ملحمة بطولية تكتب بالدم الطاهر.. بيان الجبهة الشعبية حول معركة “طوفان الأقصى”

ملحمة بطولية تكتب بالدم الطاهر.. بيان الجبهة الشعبية حول معركة “طوفان الأقصى”

ملحمة بطولية تكتب بالدم الطاهر..
بيان سياسي هام صادر عن المكتب السياسي للجبهة الشعبية حول معركة “طوفان الأقصى”

توقّف المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أمام ملحمة “السابع من أكتوبر” البطولية التي سطرتها المقاومة الفلسطينية بعد أن أذلت جيش العدو ومرغت أنفه بالتراب، وأثبتت أنه جيش قابل للهزيمة وأن المقاتل الفلسطيني قادر على تحقيق الانتصار، وناقش تداعيات المرحلة المفصلية الجديدة بعد طوفان الأقصى، وتحديات الحرب الصهيو / إمبريالية وإشعالها حرباً هستيرية انتقامية وعبر مسلسل المجازر الدموية إلى الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاعنا الحبيب، وتدارس أبعاد هذا العدوان وكل تداعياته ونتائجه، وتحديات ومهام وأفاق المرحلة المقبلة،

وفي هذا السياق أكد المكتب السياسي على ما يلي:

أولاً/ توجيه التحية إلى الشعب الفلسطيني البطل الذي يعاند المستحيل نموذجاً في العشق الأسطوري للوطن، وبتأكيد جدارته بالحياة والكرامة والبقاء والتجذر في الأرض، في وجه الغزاة الصهاينة من حلف الناتو الاستعماري الذي يطلق قنابل الفسفور الأبيض والأسلحة المحرمة دولياً، التي تمارس الإبادة الجماعية وارتكاب المجازر بحق الآلاف من الأطفال والنساء والرجال في مشهد يندى له جبين الإنسانية وإحلال الدمار والخراب في منازل المواطنين وممتلكاتهم التي هدمها فوق رؤوسهم في سياسة ممنهجة لإبادة شعبنا في المدن والقرى والمخيّمات.

ثانياً/ تحية مجد لكل الشهداء نخبة هذا الشعب وقادته العظام ومقاوميه الصناديد وإلى أطفالنا العمالقة، جنرالات الشجاعة والأمل الكرامة والصمود والعائلات الكريمة التي ستظل خالدة في سجل التاريخ، أسماء لم ولن تمحى، والتحية إلى الجسم الطبي في المشافي، جيشنا الأبيض من رسل الإنسانية وهم يقاتلون الموت في سبيل الحياة، وإلى جنود الحقيقة النبلاء في وسائل الإعلام، العدسة التي تطارد المجرم وتسقط الأقنعة عن وجه القاتل كي يصحو ضمير البشر وتستيقظ قيم الحق والعدالة والإنسانية في هذا العالم.

ثالثاً/ تحية المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها وهي تستعيد زمام المبادرة وامتلاكها لتوقيت المعركة وطبيعة الصراع مع الاحتلال، مما أخرجها من دائرة ردة الفعل وشروط الاشتباك المفروضة عليها، ورفضت أن تبقى رهينة يوميّات العنف اليومي المتسلسل في القدس المهددة بالابتلاع والضفة المقطعة بالاستيطان وغزة المحاصرة والداخل المنهك بالجريمة المنظمة، وأمام الهجمة العنصرية الإحلالية المسعورة ، فلم يبق لشعبنا سوى المقاومة وبكافة أشكالها، فجاءت ملحمة طوفان الأقصى البطولية لتحطم النظرية الأمنية الصهيونية وأحلامه في الضم والتمدد وهزت جيشه، وفرضت معادلة جديدة، صاغتها غزة المقاومة على الدوام، حارسة الحلم ونقطة ارتكاز المقاومة ورأس حربة المشروع الوطني وموطن الفعل الأول والضمانة الحقيقية لتصويب مسار نضالنا حتى وهي في أحلك ظروفها وأعمق أزماتها.

رابعاً/ إعلان التعبئة الوطنية الشاملة لشعبنا الفلسطيني في كل مكان باعتبار أن المعركة طويلة الأمد، ومفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني، تتطلب الثبات والصمود وتصعيد الفعل المقاوم لإفشال دعوات العدو باستكمال حربه عام ١٩٤٨ وارتكابه نكبة جديدة وتهجير جديد بإطالة أمد الحرب مع استمرار ماكنة القتل والإبادة والتدمير، مع تصاعد وتيرة قصف المنازل والمؤسسات، لذلك نؤكد مرة أخرى أن هذه المعركة هي معركة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ، في غزة والضفة والقدس والجليل والنقب كما في الشتات القريب والبعيد من أجل رحيل الإحتلال، وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

خامساً/ إن هذه الملحمة البطولية التي تكتب بالدم الطاهر واللحم الحي والحلم الفلسطيني وبمآلاتها ويومياتها شكلت تهديداً وجودياً للكيان، وأحيت الأمل للفلسطينيين والعرب باستعادة مشروع تحرير فلسطين، وحطمت صورة تفوق الجيش الذي لا يقهر، وصورة جنوده السوبرمان الذين داست رقابهم أقدام المقاومة. المشهدية التي حفرت عميقاً في وجدان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، هو ما يدفعنا للتأكيد مجدداً أن لا عودة للوراء خصوصاً وأن كل المؤشرات تفيد بأن قرار الحرب على قطاع غزة كان معداً مسبقاً لدوافع صهيونية وإمبريالية للقضاء على قوة المقاومة وحسم الصراع بالمجازر والإبادة والتطهير العرقي، لتوجه المقاومة ضربة كبيرة للمشروع الاستعماري في المنطقة ولتوقف قطار التطبيع في السعودية وتعيق وصوله إلى محطات جديدة، وكشفت طبيعة الكيان المتعدد الجنسيات كأداة وظيفية استعمارية، غير مسموح بانهياره أو فتح جبهات جديدة للحرب عليه، فكان الغرب الاستعماري هو من يقود المعركة.

