من وحي الاحداث: كل المؤشرات حمراء
تنشر المندوبية السامية للتخطيط العديد من دراساتها الاقتصادية والاجتماعية وتقدم أرقاما خطيرة في دلالاتها. رغم جميع التحفظات النظرية والمنهجية على هذه الدراسات والتي تؤثر في نتائج ومستوى المؤشرات فإننا نعتبر تلك الأرقام في حد ذاتها تعري على حقيقة الأوضاع وعمق الأزمة التي يتخبط فيها الاقتصاد المغربي. كانت المؤسسات الرسمية تنشر دراساتها مع التصرف في المؤشرات وتغير وتبدل ما تراه استراتيجي لان الوضع القائم يسمح بالتمويه والتزييف والمواطن العادي لا يولي أهمية لتلك الدراسات ومؤشراتها. وحدهم المختصون المنتبهون من كان يناقش ويحتج على التلاعب في الأرقام والمعطيات. لكن بعد استفحال الأوضاع ووصولها إلى مستوى متفاقم باتت فيه الجماهير تطالب بتدخل عاجل من اجل الحصول على لقمة لمحاربة الجوع غيرت الدولة نسبيا من خطابها بما فيه بداية كشف الأرقام عن عدد الفقراء ومستويات انتشار الفقر. كان ذلك وقت انتشار وباء كورونا حيث علم المغاربة بان عدد الفقراء سيفوق 25 مليون مواطن ومواطنة لقد عرت الإحصائيات الرسمية على رأس جبل الجليد فقط حول عدد الفقراء ولم تذهب بعيدا في تسليط الضوء على الظاهرة برمتها.
منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا لا زالت الأرقام والدراسات تؤكد بأن الوضع يزداد تفاقما والمؤشرات تدخل إلى المنطقة الحمراء وأنها
مستقرة ولا ما يشير بان المغرب سيخرج من منطقة البؤس والإفلاس للأغلبية الساحقة لساكنته.
هكذا تصدر المندوبية السامية للتخطيط في شكل تحذيرات متواترة بان ” 87.3% من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة؛ بينما وجد نحو %78.8 من الأسر في الربع الأول 2022، أن الوقت غير مناسب لاقتناء السلع”. وان 85.3% من الأسر تتوقع المزيد من ارتفاع نسبة العطالة خلال ال 12 شهرا المقبلة.
منذ نهاية شهر دجنبر الماضي دخل المغرب الى سنة جديدة من الجفاف بما يعني أن الغلاء سيستمر في الأساسي من معيشة أوسع الفئات الشعبية وبما يعني من المزيد من تفاقم البطالة ليس فقط في المدن بل في البوادي وتردي الأوضاع المعيشية هناك والنزوح نحو الهجرة الى ضواحي المدن والحريك إلى الخارج. انه موسم غرار السواعد الشابة من جحيم المغرب الغير النافع الى مجاهل الموت في جوف المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط. إنها جريمة ضد الإنسانية يرتكبها نظام ضد شعبه.