنتسب لها، في ممارسة العنف.
هذا الاستعمال الكثيف للقوة أدى، في العديد من المناطق، إلى حدوث مواجهات بين القوات العمومية والمتظاهرين. ولعل ما زاد من حدة الاحتجاجات لجوء القوات العمومية إلى رشق المتظاهرين بالحجارة، كما حدث في انزكان يوم 30 شتنبر ليلا ، بدل اللجوء إلى الأساليب القانونية لفظ التظاهر، والتي يجب أن تنسجم بدورها وتتوافق مع مبدأ الضرورة والتناسب.
وقد أفضى مغالاة السلطات في الاستعمال المفرط والمتطرف للقوة إلى انتهاك الحق في الحياة والسلامة البدنية، كما هو الشأن في منطقة القليعة بإقليم إنزكان، جراء استعمال الرصاص الحي من طرف الدرك الملكي ليلة الفاتح إلى الثاني من أكتوبر نتج عنه قتل ثلاثة شباب في مقتبل العمر وجرح آخرين. كما أن التدخلات القمعية القاسية أدت إلى المس بالسلامة البدنية والأمان الشخصي لشابين بوجدة وقعا ضحية دهس من طرف سيارات خاصة بالشرطة وقوات التدخل السريع.
وفي المقابل لاحظت الجمعية أن القوات العمومية انسحبت من مواقع بعض الاحتجاجات رغم ما شابها من تصعيد. على سبيل المثال، في مدينة إنزكان، شهدت الاحتجاجات مواجهات عنيفة بين المحتجين والقوات الأمنية يوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، حيث تم رشق الحجارة وإضرام النار في بعض الممتلكات العامة. وفي مدينة سلا، تواصلت الاحتجاجات لليوم الرابع على التوالي، وأسفرت يوم الأربعاء فاتح اكتوبر 2025 عن أعمال عنف ونهب لممتلكات عامة وخاصة، بما في ذلك إحراق سيارات ومتاجر. أما في سيدي يوسف بن علي بمراكش، فقد شهدت المنطقة احتجاجات يوم فاتح أكتوبر 2025، حيث خرج الشباب للتعبير عن مطالبهم، ووجهوا بتدخل عنيف للقوات الأمنية أدى إلى اندفاع مواجهات بينها والمحتجين، نتج عنها خسائر مادية في بعض الممتلكات الخاصة. وقد تجددت المواجهات ليلة الثاني من أكتوبر إلى الثالث منه وسط إنزال لمختلف القوات العمومية تحولت معه المنطقة إلى مسرح للمطاردات بالدرجات النارية والاليات، وقد أسفرت المواجهات عن خسائر مادية واعتقالات واسعة في صفوف الشباب والقاصرين. ورغم التصعيد الذي رافق هذه الاحتجاجات، إلا أن القوات العمومية انسحبت من بعض المواقع كما حدث في سلا، مما أثار تساؤلات حول استراتيجيات التعامل مع هذه الاحتجاجات.
وتسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بناء على ما توصلت به من فروعها وما تمكنت من رصده رغم تكثم السلطات العمومية وحجرها على الحق في المعلومة، نزوع الدولة إلى موجة كثيفة من الاعتقالات.
فإذا كانت التوقيفات، التي تمت خلال الأيام الثلاثة الأولى للاحتجاجات، لم تسفر سوى عن متابعات قضائية قليلة ؛ حيث تم الإفراج عن أغلب الموقوفين، فإن السلطة لجأت إلى أساليب الاعتقال المكثف، منذ يوم 30شتنبر، وارتفعت حدة الاعتقالات أيام فاتح و2 و3 أكتوبر، واستمرت في بعض المناطق كالقليعة بإقليم انزكان، وسلا، وسيدي يوسف بن علي بمراكش إلى غاية 8 اكتوبر رغم توقف الاحتجاجات بصفة نهائية. وسجلت الجمعية أن هناك اعتقالات تمت من المنازل؛ سواء لقاصرين أو رشداء من طرف فرق عبارة عن “كومندوهات”، خاصة في حي سيدي يوسف بن علي بمراكش. وكانت بعض الاعتقالات تتم عبر اقتحام المنازل خارج الأوقات القانونية المعمول بها، وبدون إذن كتابي من طرف النيابة العامة.
