المديونية: نتيجة للهيمنة والنهب الإمبرياليين وسلاح خطير لتأبيدهما
عبد الله الحريف عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
المديونية: نتيجة للهيمنة والنهب الإمبرياليين وسلاح خطير لتأبيدهما
1- أسباب الازمات المستدامة للمديونية العمومية في دول المحيط الرأسمالي:
1.1- إن السبب الأساسي هو التبعية الاقتصادية للإمبريالية الغربية التي يكرسها موقع الدول التابعة الضعيف في قسمة العمل على المستوى الدولي (اقتصار انتاجها على المواد الخام المعدنية والفلاحية أو النصف مصنعة، أساسا لتصديرها، وعلى المقاولة من الباطن لفائدة الشركات المتعددة الاستيطان للدول الامبريالية الغربية التي تتحكم في أسعارها). هذه التبعية التي تؤدي إلى عجز بنيوي لميزانها التجاري. مما يفرض عليها اللجوء إلى القروض بالعملة الصعبة لتمويل جزء من وارداتها.
ويتم تبرير وتأبيد هذه التبعية من خلال فرض اتفاقيات “التبادل الحر” بواسطة منظمة التجارة العالمية الذي هو، في الواقع، تبادل لا متكافئ لصالح الشركات المتعددة الاستيطان وأيضا بواسطة تدخل المؤسسات المالية الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) بذريعة إيجاد حلول لأزمة المديونية.
هذا التدخل الذي يهدف، في الحقيقة، إلى قولبة اقتصاد هذه الدول لفائدة دول المركز الرأسمالي وتوفير شروط الاستغلال المكثف لطبقاتها العاملة والهجوم على المكتسبات الاجتماعية. مما يوفر شروطا لانفجار هذه الأزمة مستقبلا، بشكل أخطر، وبالتالي تعميق التبعية للإمبريالية.
2.1 – وتساهم الطبقات السائدة التبعية في تعمق وتأبيد أزمة المديونية:
– فهي توظف تحكمها في الدولة للتقليص من الضرائب عليها والتهرب من أداء جزء منها. وبالتالي تضطر الدولة إلى الاستدانة لسد العجز البنيوي في ميزانيتها.
– وهي تهرب إلى الدول الامبريالية والجنات الضريبية جزءا مهما من مداخيل تصدير انتاج معاملها وضيعاتها ومختلف شركاتها وتحرم، بالنتيجة، الدولة من مداخيل مهمة من العملة الصعبة.
– وهي تستفيد من مداخيل السندات التي تصدرها الخزينة العامة لتمويل الدين العمومي.
3.1- وتخدم المديونية مصلحة الرأسمال المالي المهيمن عالميا. وذلك من خلال توفير فرص استثمار مربحة للرساميل الهائلة التي لا تجد لها إمكانيات الاستثمار في القطاعات الإنتاجية بسبب ضعف الطلب العام الناتج عن تدهور القدرة الشرائية للطبقات العاملة وجزء كبير من الطبقات المتوسطة، خاصة في ظل تطبيق السياسات النيو لبرالية.
والخلاصة أن المديونية سلاح خطير تستعمله الامبريالية، بشكل عام، والرأسمال المالي، بشكل خاص، والطبقات السائدة من أجل تأبيد هيمنتهم الاقتصادية على الشعوب المضطهدة ونهب خيراتها واستغلال طبقاتها العاملة وتضييق الخناق على طبقاتها الوسطى. والوصفات التي تطبخها المؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية الخاضعة للإمبريالية الغربية ليست أداة لحل أزمة المديونية، بل أداة لتأبيدها.
2- ما العمل؟
إن النضال من أجل إلغاء الديون الخارجية ضروري، لكنه غير كافي. فلكون أزمة المديونية في دول المحيط الرأسمالي مرتبطة أشد الارتباط بهيمنة الامبريالية الغربية والطبقات السائدة، فإن القضاء النهائي عليها يتطلب التحرر من هذه الهيمنة وبناء اقتصاد ممركز على الذات. والتاريخ يؤكد ذلك: فالدول التي استطاعت الإفلات من مصيدة الديون الامبريالية هي التي أنجزت ثوراتها الوطنية الديمقراطية الشعبية (روسيا والصين وفيتنام وكوبا وكوريا الشمالية)، بينما استطاعت بعض الدول، من خلال انتفاضات شعبية عارمة (المكسيك مثلا) أو تغيرات إقليمية نوعية (إلغاء مانديلا لدين ناميبيا) فرض أو الاستفادة من إلغاء ديونها، لكن لكونها لم تحقق فك الارتباط مع الامبريالية، فإنها تظل مهددة بأزمات المديونية.