أشكال نضالية غير مسبوقة لعائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف
جمعية ثافرا للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف تصدر بيانا للرأي العام
يتأكد، يوما بعد يوم، بأن المندوبية العامة لإدارة السجون ماضية بشكل تصعيدي ومتهور في الإجهاز على حقوق معتقلي الحراك الشعبي بالريف ومكتسباتهم التي انتزعوها بفضل معاركهم البطولية داخل سجون الذل والعار. وذلك في موازاة تشديد الإجراءات الانتقامية الممنهجة ضدهم: الاستفزازات المستمرة، التمييز العنصري، التعذيب الجسدي والنفسي، العقاب الجماعي، تدابير تأديبية غير قانونية ومتشددة، الترحيل القسري خارج الضوابط القانونية، التعرية، الزج بالمعتقلين السياسيين في زنازين انفرادية ضيقة (الكاشو ) بدون أفرشة وأغطية، وتنعدم فيها أبسط شروط الحياة ( التهوية، ضوء الشمس).
وفِي الوقت الذي اعتبرنا فيه أن وقف الإجراءات العقابية الانتقامية في حق المعتقلين السياسيين الستة، كإخراجهم من الزنازين الانفرادية وإعادة تجميعهم بسجن رأس الماء بفاس، مقابل إيقاف المعتقلين الستة لإضرابهم عن الطعام، هو اعتراف ضمني من المسؤولين بخطئهم يفترض أن تتلوه خطوات أخرى أكثر جرأة، من قبيل تجميع كل معتقلي حراك الريف في أقرب سجن من عائلاتهم ( سجن سلوان)، وتحسين ظروفهم من حيث المأوى والتغذية التطبيب والدراسة والفسحة والزيارة والتواصل مع عائلاتهم؛ فإن المندوبية العامة لإدارة السجون أبت إلا أن تعاكس، كعادتها، أفق انتظارنا لترتد إلى ما هو أبشع من سنوات الجمر الرصاص. إذ قررت أن تجهز على المكاسب البسيطة التي ضحى من أجلها معتقلونا بحياتهم وبسلامتهم البدنية والنفسية، بدل أن تجرأ على الاستجابة لمطالبهم الملحة والبسيطة.
قامت بذلك وهي تدرك جيدا بأن معتقلينا لن يقفوا مكتوفي الإرادة أمام قراراتها المزاجية والانتقامية، ولأنها قد أحكمت حصارها عليهم وقطعت اتصالهم بعائلاتهم خلال الأيام الأخيرة، فقد نالت السبق في الإعلان عن دخول المعتقلين السياسيين الستة بسجن رأس الماء بفاس في إضراب عن الطعام، من جديد، بعد تعليقهم له لأيام معدودة. فيما دخل يومه الخميس 21 /11/2019 أربع عشرة من أصل ستة عشر من معتقلي حراك الريف بسجن طنجة 2 في إضراب جماعي عن الطعام احتجاجا على المضايقات التي يتعرضون لها وعلى عدم وفاء الإدارة السجنية بالتزاماتها معهم وتضامنا مع رفاقهم المضربين عن الطعام بسجن رأس الماء بفاس.
وككل مرة، لقد برهنت المندوبية العامة لإدارة السجون على أنها مؤسسة الإذلال والانتقام وإعادة إنتاجهما، وليست مؤسسة إعادة الإدماج، مادام أنها لا تحترم حتى قوانينها العتيقة، وترفض أن تلتزم بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتحديدا معاهدة مناهضة التعذيب والبرتوكول الاختياري المرفق بها، بجانب قواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء، مع أن الدستور المغربي يُقر في ديباجته بأن المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب تسمو على القوانين الوطنية. ومن ثم، إن معتقلي حراك الريف لا يطالبون إلا بحقوقهم التي تكفلها القوانين الوطنية والدولية، تحترم إنسانيتهم وهويتهم كمعتقلين سياسيين.