الاحتجاج السلمي وحرية التعبير: الطريق الذهبي نحو الاعتقال
وفي انتظار انجاز تقرير مفصل حول الأحداث، بما فيها المتابعات القضائية، ومدى احترام شروط وركائز المحاكمة العادلة، وفي انتظار استقراء للأحكام التي بدأت تتقاطر، ومنها القاسي كالأحكام الصادرة في حق مجموعة من المعتقلين ينحدرون من خميس أيت اعميرة يوم 15 اكتوبر ، من طرف الغرفة الجنائية الإبتدائية بمحكمة الإستئناف بأكادير( حيث وزعت 162 سنة سجنا على 17 معتقلا) واخرى صادرة يوم 22اكتوبر من طرف نفس المحكمة شملت معتقلين من انزكان وتارودانت وتزنيت وأولاد تايمة ، حيث وزعت المحكمة وزعت محكمة الاستئناف بأحكام ما مجموعه 260 سنة سجنا نافذا، في حق33 معتقلا)، وقد وصلت العقوبات إلى 15 سنة في حق بعض المعتقلين و12 سنة سجنا نافذا و10 سنوات سجنا نافذة في حق البعض.
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بناء على الرصد الذي قامت به، تعرض الانتهاكات التي طالت احتجاجات حركة جيل Z كما يلي:
منذ انطلاق الاحتجاجات التي دعا لها شباب “جيل z”، كانت مقاربة الدولة محسومة مسبقا بفرضها المنع المسبق للاحتجاجات بالعديد من المدن، وهو إجراء استباقي لتبرير تدخلاتها وقمعها لاحقا.
وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العديد من الانتهاكات منذ اليوم الأول لانطلاق الاحتجاجات السلمية ويمكن اجمالها في:
- المنع لكل وقفة احتجاجية بدعوى عدم وجود ترخيص مسبق في خرق سافر لقرارات محكمة النقض التي حسمت هذه المسألة بأنّ الوقفات الاحتجاجية لا تحتاج لأي ترخيص ولا إشعار مسبق؛
- وضع مجموعة من المعتقلين بالسجون الانفرادية وعرضهم على طبيب نفساني على أنهم مرضى نفسانيين كحالة معتقل قصبة تادلة أنوار اخماموش؛
- توقيع محاضر الضابطات القضائية تحت الضغط والإكراه والعنف وانتزاع اعترافات لا أساس لها من الصحة؛
- الاتصال ببعض المدونين الداعمين لحركة “جيلZ”عبر الهاتف النقال واعتقالهم دون احترام شكليات الاستدعاءات المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية؛
- تكديس المعتقلين أثناء توقيفهم بمخافر الشرطة بشكل مختلط شباب وشابات دون احترام أدنى شروط الاعتقال وفي غياب تام للمرافق الصحية بالشكل المتطلب؛
- المنع لكل احتجاج سلمي واللجوء لاستعمال القوة؛
- تفريق الاحتجاجات حتى قبل وقوعها دون احترام المساطر القانونية الخاصة بفظ التظاهر السلمي، المنصوص عليها في ظهير الحريات العامة لسنة 1958؛
- اللجوء إلى الاعتقالات بشكل مكثف، ومنع المارة من التجوال في خرق لحرية التنقل؛
- انتشار فيديوهات رشق المحتجين بالحجارة من طرف القوات العمومية بإنزكان وللعنف ضد مواطنين مسالمين نساء وأطفالا وشيوخا في مدن مختلفة، وكما ان تصريحات أدلى بها الشباب خلال تقديم المشتبه فيهم ال 35 أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط يوم 30شتنبرعن تعرضهم لإهانات ومعاملات حاطة من الكرامة الانسانية دون تمييز بين الشباب والشابات.
