في نقد الفهم اللبرالي النخبوي للقضية النسائية
في نقد الفهم اللبرالي النخبوي للقضية النسائية
تتسم الحركة النسائية المغربية بالضعف، وذلك لأسباب عدة، نذكر منها:
– طبيعة أغلب التنظيمات النسائية النخبوية المرتبطة بقياداتها المنحدرة من البرجوازية الصغرى والمتوسطة.
– التنظيمات النسائية للأحزاب اليسارية ضعيفة لأن هذه الأحزاب ضعيفة التجدر وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين والكادحات ولأن جزءا من هذه الأحزاب يتبنى الفهم اللبرالي النخبوي للقضية النسائية.
– استقطاب النظام لعدد من قيادات الحركة النسائية في أجهزته المتخصصة في قضايا المرأة وانجازه لتحول طفيف في مدونة الأسرة.
-سيادة الفكر اللبرالي وفكر ما بعد الحداثة الذين يعزلان نضال النساء عن الصراع الطبقي في المجتمع.
– طغيان المنظمات الغير حكومية الممولة، في الغالب، إما من طرف مؤسسات امبريالية أو مؤسسات تابعة للقوى الاجتماعية-الديمقراطية التي تكرس الفهم النخبوي اللبرالي لقضية المرأة.
– رفع هذه الحركة، في الغالب، مطالب تستجيب لحاجيات وطموحات النساء البرجوازيات كالمناصفة التي تعني أن يتساوى عدد النساء والرجال في المناصب في أجهزة الدولة وفي مختلف المؤسسات التمثيلية والعمومية والخاصة وغيرها أو المساواة في الإرث. والحال أن العاملات والكادحات لا تستطعن، إلا ناذرا، الوصول إلى هذه المناصب. كما أن الأغلبية الساحقة منهن ليس لهن ما يرثن. إن ما سبق لا يعني أن هذه المطالب ليست مشروعة. إنه يعني أنها لا تمثل المطالب التي تحضى بالأولوية بالنسبة للعاملات والكادحات.
– كما أن نضال هذه الحركة يركز على الندوات وصياغة المذكرات المرفوعة للسلطات والتقارير المرفوعة للهيئات الدولية المختصة. بينما يغيب، بشكل شبه مطلق، النضال في الميدان( الوقفات والمسيرات والاعتصامات الاحتجاجية…).
– التركيز على محاربة الفكر الذكوري باعتباره المسئول الأساسي على الوضع الدوني للمرأة. وهو، في الحقيقة، التركيز على النتيجة وإغفال الأسباب العميقة التي أنتجت هذا الواقع.
وفي هذا الإطار، طرحت الأطروحات التي تبناها المؤتمر الوطني الخامس ما يلي:
“إن وضع المرأة الدوني لم يكن دائما قائما في تاريخ البشرية وهو ليس محددا بتكوين المرأة البيولوجي كما يدعي البعض. إنه نتيجة صيرورة تاريخية أدت منذ آلاف السنين إلى بروز العائلة البطريركية والدولة والملكية الخاصة والمجتمع الطبقي بشكل عام.
وقد استفادت الرأسمالية من هذا الوضع الدوني للمرأة لاستغلالها أكثر من الرجل (أجور أقل وظروف عمل أسوأ في الغالب). مما أنتج وضعا تتعرض فيه المرأة لاستغلال مزدوج، واحد في البيت وآخر في العمل.
كما أن الرأسمالية تعتبر الأعمال المنزلية وعملية إعادة إنتاج قوة العمل التي تتحمل النساء جزأها الأكبر أعمالا خاصة لا يجب أن يتحمل رأس المال أية مسؤولية فيها.
لذلك فإن نضال النساء من أجل المساواة مع الرجل على كافة المستويات مع ضمان الحقوق الخاصة للمرأة كامرأة وكأم يصب في النضال العام ضد الرأسمالية كنظام استغلالي، وتحتل النساء العاملات مقدمة هذا النضال لكونهن يعانين كنساء وكعاملات من استغلال واضطهاد هذا النظام، فلا تحرر فعلي للمرأة إلا في إطار المجتمع الاشتراكي”.
ولعل أخطر ما في التركيز على محاربة الذكورية أنها قد تصل، إلى حد، أن تعتبر أن النضال الأساسي للنساء هو ضد الرجال. وفي هذه الحالة، فإنها تصب في خطة الرأسمالية لتقسيم الطبقة العاملة وإضعاف نضالها ضد الرأسمالية وتقسيم الشعوب وإضعاف نضالها من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والاشتراكية.
إن بناء حركة نسائية قوية يتطلب مواجهة الفهم النخبوي واللبرالي لقضية المرأة والتجدر وسط العاملات والكادحات وبلورة معهن مطالبهن الخاصة وانخراطهن في النضال العام من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والاشتراكية.