من وحي الأحداث: في ذكرى معركة أنوال المجيدة
في ذكرى معركة أنوال المجيدة
يُحيي الشعب المغربي وقواه المناضلة الذكر 102 لمعركة أنوال المجيدة تلك المعركة التي خاضتها المقاومة المسلحة بقيادة محمد بن عبد الكريم والتي سجلت اكبر واهم انتصار على القوات الاستعمارية الاسبانية وسمحت بقيام أول سلطة تحررية تحت راية جمهورية الريف إلى غاية 1926.
كان لهذه التجربة التحررية اثر بالغ على أهل الريف والى يومنا هذا كما كان لها صدى كبيرا وسط حركات التحرر العالمية في ذلك الإبان وما بعده.
ولأن للمعركة التحررية اثر في وجدان أهل الريف، فإنهم حافظوا على روح العزة والنخوة الوطنيتين، ترجمت في العديد من المناسبات برفض الاستبداد والظلم الاجتماعي والطبقي الذي عممته دولة الاستقلال الشكلي، وكانت المصادمات المتعمدة من اجل اجتثاث هذه الروح والقضاء على أي اثر أو حس لهذه التجربة النضالية التي لن تنسى؛ وما لوجود ظهير العسكرة الجاري به العمل إلى اليوم إلا شاهد على هذه السياسية التصفوية.
هكذا يتجدد الظلم والاستبداد بالمنطقة بعد طحن محسن فكري الكادح ولان شعبنا في المنطقة يرفض الحكرة ومستعد للنضال من اجل الكرامة والحق في الشغل والعيش الكريم وضد كل أسباب تهميش منطقة الريف والانتقام التاريخي من ساكنتها الأبية.
حصل حينها إجماع جماهير الريف، وخرجت في مسيرات ومظاهرات سلمية رائعة شهدها العالم ونالت إعجابه. وبعد تصاعد التضامن الشعبي وانطلاق حراك شعبي بالمغرب أكثر عمقا واشمل من حركة 20 فبراير وبعد التفاف ومساندة مغاربة المهجر وبداية تعاطف شعبي في أوروبا الغربية والامريكتين، ومن اجل إجهاض هذه الحركية المناضلة سعى المخزن إلى:
– المواجهة المباشرة للمحتجين بإخراج وتسخير ميليشيات مبادرة التنمية البشرية.
كان الشعب يتساءل وبحيرة لماذا هذا الإمعان في تدشين مشاريع قيل عنها أنها تدخل ضمن خطة التنمية البشرية، كما كان يتساءل عن لماذا ضخت تلك الأموال الطائلة المستخلصة من خوصصة المؤسسات والشركات. إنها خطة تشكيل ميليشيات مدنية مستعدة كخلايا نائمة توظف عندما ترسل إليها الإشارات.
ففي الجانب الإعلامي وظفت أبواق، اتهمت الحراك ومناضليه بالخيانة والعمالة والانفصال. وهو نفس الخطاب السياسي الذي خرجت به قيادات الأحزاب الستة المكونة للمحكومة وقد أجمعت على نفس التهم، وحملت المسؤولية لجماهير الريف وبرأت ساحة الدولة من كل استحقاقات وواجبات.
لهم إذا إجماعهم، لهم قوتهم ووحدتهم، لكن للشعب وفي طليعته جماهير الريف إجماعها رغم صعوبة بناءه، لها أيضا قوتها وصلابتها وهي حتما ما ستتكسر على صخرته قوى أعداء الشعب.
إن الرجعية بمختلف أجهزتها ونظامها تمهد لمعركة ضد الشعب، إنها تمهد لمعركة الانتقام من انتصارات معركة أنوال ولذلك انتقمت من حراك الريف ومن قادته الميدانيين واستعملت ضدهم أشرس أساليب البطش قل نظيرها في ما سمي بسنوات الجمر.
ونحن نحيي هذه الذكرى المجيدة لمعركة أنوال، نجدد العزم والإصرار على المزيد من النضال من اجل إطلاق سراح قادة حراك الريف، وإطلاق الحوار العمومي حول الملف المطلبي الذي رفعته جماهير الريف، وإشراك هؤلاء القادة في تنزيله أولا بأول، وفي ذلك بداية إعادة الاعتبار لأمجاد معركة أنوال، بدل المسخ الإعلامي لأبواق المخزن في كل مناسبة من هذه الذكرى.