- القاسم المشترك بين العديد المعتقلين المستمع إليهم حسب ما صرحوا به للنيابة العامة هو أنهم تعرضوا لعنف معنوي ونفسي فظيع تجسد في استعمال كل أنواع الاحتقار والسب والقذف بعبارات نابية مهينة وحاطة من الكرامة الانسانية من طرف أفراد القوات العمومية وخلال فترة الحراسة النظرية بمن فيهم شابة في مقتبل العمر كانت ضحية خطاب لا يمكن إلا أن يصنف ضمن أساليب التحرش الجنسي؛
- إيقاف مواطنين من أمام المحكمة فقط لأنهم حضروا من أجل متابعة أخبار زملائهم، كل هذا يؤكد بأن التغول بلغ مداه في التعاطي مع احتجاجات سلمية؛
- عدم إخبار عائلات القاصرين بالتوقيف؛
- توقيف مواطنين مع أطفالهم من ضمنهم حالة رضيع يحمله أبوه حين وضع في سيارة الشرطة، وحالة مواطن انتزع منه ابنه بالقوة وزج بالأب وحده في سيارة الشرطة؛
فإذا كانت السلطة قد قامت بإطلاق سراح أغلب المعتقلين من المحتجين ليومي 27 و28 شتنبر، فأن السلطة بدأت ابتداء من يوم 29 شتنبر تشدد من أسلوب تعاملها مع المحتجين والمحتجات من خلال الاحتفاظ بأعداد مهمة من الموقوفين/ات رهن تدابير الحراسة النظرية وبعدها الإحالة على النيابة العامة؛
- الاعتداء على حق المواطنين في الوصول إلى الخبر والحق في المعلومة من خلال اعتقال الصحفيين أو منعهم من مزاولة مهامهم؛
- بعث رسالة واضحة وشديدة اللهجة إلى الصحافة الوطنية الجادة التي تجندت لنقل الاحتجاجات الشعبية في كل المدن مع ما رافقها من عنف وقمع من طرف القوات العمومية مفادها هيمنة السردية الرسمية وطمس الحقيقة؛
- ومع ارتفاع حدة الاحتجاجات وانتقالها إلى الأوساط الشعبية وأمام الحضور الكثيف للقوات العمومية استخدمت القوات العمومية أشخاص مثلا بمراكش يركبون دراجات خصوصية، وتسخير العديد منهم لتحويل مسارات الاحتجاجات، مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين المحتجين والقوات العمومية بالعديد من المناطق خاصة بانزكان والقليعة بإقليم انزكان أيت ملول، وخميس أيت اعميرة بإقليم بيوكرى، وسيدي يوسف بن علي وتامنصورت بمراكش، وايت اورير بإقليم الحوز ومدينة سلا ووجدة.
موت ودهس: حتى لا تقبر الحقيقة
وقد تعاملت مختلف القوات العمومية من درك وقوات الدخل السريع والقوات المساعدة والشرطة بزي مدني وأشخاص مجهولي الهوية الأمنية بقسوة واستعمال مفرط وغير متناسب للقوة. وتسجل الجمعية العديد من الانتهاكات التي واكبت تلك التدخلات، منها:
- القتل باستعمال الرصاص الحي من طرف درك القليعة مما أدى إلى المس بالحق في الحياة لثلاثة شبان. وحسب ما توافر للجمعية من معطيات فإن أحدهم كان يوثق الأحداث بحكم أنه خريج معهد السينما بورززات. وقد اصيب بالرصاصة القاتلة وهو على بعد حوالي 70 مترا من مقر سرية الدرك الملكي، والثاني حسب شهادة والده وشهادات أخرى كان على بعد يفوق 80 مترا من مقر السرية، كما أصيب شبان آخرون اصابات بليغة؛
- بالنسبة لواقعة إطلاق الرصاص الحي من طرف رجال الدرك الملكي بالقليعة، وقتلهم لثلاثة مواطنين، فإنه بغض النظر عما ورد في بلاغ السيد الوكيل العام للملك بأكادير، الذي قدم رواية تبرئ رجال الدرك من خلال وضعهم في حالة الدفاع، فإن إصدار بيان قبل أي تحقيق يعد في حد ذاته تعاملا غير قانوني؛ إذ أن الواقعة تقتضي فتح بحث دقيق لمعرفة أي دور للضحايا المقتولين بالرصاص في الهجوم على مقر الدرك الملكي. فلا يكفي نشر فيديو لمحاولة اقتحام هذا المقر للقول بوجود حالة الدفاع الشرعي، بل يستدعي الأمر إبراز دور ضحايا الرصاص في هذا الهجوم وطبيعة الخطر الحال الذي كان يتهددهم، وبالتالي فبلاغ الوكيل العام لم يحترم الضوابط القانونية وتعدى على اختصاصات القضاء ويمكن أن نسجل حوله الملاحظات التالية:
- استباق نتائج البحث القضائي الذي أعلن فتحه وعرض رواية للوقائع تتضمن استنتاجات غير مدعمة بمحاضر قضائية تم فيها استماع للمشتبه فيهم وللمصرحين، خاصة أن البيان يقول بانه تم فتح بحث مباشرة بعد الأحداث.
