الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين
الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين جزء من نضال شعبنا من أجل التغيير الحقيقي
إن مقاربة الموضوع المطروح يتطلب أولا تحديد ما نعنيه بالتغيير الحقيقي وثانيا تحليل دور النضال من أجل الكشف عن الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين في النضال من أجل التغيير الحقيقي.
1.ماذا نعني بالتغيير الحقيقي في بلادنا؟
إن التغيير الحقيقي في بلادنا هو إنجاز مهام المرحلة الحالية من نضال شعبنا التي تتمثل في التحرر الوطني من هيمنة الامبريالية وعميلتها الكتلة الطبقة السائدة المشكلة من ملاكي الأراضي الكبار والبرجوازية الكبرى التبعية والريعية ونظامها السياسي: المخزن. فلا ديمقراطية بالنسبة للطبقات الشعبية ولا تنمية في مصلحتها في ظل هذه الهيمنة. وهذا التغيير الذي يخدم مصالح الطبقات الشعبية من عمال وفلاحين وكادحي الاحياء الشعبية والبرجوزية الصغرى وجزء من البرجوازية المتوسطة يرتكز إلىبناء نظام ديمقراطي يجسد سلطة الطبقات الشعبية، وذلك على انقاض “الديمقراطية” المخزنية، “الديمقراطية” التي تجسد دكتاتورية الكتلة الطبقية السائدة. وفي المغرب ف”الديمقراطية”هي ديمقراطية بين مكونات الكتلة الطبقيةالسائدة ودكتاتورية على الطبقات المسودة قد تمارس، بشكل ناعم كاستبداد أوعنيف أو حتى دموي كما تمثل، خصوصا في ما يسمى سنوات الرصاص، في القمع الدموي للانتفاضات الشعبية في الريف (1958-59) والدار البيضاء في 1965 و1981 والشمال ومراكش في 1984 وفاس وطنجة في 1990 وحركة 3 مارس 1973 وخلف الآلاف من الشهداء والمختطفين.
إن إنجاز مهام مرحلة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي يتطلب بناء جبهة الطبقات الشعبية وقيادتها من طرف الحزب المستقل للطبقة العاملة.
لذلك أعلن النهج الديمقراطي في مؤتمره الوطني الخامس المنعقد في 22 و23 و24 يوليو 2022عن عزمه تحمل المسئولية التاريخية لبناء هذا الحزب ووضع أسسه النظرية والسياسية والتنظيمية التي ستغتني من خلال انخراطه في نضال الطبقة العاملة وعموم الكادحين وسعيه الحثيث إلى نشر الوعي الطبقي، وخصوصا الماركسية-اللينينية، وسطهم واستقطاب طلائعهم. إن تبوأ هذا الحزب قيادة جبهة الطبقات الشعبية ليس معطى مسبق، بل إنه مرتبط بقدرته على التجذر وسط الطبقة العاملة من خلال استقطاب طلائعها الذين يلتف حولهم أغلب المناضلين العمال والمناضلات العاملات وقدرته، في لحظة معينة، على بلورة الشعار والأشكال النضالية والأساليب التنظيميةالكفيلة بتوحيد قوى الشعب وتوجيهها نحو تحقيق لأهداف المرحلة: التحرر الوطني والبناء الديمقراطي.
إن بناء جبهة الطبقات الشعبية ذات طابع استراتيجي قد يطول وقد يتطلب بناء جبهات تكتيكية واسعة تركز على العدو الاكثر شراسة والذي يقف سدا منيعا أمام أي تقدم في مسار التحرر والديمقراطية. وهذا العدو، الآن، هو المخزن، وعلى رأسه نواته الصلبة المافيا المخزنية التي تتشكل من كبار المسئولين الأمنيين والعسكريين والقضائيين والإداريين والسياسيين والدينيين وعدد من رجال الأعمال والإعلام وكبار مقاولي “المجتمع المدني” الرسمي وبعض كبار المسئولين النقابيين وغيرهم… ممن لهم نفوذ وسلطة أو قرب منها.
2. لماذا يمثل النضال من أجل الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين جزء من نضال شعبنا من أجل التغيير الحقيقي؟
إن النضال من أجل الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين يكتسي أهمية خاصة في فضح المافيا المخزنية المسئولة، بشكل مباشر من خلال مواقعها في الاجهزة القمعية العسكرية والامنية والقضائية، أو بشكل غير مباشر عبر مواقعها في مختلف المؤسسات السياسيةالمخزية( البرلمان والحكومة ومختلف المجالس…) التي قررت أو نفذت أو زكت أو سكتت عن هذه الجرائم الشنيعة المقترفة في حق مناضلي ومناضلات شعبنا.إن هذا النضال يكشف جوهر النظام المخزني كنظام دكتاتوري ويسفه مزاعمه “الديمقراطية”. وبذلك يقدم هذا النضال خدمة جليلة للنضال العام للقضاء على هذا النظام المخزني الذي يتراكم الحقد الشعبي ضده. كما أن هذا النضال يساهم في توفير شروط بناء جبهة شعبية واسعة ضده على طريق التحرر من هيمنة الكتلة الطبقية السائدة وسيدتها الامبريالية. لهذه الأسباب، عارض النظام،بل واجه بشدة، بالتسويف تارة أو الرفض المطلق تارة أخرى، مطلب الكشف عن الحقيقة في ملفات الشهداء والمختطفين، لأن ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام محاكمة المسئولين عن هذه الجرائم ضد الإنسانية وهي، في الحقيقة، محاكمة النظام المخزني من خلال محاكمة المافيا المخزنية.
ويكتسب هذا النضال راهنية وملحاحية خاصتين في الفترة الحالية من الصراع الطبقي في بلادنا حيث تتحول “الديمقراطية” المخزنية، بسرعة، من دكتاتورية ناعمة إلى تغول بوليسي وقد تكشف عن وجهها الدكتاتوري البشع كما وقع سابقا مع اشتداد وتيرة الصراع الطبقي وعجز النظام عن تلبية أبسط المطالب الشعبية. الشيء الذي يؤشر على أن ما يسمى سنوات الرصاص وما رافقها من جرائم سياسية واقتصادية وثقافية ليست، كما قد يضن البعض، وراءنا، بل هي، ربما، أمامنا، خاصة إذا لم تأخد القوى الحية العبرة وقبلت بأنصاف الحلول وبالتوافقات العرجاء وإذا لم تتوحد حول برنامج للتخلص من المخزن وتتجاوز الاشتراطات والإقصاء والتناقضات الثانوية. لذلك فإن النضال من أجل الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين يدق ناقوس الخطر ويذكرنا أن المراهنة على إصلاح المخزن مراهنة خاسرة ونشر للأوهام والانتظارية وأنه يشكل بالتالي عرقلة أمام تطور وتجذر الوعي والنضال الشعبيين الذين يمثلان الضمانة الصلبة للتغيير الحقيقي.