سادساً/ ندعو إلى مواصلة التحركات الشعبية والجماهيرية على المستويين العربي والدولي، وأن يعلو صوت أنصار القضية والأحرار من المنظمات والقوى والدول الصديقة والحليفة والأحزاب اليسارية والتقدمية العربية والدولية. لعزل هذا الكيان والمطبعين معه وطرد ممثليه وتعرية وجهه البشع، وإدانة وتوثيق جرائمه العنصرية البغيضة وداعميه فاقدو الصفة الإنسانية، والنازية الجديدة، التي تقاتل بكل ما تحتويه ترسانة الموت العنصرية الغربية، والتصدي للحملة الإعلامية غير المسبوقة التي تعمل على ترويج الرواية “الإسرائيلية” الكاذبة. كمن يقايض ذنبه النازي بفلسطين، فالإجماع العنصري هذا لم يكن مجرّد انحياز لفظي، بل واكبته حملة من القمع البوليسي، في الدول الغربية. وشراكة عملية في تنفيذ الحرب، مما يتطلب وقفاً غير مشروط لحفل الجنون الاستعماري وكسر هذا العدوان الوحشي، وكشف المجازر المرتكبة بحق شعبنا وتضميد جراحه وتعزيز صموده، بحملة دولية لتقديم المساعدات الطبية والغذائية لشعبنا في قطاع غزة.

سابعاً/ العدو يمارس القصف الجنوني لتحطيم المعنويات ولمعاقبة الحاضنة الشعبية للمقاومة وتحويل النصر إلى هزيمة، ومن أجل كسر الانتصار الذي تحقق بشعبنا وصموده وما أظهره الميدان في الفعل الفلسطيني المقاوم الذي أبدع منذ المرحلة الأولى، وأوقع خسائر عظيمة في صفوف الاحتلال، وكشف عن تقدم نوعي في بنية المقاومة وقدرتها. لدينا عظيم الثقة أن هذه المقاومة قادرة على تحقيق الانتصار، وصيانته كتعبير عن المصلحة الوطنية العليا ومن خلال استراتيجية وطنية تهدف إلى مراكمة كل إنجاز وفعل ميداني وتحويله إلى انجاز في المجال السياسي، والتركيز على أهمية الانتصار المعنوي والقدرة على الصمود والمقاومة رغم التضحيات الجسيمة، ،بما يفرض تحصين هذا الإنجاز والانتصار من أي محاولات سياسية للالتفاف عليه بعقد صفقات تنال من هذا الإنجاز، ودفع شعبنا إلى اليأس و التنازل والركوع، ولفظ الحاضنة الشعبية للمقاومة، وهو ما لم ولن يتحقق بفضل الإرادة الصلبة لشعبنا.

ثامناً/ يؤكد المكتب السياسي أن المعركة مستمرة والمقاومة مستمرة والهجوم البري سيكون هو الفيصل في صياغة التطورات القادمة، خصوصاً بعد سقوط فزاعة دولة الاحتلال التي تهشمت صورته ولن تعود كما كانت من قبل مهما فعلت من تدمير ووعيد وتهديد وانتقام، ولن تخفي حالة الهزيمة في جيشه وقيادته. فكل خطوة لجيشه على أرض غزة الملحمة والبطولة ستكون قبراً لجنده المهزوم. واستراتيجبة محور المقاومة واضحة وستكون شاملة ومن غير المسموح كسر المقاومة، والاستفراد بساحة من الساحات، ولن تفيده أساطيله وقواته المدمرة في المتوسط.

تاسعاً/ المعركة مع الاحتلال لم تنته بعد، لا صوت يعلو فوق صوت المقاومة، صوت وحدة الموقف الوطني وترجمته على الأرض، وميدانياً بالعمل المشترك، وبالخطاب الوطني الجامع والتأكيد على أن هذه المعركة معركة الشعب الفلسطيني بكل فصائله وأطيافه ومكوناته. وهذه هي حقيقة الصراع وما يتعرض له شعبنا منذ 75 عاماً” والتناقض الرئيسي هو مع الكيان الغاصب، الذي يمارس بحقنا كل اشكال الموت والطرد والترانسفير والاستيلاء على الأراضي، وإطلاق قطعان المستوطنين وقلع الأشجار، وهدم للبيوت، واعتقالات بالجملة للآلاف في سجون هذا الكيان الفاشي، حيث أن أكثر من 7000 آلاف أسير يتعرضون للتنكيل والبطش والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية والقانونية وهم ينتظرون ساعة تحريرهم جميعاً بفارغ الامل.

عاشراً وأخيراً/ العدوان مستمر والمعركة مع الاحتلال لم تنته بعد، والتحديات والمسؤوليات كبيرة، ولنخوض معركة الحرية معاً، ولننتصر معاً، مصيرنا واحد ومستقبلنا واحد، عدونا واحد، إن ما هو قادم قد يكون الأشرس، لكن إرادة النصر عظيمة، وستسقط مشروع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجميع مطالب بالانخراط بمعركة الشرف كل حسب قدرته وطاقته وظروفه.

لن يمر الغزاة
الانتصار لشعبنا ومقاومتنا وقضيتنا
المكتب السياسي
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
24 أكتوبر 2023