- اسناد البحث الى نفس ضباط الشرطة القضائية الذي من المفترض أن يشملهم البحث. درك القليعة يجب ان يكون موضوع بحث وليس هو من سيقوم به.
- التساؤل حول لما لا يتم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي يتم تكليفها بالبحث فيما ينشره البعض في تدوينات فايسبوكية، بينما هنا يتعلق الأمر بالبحث في أحداث قتل بالرصاص. ويحق للقضاء المدني أن يدرج هذه القضية ضمن اختصاصه وهذا صحيح منذ أن تم الغاء المحكمة العسكرية.
- استند الوكيل العام من أجل تدعيم روايته للأحداث (نفسها التي صدرت من عمالة إنزكان)، دون أن تنتج عن بحث قضائي، معتمدا على فيديو تم تقطيع بعض أجزائه ولم يقدم الشريط كاملا.
- تصريح والد أحد الضحايا يقول إن الدرك كانوا يطلقون النار عشوائيا على المواطنين في الشارع العام وعلى بعد خمسمائة متر من مقر الدرك.
- تداول فيديو يظهر قاصرا مصابا برصاصة في ظهره، مما يضع موضع الشك رواية اقتحام الثكنة، التي من المفروض في هذه الحالة أن تصيب الرصاصة الصدر.
- حوادث القتل تستلزم التحقيق وجوبا من طرف قاضي التحقيق، وبالتالي فالوكيل العام كان عليه الا يقوم بما قام به ويلتمس فتح تحقيق من طرف قاضي التحقيق المختص طبقا للقانون.
- الدهس والتسبب في إصابات بليغة بمدينة وجدة من طرف قوات الأمن والتدخل السريع؛
- إصابات بليغة في صفوف المتظاهرين وأحيانا المارة؛
- المطاردات في الشارع العام بواسطة الدراجات النارية…
اعتقالات ومحاكمات بالجملة
كما كان متوقعا فإن تعاطي السلطات مع الاحتجاجات، ومعالجتها استنادا على مقاربة أمنية، تقوم على مفهوم الردع والقمع، ما كان لها لتنجب غير واقع يغذي القمع المادي بالقمع القانوني والمؤسساتي، وهو الأمر الذي تمثل فيما يلي:
- الاعتقالات الكثيفة بما فيها العشوائية للمئات من المواطنين ضمنهم عدد كبير من القاصرين؛
- استمرار الاعتقالات حتى بعد توقف الاحتجاجات بكل من سيدي يوسف بن علي بمراكش والقليعة بإنزكان ومكناس كمثال طيلة أيام 4، 5 و6 وإلى حدود يوم 10 أكتوبر من داخل المنازل. وتسجل الجمعية أن الاعتقالات كانت تتم بواسطة “كومندوهات” خاصة وفي أوقات غير مسموح خلالها قانونيا باللجوء للاعتقال، إذ كانت الاعتقالات تتم بين 2 صباحا و5 صباحا دون احترام لحرمة المنازل وتقديم إذن مكتوب؛
- انجاز محاضر بسرعة قياسية تمس بضمانات المحاكمة العادلة، علما أنها تضمنت تهما جنائية ثقيلة ك ” إضرام النار عمدًا في ممتلكات عامة، وخصوصًا مركبات تابعة للقوات العمومية، إلى جانب أعمال عنف وتخريب ممتلكات عامة وخاصة، نتج عنها تهديد واضح للأمن العام واستقرار المنطقة”؛ وهي التهم التي تم اعتمادها لإصدار أحكام ثقيلة وصلت الى 15 في حق معتقلين من ايت اعميرة وتزنيت وتارودات أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير.
