كوارث التدبير المفوض جرائم دولة
كوارث التدبير المفوض جرائم دولة
كشفت التساقطات المطرية في الاشهر الاخيرة فداحة اعطاب البنية التحتية في المدن المغربية الكبرى. نجمت عنها خسائر فادحة في الارواح والممتلكات، ناهيك عن توقف الحركة الاقتصادية في العديد من الاحياء الشعبية والصناعية.
عاشت مدينة الدار البيضاء طيلة اسبوع بكامله حالة شلل في المواصلات وانقطاع التيار الكهربائي على احياء بكاملها. كما انهارت منازل فوق رؤوس قاطنيها مما تسبب في خسائر في الارواح والممتلكات. كما غرقت وحدة انتاجية مختصة في صناعة الملابس وسقط معها 29 شهيدة وشهيد في مدينة طنجة نتيجة فيضانات لم تستطع البنية التحتية ان تستوعبها؛ وبالامس غرقت مدينة تطوان تحت السيول الجارفة والأوحال بعد ان عرفت المدينة ونواحيها تساقطات مطرية عادية او متوسطة القوة.
من يتحمل مسؤولية هذه الخسائر في الارواح والممتلكات؟ عند الاجابة على هذا السؤال نجد كل الجهات تتقاذف المسؤولية لتتهرب منها وتلقيها على الغير. هذا السلوك يعتبر عاديا في دولة لا تحاسب ولا تعاقب. هذا السلوك مألوف لان الدولة تحمي المجرمين، تطلق ايديهم في اطار ” عفى الله عما سلف”.
من خلال الحالات الثلاثة المذكورة اعلاه يمكننا ان نقف على ترتيب المسؤوليات في هذه الكوارث والخسائر البشرية والمادية. سبب هذه الكوارث هو انعدام البنيات التحتية او اهتراؤها او عدم ملاءمتها للشروط الموضوعية وعدم استجابتها للالتزامات الواردة في عقود التدبير المفوض. قبل ان تكون المسؤولية ثقنية فهي سياسية. انها مسؤولية الدولة التي اختارت خوصصة المرفق العام وبيعه للقطاع الخاص وكانت كل الصفقات المبرمة عبارة عن هدايا وتمكين للشركات المفترسة من الريع والنهب. لقد فرطت الدولة في المرفق العام وتخلت عن مسؤولياتها الاساسية كحامي لمصالح الشعب. انها فرطت في هذه المرافق تجاوبا مع املاءات صندوق النقد والبنك الدوليين وحفاظا على وجود المصالح الاستعمارية الفرنسية والاسبانية. هكذا استولت ليديك على التدبير المفوض في الدار البيضاء وفيوليا وغيرهما في المدن الكبرى مثل طنجة وتطوان والرباط وفاس…
كل هذه الكوارث التي تعرض لها المغرب في مجال تسيير المدن وتدبير البنيات التحتية هو من صميم مسؤولية الدولة ولا يمكن القاؤها على غيرها لان الدولة هي من قررت الخوصصة، هي من عقدت الصفقات، وهي من اطلقت اليد لهذه الشركات المفترسة لتنهب المال العام؛ والدولة هي من عجزت او امتنعت عن المراقبة ومحاسبة هؤلاء اللصوص. التدبير المفوض في جوهره وفي شكله جريمة سياسية ارتكبتها الدولة الفاشلة.