كلمة هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية خلال وقفة اليوم الوطني للمختطف
بدعوة من هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبشاركة عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب والعديد من الهيئات الحقوقية تم تننظيم وقفة احتجاجية بالرباط، تحت شعار “من اجل الحقيقة وعدم الإفلات الإفلات من العقاب” وذلك بمناسبة اليوم الوطني للمختطف 29 أكتوبر، الذي يصادف هذه السنة الذكرى 57 لاختطاف واغتيال القائد السياسي المهدي بنبركة – 29 أكتوبر 1965- والذكرى 50 لاختطاف المناضل الحسين المنوزي 29 أكتوبر 1972.
تم خلال هذه الوقفة رفع لافتات وترديد شعارات من طرف المشارات والمشاركين عبروا من خلالها عن مواقفم وهم يحيون ذكري اليوم الوطني للمختطف لهذه السنة في ظروف تتميز بالتراجع المهول في مجال حقوق الإنسان والعودة إلى سنوات الجمر والرصاص وقمع الحريات وسن قوانين لتكميم الأفواه وعودة الاعتقالات السياسية بالجملة والأحكام الجائرة وإصدار التقارير الممخزنة التي تتلخص في إقبار ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وخصوصا ملف الاختفاء القسري. كما عبروا عن إدانتهم لعودة النظام المغربي ومؤسساته الرسمية وشبه الرسمية إلى سنوات الجمر والرصاص.
وتضمنت الوقفة كلمة كل من هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكلمة عائلة الشهيد المهدي بن بركة ألقاها الرفيق عبد الإله بنعبدالسلام.. وكلمة عائلة المختطف الحسين المنوزي التي ألقاها الدكتور عبد الكريم المنوزي.. وفي مايلي كلمة هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ألقاها المناضل شباب قاسم.
السادة والسيدات؛
واظبت هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومعها الحركة الحقوقية والديمقراطية الوطنية، منذ أكثر من عقد من الزمن، على تخليد ذكرى ضحايا الاختفاء القسري وكافة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا عبر إحياء اليوم الوطني للمختطف، يوم 29 أكتوبر من كل سنة؛ وهو اليوم الذي يصادف الاختفاء قسرا للقائد التقدمي المهدي بنبركة المختطف سنة 1965 بباريس، والمناضل الحسين المانوزي الذي اختطف سنة 1972 بتونس.
وبمناسبة هذه الوقفة الرمزية المشحونة بمشاعر ممزوجة بالخيبة والغضب، تجد هيئة المتابعة نفسها مدعوة إلى التعبير عن رفضها البات والثابت لأي مسعى يهدف إلى طي ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولملف الاختفاء القسري بالخصوص، دون الاستيفاء الكامل للحقيقة بكل أبعادها، فيما يتعلق بهذه الانتهاكات وفي غياب الكشف الكامل عن مصير كافة ضحايا الاختفاء القسري الذين لازالت حالتهم عالقة.
وهنا يتعين علينا التذكير بأنه، رغم انصرام أكثر من 16 سنة على انتهاء أشغال هيئة الانصاف والمصالحة وتقديمها لتقريرها الختامي ولتوصياتها، في 06 يناير 2006، لا زالت العديد من ملف ضحايا الاختطاف ومجهولي المصير مفتوحة لا تَحِيرُ جوابًا، كما هو الشأن بالنسبة لملفات المهدي بنبركة وعبد الحق الرويسي، وعمر الواسولي، والحسين المانوزي وعبد اللطيف زروال، وسالم عبد اللطيف ووزان قاسم ومحمد إسلامي…؛ وهي حالات ضمن أخرى لا زال الجميع لا يعرف المصائر المؤلمة لأصحابها.