كما أن التهم الموجهة للمحالين على الغرف الجنية التلبسية بالمحاكم الابتدائية ثقيلة بدورها، قد تصل العقوبات حسبها إلى خمس سنوات؛ وهي التهم التي يتابع بها أغلب المحتجين ابتدائيا في حالة اعتقال. وتتعلق بـ” التظاهر غير المرخص له، التجمهر غير المسلح والتجمهر المسلح، العصيان، تعييب شيء مخصص للمنفعة العامة، حيازة سلاح في ظروف من شأنها أن تشكل تهديدا لسلامة الأشخاص والأموال، المساهمة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها، إهانة عناصر القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم واستعمال العنف في حقهم، التحريض على ارتكاب جنحة التجمهر بوسطة الصياح في الأماكن العمومية، إلحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير، وحيازة سلاح في ظروف من شأنها أن تشكل تهديدا للأمن العام أو سلامة الأشخاص أو الأموال”.
ومن جهة أخرى فإن التهم الموجهة للقاصرين، وضمنهم أطفال عمرهم لا يتجاوز 14 سنة، ثقيلة. وشملت لائحة الاتهامات الموجهة للقاصرين “العصيان، التحريض على ارتكاب جنح، حيازة أسلحة، إهانة موظفين عموميين وممارسة العنف ضدهم، وتعييب ممتلكات عامة”.
- تقديم المعتقلين، بعد استنفاذ مدة الحراسة النظرية، تم عبر مجموعات أمام النيابة العامة؛ سواء لدى المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف في شروط صعبة، ذلك أن أغلب الحالات لم تتمكن من تنصيب محامي للدفاع، بل هناك حالات لم تشعر أسرهم بأمر الاعتقال.
- التحرش الجنسي بالشابات المعتقلات، خاصة في مخافر الشرطة بالرباط؛
- رفض تدوين التعرض للعنف أثناء التوقيف في المحاضر المنجزة من طرف الشرطة؛
- ملاحظة آثار الضرب على بعض المعتقلين الذين صرحوا أنهم تعرضوا للاعتداءات الجسدية أثناء التوقيف في الشارع العام؛
- القاسم المشترك بين غالبية المقدمين أمام النيابة العامة هو أنه تم تضمين المحاضر، المنجزة من طرف الشرطة القضائية، اعترافات ووقائع بشكل مفصل كالإقرار بالمشاركة في الاحتجاجات ورمي القوات العمومية بالحجارة، لم يصرحوا بها حسب ما جاء في أقوالهم أمام النيابة العامة بحضور عدد كبير من المحامين والمحاميات؛
- خرق العديد من المساطر المعمول بها، بما فيها ظروف الاستماع للقاصرين فمثلا في القنيطرة تم تضمين محضر الاستماع لطفل مزداد في ماي 2012، بأنه شارك في المظاهرات وكان يرفع الشعارات ويقوم برشق القوات العمومية بالحجارة. والأخطر من ذلك تم تضمين اعترافه أيضا بقراءة المحضر والموافقة عليه وتوقيعه علما أنه غير مؤهل قانونيا. وهذا الإجراء هو بمثابة انتهاك لاتفاقية حقوق الطفل.
- الاستماع للأحداث دون حضور ولي أمرهم في حالات الجُنح أو الجنايات، علما أنه لا يجوز ذلك حسب القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون المحلي، إلا في ظروف استثنائية يحددها القانون. يقتضي القانون أن يحضر ولي الأمر أو من يقوم مقامه لحماية حقوق القاصر وتأمين سير التحقيق دون تعريضه لأي ضرر؛
- انعدام حالات التلبس المنصوص عليها بالمادة 56 من قانون المسطرة الجنائية بخصوص المتابعات الجارية في حق أغلب المعتقلين؛
- غياب محاضر المعاينة والإيقاف المفروض إنجازها من طرف ضباط الشرطة القضائية والاعتماد فقط على تصريحات الأطقم الأمنية.
مع بدء المحاكمات يبدو أنه ليس هناك احترام للشروط وركائز المحاكمة العادلة، ومن ضمنها توكيل محام للدفاع، والتحقيق التفصيلي في التهم الموجة للمعتقل، واعتماد قرينة البراءة، واستبعاد محاضر الشرطة القضائية، وفتح التحقيقات حول مزاعم التعذيب أو المعاملة القاسية أو الحاطة من الكرامة الإنسانية، وغيرها من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
وبهذا الخصوص، تلقت الجمعية باستغراب واندهاش كبيرين السرعة القياسية في إصدار أحكام قاسية وصلت إلى 15 سنة سجنا نافذا في جنايات، واعتبرتها رسالة لترهيب المحتجين وضغطا لوقف الاحتجاجات تماشيا مع مقاربة الجهاز الأمني.
