افتتاحية: لعقد المؤتمر الوطني الخامس النهج الديمقراطي لن يستجدي الترخيص*

افتتاحية:  لعقد المؤتمر الوطني الخامس النهج الديمقراطي لن يستجدي الترخيص*

لعقد المؤتمر الوطني الخامس النهج الديمقراطي لن يستجدي الترخيص*

منذ أكثر من سنة والنهج الديمقراطي يواجه كل صنوف التضييق على حصوله على استعمال القاعات العمومية لعقد مؤتمره الوطني الخامس. وقد تكالبت في هذا الصدد كل من السلطات الترابية المنتخبة ومصالح وزارة الداخلية المحلية بالرباط والدار البيضاء. كل هؤلاء البيروقراطيين يجتهدون في الرفض باستعمال لغة التماطل أو التنصل من مسؤولية المنع وإلقائها على جهات أخرى. في الحقيقة، هكذا تعاملت الدولة مع النهج الديمقراطي في جميع محطات مؤتمراته الوطنية وفي جميع أنشطته المحلية والجهوية والوطنية.

ففي سلوك الدولة هذا، تتضح طبيعتها الاستبدادية وحقيقة ديمقراطية الواجهة. لقد انتزع النهج الديمقراطي الحق في التواجد العلني واستطاع فرض اعتراف الدولة بوجوده القانوني نتيجة التراكمات المتوالية من التضحيات الغالية التي قدمها مناضلاته ومناضلوه الذين تعرضوا للاعتقالات والاختطافات وصدور أقسى الأحكام الجائرة في حقهم، قضوا بموجبها عشرات السنين في السجون والمنافي. لقد استطاع شعبنا فرض بعض التراجع عن تلك السياسات الظالمة واضطر النظام المستبد إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والاعتراف الجزئي بالجرائم التي ارتكبها في حق خيرة أبناء وبنات هذا الشعب. ففي هذا الإطار انتزع النهج الديمقراطي حقه في تنظيم مؤتمره الوطني الأول سنة 2004 بعد الحملة القوية التي نظمها مناضلوه ومناضلاته والمساندة الوازنة من طرف القوى التقدمية والديمقراطية الوطنية وحملة الدعم على الصعيد الدولي.

أما في هذه السنة، فقد صعّد النظام القائم من عدوانيته تجاه النهج الديمقراطي وهو تصرف وكيْل بمكيالين. ففي الوقت الذي تفتح فيه فضاءات القطاع العمومي إلى الأحزاب المخزنية وتسخر جميع إمكانيات الدولة، ويتم خرق قوانين وتعليمات قانون الطوارئ الصحي، نجد نفس السلطات والمصالح تجتهد لمنع النهج الديمقراطي من هذه الفضاءات والتذرع بقانون الطوارئ الصحي الذي أصبح نوعا من حالة الاستثناء تمارس ضد القوى المناضلة والحركات النضالية الشعبية. إن معركة النهج الديمقراطي لانتزاع حقه في استعمال القاعات العمومية لعقد مؤتمره الوطني عرت، ولا زالت تكشف طبيعة هذه الدولة البوليسية التي تتفنن في خرق القوانين التي وضعتها بنفسها، ولم يعد يهمها أمر التستر على الترامي على صلاحيات وسلطات الوزارات أو القطاعات والمؤسسات “المنتخبة”. تتدخل وزارة الداخلية في جميع الأمور”على عينك يا بنعدي”. إنها تخضع الجميع إلى التعليمات، وتسيرها بالهاتف وبالتهديد بأوخم العواقب لمن لم يمتثل للأوامر.

يسعى النظام من خلال هذه السلسلة من التعسفات إلى وضع العراقيل أمام الحزب، والتضييق على مناضلاته ومناضليه وإجبارهم على التقليص من أنشطتهم، وكبح تواصله مع أوسع جماهير شعبنا. إنها خطة محاربة الحزب وتهميشه إلى أبعد نقطة في الحياة السياسية. يسعى النظام من كل ذلك إلى جعل وجود الحزب مجرد ديكور يزين به ديمقراطية الواجهة، حتى يتمكن من استعمال هذا التواجد الهامشي والمتحكم فيه في الدعاية لدى الأوساط الخارجية ليدعي بأنه نظام ديمقراطي وأن المغرب بلد ديمقراطي يحترم التعددية.

كل هذه الحيل والسفاسف صارت مفضوحة عند مناضلات ومناضلي النهج الديمقراطي وجعلوا من تواجد حزبهم في الساحة السياسية رقما صعبا غير قابل للتدجين وهم بذلك يجسدون المقولة الخالدة وهي أن الشيوعي لا يمكنه ان يعيش خارج حاضنته الطبقية الطبقة العاملة وحلفاؤها الموثوقين الفلاحين الفقراء والمعدمين وكادحي المدن الكبيرة والصغيرة. لذلك ليس هناك من قوة مهما بلغت من الاستبداد تستطيع أن تحرم النهج الديمقراطي من هذا العمل اليومي المرتبط بهموم شعبنا. إن قدرنا هو أن نكون مثل السمكة في الماء وأن نحارب كل من تسول له نفسه حرماننا من هذا الوسط الحيوي كما فعلنا في السابق إبان سنوات ما سمي بالرصاص والجمر والتي نعتبرها لا زالت ممتدة بأساليب أكثر خسة ووقاحة.

عاش النهج الديمقراطي منظمة راسخة ومتجذرة جماهيريا تسعى لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وتحت نيران العدو الطبقي.


* كلمة العدد 467 من جريدة النهج الديمقراطي الخاص بالاسبوع من 14 الى 20 يوليوز 2022