القضية الفلسطينية والتحرر الوطني
القضية الفلسطينية والتحرر الوطني
بعض المتمركسين حفدة باكونين ينزعون عن القضية الفلسطينية طابعها الوطني ويعتبرونها قضية بروليتاريا فلسطينية وإسرائيلية ضد برجوازيتهما. وهم يذهبون إلى أن “اسرائيل” أصبحت واقعا وقد تشكلت بنية اجتماعية هناك ولذلك يعتبرون من الخطأ اعتبار القضية الفلسطينية بقيت في نفس المستوى والوقائع قبل 1948.
ينسى دعاة الثورة البروليتاريا المشتركة بين العمال الفلسطينيين و”الإسرائيليين” أن ما حصل في فلسطين هو استعمار استيطاني من نوع لم يشهد التاريخ مثيلا له. لقد استعمرت فلسطين من طرف حركة سياسية دينية هي في الحقيقة الكتيبة المسلحة للامبريالية العالمية. كانت تبحث لها على موطأ قدم من بين مواقع مختلفة فانتهى بها الأمر إلى اختيار أرض فلسطين مستغلة الخلفية التاريخية لهذه البقعة من الكرة الأرضية. إن التواجد في فلسطين لهذه القوة هو تواجد استعماري مسنود بميزان قوة دولي لصالحه. لكن هذا الأمر ليس أمرا مفروغا منه أو هو قدر لا راد له. إنها فقط مرحلة تحكمها تناقضاتها الموضوعية والذاتية ودينامية هذه التناقضات ستسير حتما إلى تغيير موازين القوة لصالح شعب فلسطين والقضاء على الاستيطان. لذلك فهي قضية تحرر وطني من نوع جديد فيها القضايا الخاصة بشعب فلسطين والقضايا المتعلقة بالمحيط الدولي والجهوي وتناقضاته. أما الكلام عن شعب إسرائيلي فهو كلام يجانب الواقع بل هو يصب الماء في طاحونة الاستعمار الاستيطاني وهي أكبر أكذوبة عبر التاريخ. لنا في تجارب الاستيطان دروسا تبين أن الشعوب قادرة على دحر الاستعمار مهما طال أمده مثل ما حصل في الجزائر وفي إفريقيا الجنوبية. الحل التاريخي لقضية فلسطين هو القضاء على الحركة الصهيونية فوق تراب فلسطين لتهز رحالها وتبحث لها عن موقع آخر إن هي وجدته. الحل للقضية الفلسطينية هو قيام الدولة الديمقراطية العلمانية الخالية من الحركة الصهيونية وتتوحد فيها كل مكونات الشعب الفلسطيني كيف ما كانت معتقداتها.
طبعا نجاح الثورة الفلسطينية في اقامة مثل هذه الدولة هو مشروط ايضا بمهمة استكمال باقي شعوب المنطقة لمهام التحرر الوطني والقضاء على الهيمنة الامبريالية بالمنطقة. وكلما تقدمت شعوب هذه المنطقة في انجاز هذه المهام كلما توفرت الشروط الموضوعية والتاريخية لبناء المجتمع الاشتراكي المتحرر من الامبريالية. واهم الشروط الذاتية هو توفر القيادة الوطنية التي تربط جدليا بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي اي بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية تحت راية العمال والكادحين والفئات الوطنية من البرجوازية الوطنية ضد الكيان الصهيوني وضد الكمبرادور الفلسطيني وأمراء الحرب والانظمة الرجعية في المنطقة.