الصديقات والأصدقاء؛
يتزامن احياءنا لليوم الوطني للمختطف هذه السنة وقيام الدولة المغربية بتقديم التقرير الحكومي الأولي المتعلق بإعمال الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، أمام اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري وذلك بعد تأخر الكبير، يناهز عقدا من الزمن، بدل سنتين، ومن المنتظر أن تقدم ملاحظاتها وتوصياتها الختامية؛ هذا فيما تواصل الحركة الحقوقية والديمقراطية مساعيها الرامية إلى إعمال التوصية الصادرة عن الندوة الدولية المنظمة من طرف هيئة المتابعة، أيام 20-21-22 أبريل 2018 بمراكش، الخاصة بتقييم مسار العدالة الانتقالية ببلادنا، والتي تدعو إلى إنشاء آلية وطنية لمواصلة الكشف عن الحقيقة في كافة ملفات الاختفاء القسري، لا سيما وأن الهيئات الرسمية التي عهد إليها بهذا الملف باتت عاجزة عن اجلاء الحقيقة كاملة في الملفات المصنفة “عالقة”؛ وفي الوقت الذي لم يسفر فيه لجوء عائلات الضحايا إلى القضاء عن تمكينها من حقها المشروع في “الحقيقة القضائية”، ورفع التعقيدات والعراقيل الموضوعة بشأن الملفات المعروضة عليه.
إن هيئة المتابعة لمقتنعة تمام الاقتناع بالحاجة الماسة إلى إنشاء هذه الآلية الوطنية من أجل استكمال إجلاء الحقيقة الكاملة، ومؤمنة كامل الايمان بأن تحقيق ذلك لن يكون إلا ثمرة مشاورات واسعة بين كل مكونات الطيف الحقوقي والديمقراطي الوطني، ومع القطاعات الحكومية المعنية.
الإخوة والأخوات؛
لا شك في أن تجاوز مخلفات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لن يتأتى إلا بالتوطيد المكين لمقومات دولة الحقوق والحريات؛ حيث تحترم الكرامة الإنسانية، ويسود القانون، ويقام العدل وتتحقق العدالة الاجتماعية. ولذلك فإن هيئة المتابعة وهي تعرب عن انشغالها العميق بما تشهده الأوضاع العامة للبلاد والعباد، جراء الانعكاسات الوخيمة لمخلفات جائحة “كوفيد-19” وتبعات الحرب الجارية في أوكرانيا، لا يسعها إلا أن تعبر عما يلي:
– التنفيذ الكامل لكافة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؛ سواء تلك المتعلقة بجبر الأضرار، أو بحفظ الذاكرة والتحفظ على مراكز الاعتقال السرية، او بالاعتذار الرسمي والعلني للدولة المغربية للضحايا وعائلاتهم والمجتمع برمته، أو بالإصلاحات المؤسساتية الكفيلة بإرساء ضمانات عدم التكرار، وفي مقدمتها التوصيات المتعلقة بالحكامة الأمنية، وبوضع استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب؛
– استكمال الممارسة الاتفاقية بالمصادقة على نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، وعلى البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام؛
– إرفاق مصادقة بلادنا على الاتفاقية الدولية لمناهضة الاختفاء القسري، بالإعلان عن الاعتراف باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري بتلقي وبحث البلاغات التي تتلقاها من أفراد أو بالنيابة عن أفراد مغاربة، يشتكون من وقوعهم ضحايا للاختفاء القسري، وذلك وفق المادة 31 من الاتفاقية المذكورة؛
– تصفية الأجواء الحقوقية، وإيقاف المد التراجعي الذي يعرفه مجال الحريات العامة، وخاصة في مجالات التنظيم والتجمع، وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والحق في التظاهر السلمي؛
– إطلاق سراح كافة المعتقلين، من سياسيين، وحقوقيين، وإعلاميين ومدونين، وعموم المعتقلين على خلفية الأحداث الاجتماعية…
الأصدقاء والصديقات؛
إننا في هيئة المتابعة نهيب بجميع القوى المدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية ببلادنا، بأن تلتف حول مطلب آلية وطنية للحقيقة لمواصلة الكشف عما تبقى من الحقيقة في حالات الاختفاء القسري وحالات الانتهاكات الجسيمة الأخرى العالقة، وبأن تظل متشبثة بوحدة صفها ووفية لرسالتها المتطلعة صوب بناء مجتمع ديمقراطي، ينعم فيه كافة المواطنات والمواطنين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبالمساواة التامة بين النساء والرجال.
هيئة المتابعة:
الرباط، في 29 أكتوبر 2022.