وفي إطار رصدها لمجمل المتابعات القضائية استرعى انتباه الجمعية استمرار الاعتقالات والمحاكمات، بتهم تتعلق بتدوينات وتعبيرات عن آراء مساندة لحركة جيلZ، كما هو الشأن بالنسبة للحالات الآتي ذكرها:
■ اعتقال عامل بمطبعة لا لشيء سوى أنه قام بطبع شارة دعم فلسطين وعلامة لجيلZ على قميصين، كما اعتقل الشابان اللذان كانا يرتديان القميصين؛
■ اعتقال ومحاكمة طالب بمراكش وادانته يوم 20 أكتوبر ب 8 أشهر سجنا نافذا بتهم: إهانة مؤسسات دستورية بواسطة وسائل إلكترونية، والتحريض على ارتكاب جرائم وجنح بواسطة الوسائل الإلكترونية؛
■ ادانة أستاذة بطانطان بسنتين بناء على تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم حركة جيلZ؛
■ اعتقال وادانة الصحافي محمد اليوسفي من العيون وادانته بأربعة أشهر سجنا نافذا بتهم التحريض على الاحتجاج في الوقت الذي كان يقوم بتغطية صحفية لاحتجاجات جيلZ. بالعيون؛
■ اعتقال الشاب محمد بريغ بمدينة كلميم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ونقله للبيضاء، وهو الشاب البالغ من العمر 22 سنة حاصل على الاجازة، وادانته من طرف المحكمة الابتدائية بالبيضاء يوم 16 أكتوبر ب 5 سنوات سجنا نافذا بناء على نشاطه الإلكتروني الداعم لجيلZ.
وفي خضم موجة الاعتقالات التعسفية لجأت السلطات إلى استهداف المدافعين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في محاولة لثنيهم عن القيام بما يمليه عليهم واجب الدفاع عن حقوق الإنسان ومؤازرة ضحايا الانتهاكات. فقد عمدت السلطات إلى اعتقال بعض أعضاء الجمعية وبعض الفاعلين المدنيين الآخرين ومحاكمتهم. وفيما يلي نسوق بعض النماذج على سبيل المثال لا الحصر:
- اعتقال ومتابعة سعد عبيل عضو المكتب المركزي للجمعية بسبب تواجده أمام مفوضية الأمن بالرباط للوقوف وللاستفسار عن مآل الموقوفين.
- اعتقال ومتابعة والحكم بالسجن النافذ على ثلاثة أعضاء في الجمعية ـ فرع تزنيت (محمد جاعا وخليل اد مولود وأمين حسني) وإدانتهم بخمسة أشهر سجنا نافذا جراء تعبيرهم عن تذمرهم من اعتقال الأطفال القاصرين وإعرابهم عن مساندة الموقوفين من حركة Z.
- اعتقال ومتابعة سفيان كرت، العضو النشيط في تنسيقية أكادير الكبير من أجل الحق في خدمة صحية عمومية جيدة ومجانية.
- اعتقال الشاب أنور بمدينة زاوية الشيخ، يوم 5 أكتوبر، بعدما تم استدعاؤه من طرف الدرك الملكي بواسطة الهاتف. وتم الاستماع إليه بناء على تدوينة له عبر موقع الفيسبوك، اعتبرت تحريضا على التظاهر ودعما لجيلZ، وخلال مدة الاعتقال الاحتياطي في سجن بني ملال وضع في زنزانة انفرادية خارج الضوابط القانونية. كما تمت إحالته ـ بمعية معتقل آخر ـ على طبيب نفساني. وفي جلسة 13 أكتوبر تم تمتيعه بالسراح المؤقت، ثم أدين ب4 اشهر سجنا نافذا يوم 20 أكتوبر من طرف المحكمة الابتدائية بقصبة تادلة.
