من وحي الأحداث: العمل النقابي مستقبلا
من وحي الأحداث:
العمل النقابي مستقبلا
بقراءة متأنية لتاريخ العمل النقابي بالمغرب، يتضح انه لم يخضع للتوجيه النقابي المنبثق من مصلحة الطبقة العاملة. حدث ذلك لسبب بسيط وهو أن هذه الأخيرة لم تمتلك لحد الساعة حزبها السياسي المستقل أي قيادتها وبوصلتها في كافة الميادين.
كل الأمراض الحالية، من تشتت ومن هيمنة بيروقراطية، ومن تعاون طبقي للبيروقراطية المتنفذة داخل القيادات النقابية، مع الرأسمال ومهادنة وانسياق في فرض السلم الاجتماعي، كل ذلك ليس إلا تجسيد لوجود قيادة سياسية متحكمة في النقابات، قيادات تعتبر الطبقة العاملة خزان القوى الضاغطة من اجل تحسين شروط التفاوض لهذه الأحزاب مع الدولة وحكوماتها.
لذلك فإن محاربة البيروقراطية، والتغلب عليها باستعمال نفس سلاحها، هو بمثابة معالجة النتائج والظواهر بدل معالجة الأسباب. ولهذا وجب أن تعي الطبقة العاملة، بأن مصلحتها تكمن في استعادة العمل النقابي المتمحور على برنامج ومصالح الطبقة العاملة أولا، ثم أن يبحث في صفوف الشغيلة المنضوية للمركزيات النقابية عن حلفاء ودعم وسند. ولكي يتحقق ذلك، على حزب الطبقة العاملة أن ينظم العمال ويؤطرهم ويرشدهم لكيفية اقتحام العمل النقابي من وجهة نظرهم ومن مصلحتهم.
إن إصلاح العمل النقابي من خلال العمل النقابي، يعتبر عملية عقيمة، أعطت كوارث، وهي تخدم المزيد من التشرذم ومن طغيان البيروقراطية والتكالب على الطبقة العاملة واستخدامها.
إن بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والنقابة المكافحة يعتبران سيرورتين مرتبطتين جدليا. فبناء الواحد في غياب الأخر انحراف أو هو فقدان للبوصلة.
إن مهمة الشيوعيين اليوم، هي بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة. وسيكون من الخطأ تحوير هذه المهمة أو خلطها ببناء نقابة جديدة خاصة بهم. لقد أصبح العمل النقابي اليوم ممنوعا عمليا، ففي العديد من الحالات تتعرض المكاتب النقابية إلى الطرد أو يسجن أعضاء منها بتهم ملفقة يتواطؤ فيها الباطرون مع مفتشي الشغل واجهزة الدولة القمعية. كما أن مهمة اقتناء المقرات للنقابات ستستقطب كل اهتمام ومجهودات والإمكانيات المادية لهؤلاء الشيوعيين، وساعتها سيغرقون في بناء النقابة وينسون الحزب. لذلك واستفادة من دروس تجربة الحركة الشيوعية التي قالت بالعمل في النقابات الصفراء وحتى الفاشية كما أوصى بذلك ديميتروف. إننا نركز العمل في امش وكدش ونعتبر ذلك من واجبات المناضلين والمناضلات الشيوعيين، وعلى الجميع التحلي بالصبر وطول النفس، ومراجعة الفهم للعمل النقابي وحتى كيفية هزم البيروقراطية، وتدقيق فهمنا للبيروقراطية نفسها. لذلك علينا ان نستوعب جيدا بأن هزم البيروقراطية، يجب أن يكون بأسلحة عمل الشيوعيين في القواعد العمالية، واستقطاب العمال للنقابة؛ ساعتها ستتغير موازين القوة داخل المركزية. إن هزم البيروقراطية سيتم باستقطاب دماء جديدة غير خاضعة للتربية النقابية المفلسة.