أوجاع غزة التي لا تنتهي
أوجاع غزة التي لا تنتهي
حمزة حماد
مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي
وعضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين
أخذت عمليات القتل والتدمير التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي اشكالا عديدة في محاربتها لحق الإنسان الفلسطيني في الحياة، على ألا يكون قادرا على إنهاء معاناته واستبداله للأدوات القتالية العدوانية المتواصلة منذ اكثر من 170 يوما على التوالي.
قصص إنسانية كثيرة تكشف حقيقة المأساة التي يعيشها هؤلاء النازحون القابضون على الجمر، ما بين القصف العنيف من وقت لآخر وحرب التجويع الممنهجة، إضافة إلى عدم توفر الأدوية لأمراض صعبة كالسرطان وهذا ما أكده عدد من المرضى يتواجدون داخل مراكز الايواء بشمال غزة، لم يحصلوا على علاجهم منذ بدء العدوان الغاشم.
نداءات دولية وأممية عديدة طالبت الاحتلال بوقف عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق شعب اعزل يبحث عن حياة يسودها الأمن والسلام والاستقرار، وهذا يتحقق بالاستجابة للحق الفلسطيني في الحرية والعودة وتقرير المصير، لا أن يتم تعميق الاحتلال أكثر فأكثر من خلال عمليات القتل والتهجير القسري وتفشي الاستيطان والحسم مع الفلسطيني بإنهاء وجوده على أرضه أمام العالم الذي منحه حق الدفاع عن نفسه بكل السُبل المتاحة والاعتراف بحقه في الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967م.
ان “جرائم الحرب” التي يقترفها الاحتلال من خلال الانتهاك الصارخ للقانون الدولي الإنساني في حرمان المدنيين أبسط حقوقهم الإنسانية مثل مواصلة الحصار والتجويع، ومنع إدخال المساعدات الغذائية والطبية، والأدوية، وتكرار اقتحام المشافي وتدمير المباني، وقصف مراكز الايواء والاعتقالات التعسفية، والاعدامات بداخلها.. تلزم الدول أن يكون لديها موقف حاسم في تجريم سلوك هذا الاحتلال وقواته الإرهابية، ومحاسبة قادته.
غير أن المفوض العام للاونروا أعلن بأن الاحتلال قد أبلغ الأمم المتحدة بأنه لن يوافق على إدخال أي قوافل غذائية تابعة للأونروا إلى شمال غزة الذي يواجه حرب التجويع، باعتبارها شريان الحياة الرئيسي للاجئ، واعتبر أن المجاعة التي صنعتها إسرائيل بحصارها وإغلاق المعابر، وقصف شاحنات المساعدات، واستهداف الشبان على نقاط وصول الشاحنات سواء (النابلسي أو الكويتي)، وقتل أعضاء اللجان التطوعية أمر شائن هدفه عرقلة المساعدة المنقذة للحياة.
فمن جديد إرهاب الاحتلال يشكل تحديا أمام عمل منظمة أممية كالأونروا هدفها إغاثة اللاجئين والنازحين، الذي ربما سيزيد من حالات الموت الجماعي لكثير من النازحين الذين ينتظرون ما يسد جوعهم وعطشهم، ويؤمن لهم مأواهم.
لذلك النازيون الجدد، هو الوصف الأنسب للعربدة والغطرسة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مجازره بحق المدنيين الجوعى والمرضى الذين يعيشون الموت البطيء ويواجهون سياسة العقاب الجماعي والانتقام الوحشي خارج نطاق الإنسانية، دون الالتفات إلى مناشداتهم وصرخاتهم المؤلمة، بل بعضهم من رحل شهيدا.. وهذا ما تبثه المشاهد عبر وسائل الإعلام التي تُظهر حجم بشاعة الجريمة.
يتحمل المجتمع الدولي الصامت وفي مقدمته الولايات المتحدة (حليف إسرائيل) المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، كما عليها الكف عن الهذيان السياسي وعن النظر إلى الأمور بعين واحدة لتبرير الأعمال الاجرامية لقوات العدو الفاشي والدفاع عنها وتسويقها على حساب أكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع يواجهون خطر الموت بأشكال مختلفة، كما أن تأييد وزير خارجيتها بلينكن وقوفها إلى جانب نتنياهو وحكومته لما يسمى القضاء على المقاومة والادعاء في الوقت نفسه حرص واشنطن على حماية المدنيين في ظل استمرار القصف من شمال القطاع حتى جنوبه ليس سوى هذيان وأكاذيب، ويكشف حقيقة التواطؤ الأمريكي.
مطلوب من كل دول العالم إدانة جريمة الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال بكل وحشية وسادية، وجرائمه ضد الإنسانية المخالفة للقانون الدولي، والضغط عليه لوقف هذا العدوان والمجازر المتواصلة بأشكال مختلفة، ومواصلة الاحتجاجات الجماهيرية الحرة رفضا للعدوان على القطاع والسياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، ومنح المؤسسات الأممية الحق في تقديم دورها على أكمل وجه تجاه النازحين خاصة في شمال القطاع دون قيود أو اتهامات وتبريرات ساذجة.
وختاما، إذا حدثت الطامة الكبرى بعدم تنفيذ ما حث عليه مجلس الأمن الدولي بضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية حينها لن يُغفر لأحد، وتصبح الإنسانية الجماعية ملطخة.