كما سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التضييق الواسع على الصحافيين ومنعهم من تغطية الاحتجاجات، مما دفع النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى إصدار بيان يوم 30 شتنبر تعبر فيه عن ” ادانة تعرض صحافيين لمعاملات غير لائقة وأحيانا مهينة لهم”. هذه المعاملات مصدرها بعض رجال القوات العمومية والسلطات المحلية. كما رصدت الجمعية محاولات نزع كاميرات التصوير من صحافيين أثناء القيام بتغطية الاحتجاجات السلمية، فيما لاحظت الجمعية ممارسات ابعاد صحافيين عن ساحات الاحتجاجات وتشجيع أشخاص على التصوير الدقيق للمحتجين.
ويظهر من حجم الاعتقالات أن الدولة تعمل بكل أجهزتها التحكمية والرقابية ومختلف ادواتها القمعية على مراقبة الفضاءات العامة واغلاقها والفضاء الرقمي في محاولة لتكميم الافواه. وتسجل الجمعية أن أول إجراء فور التوقيف أثناء احتجاجات جيل زيد هو سحب الهاتف من صاحبه وبعدها الاطلاع على محتوياته دون إذن أو أمر من الجهة القانونية المخول لها قانونيا ذلك، في خرق سافر لحماية المعطيات الشخصية.
التوصيات
إن الوقوف عند بعض الانتهاكات التي عرفتها الاحتجاجات منذ يوم 27 شتنبر 2025 يدفعنا إلى التأكيد على العديد من التوصيات والمطالب، التي لشد ما دعونا لها لإقرار دولة الحق والقانون، وبناء مجتمع الديمقراطية، وتمتيع كل المواطنات والمواطنين بحقوقهم الأساسية المعترف بها كونيا. ولا بأس من التذكير بالأساسي منها هنا:
□ فتح تحقيق قضائي حر ونزيح في عملية قتل 3 مواطنين ببلدة القليعة بالرصاص الحي من طرف الدرك الملكي، وتحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية، اقرارا لقواعد العدل والانصاف ولإرساء ضمانات عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تعتبر جسيمة، مع تكليف جهة خارج الدرك الملكي بالبحث والتقصي.
□ فتح تحقيق قضائي وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، في حادث الدهس بسيارات القوات العمومية لشابين بمدينة وجدة، مما أدى إلى إصابة كل منهما بإصابات خطيرة، في مس بليغ وجسيم بسلامتهما البدنية.
□ وقف كل أشكال المقاربة القمعية والافراط المستمر في استعمال القوة، في انتهاك صارخ لمبدأ الضرورة والتناسب.
□ التأكيد على اخضاع الأجهزة الساهرة على إعمال القانون للمراقبة القضائية والبرلمانية، والحرص على احترامها ل”مبادئ الأمم المتحدة بشأن استعمال القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون” المعتمدة في شتنبر 1990، و”مدونة قواعد وسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون” الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 دجنبر 1979.
□ وضع حد للإفلات من العقاب في الجرائم والانتهاكات الصادرة على القوات العمومية، سواء أثناء فض التظاهر السلمي أو في أماكن الاحتجاز والاعتقال.
□ احترام التزامات المغرب الدولية والقانون المحلي فيما يخص الحق في التجمع والتظاهر السلمي وحرية الرأي.
□ إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وعلى رأسهم معتقلو الحراكين: حراك الريف وحركة جيلZ.
□ المطالبة باعتماد سياسة اجتماعية قادرة على ضمان الحق في الصحة والحماية الاجتماعية، والتمتع بالحق في تعليم مجاني جيد، والسكن اللائق والشغل الذي يصون الكرامة الإنسانية.
□ اعتماد سياسة اقتصادية تروم التنمية المستدامة وتقطع مع الريع والفساد، تقوم على العدالة الضريبية، وتجريم الاحتكار والمضاربات، والاغتناء غير المشروع وتضارب المصالح، وتضع حدا لزواج المال بالسلطة السياسية.
□ الإنصات لنبض الشارع ولكل الحركات الاجتماعية والاحتجاجية، والاستجابة لمطالبها العادلة والمشروعة، واستبعاد المقاربة القمعية والتسويف والترهيب، واستحضار لغة الحوار والتجاوب مع المطالب.
□ استرجاع الأموال المنهوبة وتوظيفها للنهوض بالخدمات الاجتماعية، ووضع حد للإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية وأيضا الجرائم السياسية نظرا للترابط القائم بينهما.