وبشأن المعاملة التفضيلية التي يتبجح التامك في بلاغاته الوقحة بأن معتقلينا يتمتعون بها ويطالبون بالمزيد منها، نتساءل عن أية معاملة تفضيلية يتحدث السيد المندوب غير المحترم؟ هل يقصد بها تشتيت أبنائنا على سجون الذل والعار الممتدة على جغرافية الوطن بعيدا عن عائلاتهم؟ هل يقصد بها صنوف التعذيب والعذاب التي ذاق ويذوق أبناؤنا بشاعتها في تلك السجون؟ هل يقصد بها التجويع والترويع الذي يتعرضون له؟ أم يقصد بها التعامل الانتقامي والعنصري الممنهج ضدهم؟ أم ماذا؟.
إن بلاغات مندوبية التامة لن تقوى على حجب واقع الفساد والعبث والتعذيب الذي يعم سجون الوطن، وقد كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن غيض من فيض ذلك الواقع. لكن عِوَض أن يسرع السيد المندوب العام لتدارك الأمر وإصلاح مندوبيته على قاعدة احترام إنسانية نزلاء المؤسسات السجنية وإحقاق حقوقهم وصيانة كرامتهم، نجده متفرغا هو وطاقمه المتسلط للتنكيل بمعتقلي حراك الريف والانتقام منهم ومن عائلاتهم ودفعهم للموت البطيء. وهو ما يجعله يغرق ويُغرق معه الدولة في جرائم الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان التي ستدفع ثمنها غاليا.
وإذ ندين تصعيد المندوبية العامة لإدارة السجون تعاملها الانتقامي والعنصري الممنهج مع معتقلي حراك الريف، وبخاصة منهم المعتقلين السياسيين الستة بسجن رأس الماء بفاس، بكيفية تجعل حياتهم في خطر، ونستهجن إمعانها في الانتقام من عائلاتهم وحرمانها من زيارة معتقليها بعد قطع مسافة طويلة وشاقة من الحسيمة إلى فاس؛ فإننا نستنكر وبشدة استمرار حملة الاختطافات والاعتقالات التعسفية والأحكام الظالمة في حق نشطاء الحراك الشعبي بالريف، كان آخرها اعتقال الطالب عبد الرحمان الدويري فجر هذا اليوم 21-11-2019، من حافلة بالناظور كانت متجهة نحو مدينة وجدة، ولا يعلم مكان وجوده لحدود كتابة البيان، إضافة إلى الحكم على الناشط عبد الحكيم أزوكاغ بشهرين سجنا نافذا، واستهداف القاصرين منهم حيث حكمت غرفة الأحداث بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة في جلستها ليوم الثلاثاء 2019/11/19 على التلميذ محمد الحدوشي (17 سنة) بأربعة أشهر سجنا نافذا.
إننا في جمعية ثافرا نحمل مؤسسات الدولة المعنية مسؤولية ما يرتكب في حق معتقلينا من جرائم وما قد يترتب عنها من مضاعفات، ونجدد العزم على المضي بعيدا في الدفاع عن معتقلينا الأبرياء وإنقاذهم من الموت الذي يبدو أن السيد المندوب غير المحترم ومن يأتمر بأوامرهم يستعجله لهم. وعليه، نوجه نداءنا إلى كل أحرار العالم، أينما وجدوا، بالعمل على فضح انتهاكات الدولة المغربية في حق معتقلينا أمام المنظمات الدولية، الحكومية وغير الحكومية، لا سيما ما تعرضوا له من تعذيب وسوء معاملة من داخل السجون المغربية وأثناء اعتقالهم أو بعدها في مخافر الشرطة. وهو نداء بالأخص إلى أبناء الريف بالشتات إلى تكثيف الجهود في هذا الاتجاه والتركيز عليه في مرافعتهم على براءة معتقلينا، خاصة وأننا فقدنا الثقة التامة في أن يأتينا خير من المؤسسات “الوطنية”.
ومن جهتنا سنعلن فِي قادم الأيام عن أشكال نضالية غير مسبوقة، وفِي انتظار ذلك ندعو من جديد كل القوى السياسية والحقوقية والمدنية والفعاليات الداعمة لمعتقلي الحراك الشعبي بالريف للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي قررت عائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف تنظيمها أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط يوم الأربعاء 2019/11/27، انطلاقا من الساعة الحادية عشرة صباحا.
عن مكتب الجمعية
بتاريخ 21/11/2019.