□ إقرار فعلي قانوني ودستوري سياسي وأخلاقي لمبدأ محاسبة ومساءلة كل من يخول له القانون صلاحية اتخاذ القرار.
□ لقد أظهرت الأحداث الأخيرة الحجم الهائل للاعتقالات في صفوف القاصرين ومتابعتهم بتهم ثقيلة، مما يبين حجم معاناة الطفولة، وإنكار حقوقها في التعليم والصحة والتعبير والترفيه، وحقها في العيش الكريم والتمتع بطفولتها. وتوصي الجمعية بضرورة جعل المصلحة الفضلى للأطفال هي الأساس، وتمكينهم من تعليم جيد منفتح، حامل لقيم الديمقراطية ولثقافة حقوق الإنسان والقيم الكونية.
وأخيرا فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترى أنه بدون إقرار حقيقي للديمقراطية في كل أبعادها والالتزام بحقوق الإنسان تشريعا وممارسة، فإن النضال والاحتجاجات والتظاهرات ضد الفساد والقهر الاجتماعي والاستبداد والتسلط ستستمر وتتواصل بأشكال مختلفة.
الرباط، في 24 أكتوبر 2025.
ملخص الاعتقالات والأحكام الصادرة حتى الآن
في إطار متابعتها للتطورات ومستجدات الاحتجاجات بما فيها الاعتقالات والتوقيفات الكبيرة لأعداد هائلة من المحتجين، وللمتابعات القضائية والاحكام الصادرة في العديد من الملفات؛ ونظرا للعدد الهائل لحجم المتابعات وتنوعها بين الجنائي والجنحي، وتلك الخاصة بالقاصرين الأحداث وبالراشدين، وبين المتابعين في حالة سراح مؤقت والمتابعين في حالة اعتقال. فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من خلال هذا التقرير الأولي ستحاول إعطاء صورة تقريبية ومعطيات مؤقته عن حجم الاعتقالات والمحاكمات والأحكام الصادرة:
بلغ مجموع الأحكام القضائية الصادرة لحدود يوم 22اكتوبر، أكثر من 240 حالة. حيث صدرت أحكام بالسجن النافذ وصلت 15 سنة، إذ تم الحكم بـ 15 سنة سجنا نافذا في حق 4، و12 في حق معتقل واحد، و10 سنوات في حق 31 معتقلًا، بالإضافة إلى 6 سنوات في حق 3 معتقلين، و5 سنوات في حق معتقلين آخرين. وهي الأحكام الصادرة من طرف الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بأكادير والتي همت معتقلين من القليعة، خميس أيت اعميرة، تزنيت وتارودانت. كما صدر حكم بالسجن خمس سنوات بحق الطالب المجاز محمد بزيغ، عقب تدوينات له على مواقع التواصل الاجتماعي، وحكم بأربع سنوات في حق معتقل واحد. كما تم الحكم بالسجن ثلاث سنوات معتقلين اثنين.
كما صدرت مئات الأحكام النافذة التي تتراوح مدتها بين سنة وثلاثة أشهر، وشملت الأحكام أيضا قاصرين بالسجن النافذ كما حدث بالحسيمة ومدن أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 330 قاصرا يتابعون قضائيا.
من جهة أخرى، تم توقيف أكثر من 2100 شاب وشابة وقاصر، حيث تم حفظ المسطرة في العديد منهم وإطلاق سراح آخرين، فيما تم تحريك المتابعة القضائية في أكثر من 1400 شخص، منهم حوالي 1000 في حالة اعتقال موزعين بين المتابعة بجنح امام المحاكم الابتدائية وآخرين بتهم جنائية محالين على محاكم الاستئناف وخاصة في مدن اكادير، سلا ومراكش، وأزيد من 500 في حالة سراح موقت. كما تم تغيير التدبير من طرف قضاة الأحداث في حق مجموعة من القاصرين بتسليمهم لأسرهم. والحكم على بعض القاصرين بالبراءة من المنسوب إليهم. مع التسجيل بكل امتعاض وقلق استمرار متابعة قاصرين قضائيا بتهم جنائية.
المكتب المركزي:
الرباط، في 24 أكتوبر 2025

