غزة ماضية في دفاعها عن الأرض

غزة ماضية في دفاعها عن الأرض
© UNRWA/Ashraf Amra - رجل يحمل رضيعا ويسير وسط الركام في حيه السكني المدمر في غزة.


غزة ماضية في دفاعها عن الأرض



hamza_hammad غزة ماضية في دفاعها عن الأرض
حمزة حماد
مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي

في هذا العام جاءت ذكرى يوم الأرض الخالدة في قلوب الأحرار والثوار من أبناء شعبنا الفلسطيني والعالم، والعدوان الإسرائيلي متواصل منذ أكثر من 170 يوما قدمت خلالها وجهها القبيح بارتكاب جرائم حرب غير مسبوقة أدت لرحيل أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف مصاب، مثل عمليات الإبادة الجماعية والتجويع، دون حسيب أو رقيب دولي وأممي.

رغم النداءات والقرارات الدولية التي أجمعت على أحقية شعبنا في أرضه الذي يناضل من أجلها، إلا أن السلوك والفعل الاجرامي لإسرائيل أخذ بعدا أكثر خطورة وعمقا من خلال حسم الصراع مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عبر عمليات التهجير القسري وتغلغل الاستيطان والاعدامات والاعتقالات اليومية التعسفية ونهب المقدرات والثروات الطبيعية والسيطرة على الأرض في محاولة لتصفية القضية الوطنية القائمة أساسا على فكرة البقاء والصراع الوجودي مع هذا الكيان.

يوم الأرض الفلسطيني مناسبة وطنية يُحييها شعبنا في يوم 30 مارس منذ العام 1976م، بعد أن قامت سلطات الاحتلال بسياسات إرهابية كالمصادرة والتهويد والاقتلاع التي اتخذتها نهجا وكرستها عبر خطتها في حسم الصراع وقوانين عنصرية عديدة تعزز من الاستيطان وهجرة سكان الأرض الأصليين، وهذا ما جعل الجماهير في الأراضي المحتلة تصرخ في وجه الاحتلال، الأمر الذي أدى لسقوط 6 فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.

اليوم يشبه البارحة، فالصمود الأسطوري لأبناء شعبنا بغزة في وجه هذا العدوان الهمجي والتشبث بالأرض هو تعبير عن قناعة راسخة بأن الأرض لنا والسماء لنا، كما أنه امتداد تاريخي لنضالات من سبقوا وعاشوا من أجل فلسطين، وهذا ما يحدث اليوم وشعبنا يتعرض لتغول صهيوامريكي ممنهج، كما أن تصديه أيضا لسياسات الاحتلال الفاشية يشكل ضربة قديمة جديدة لمحاولاته في اقتلاع المواطنين الأصليين من أرضهم، حيث تمكن الفلسطينيون على مدار تاريخهم الكفاحي أن يسطروا أروع ملاحم البطولة والفداء على طريق طرد العدو من أرضهم والتنعم بخيراتها، لكن الحقيقة المُرة هو أن القضية الفلسطينية تعرضت لتآمر علني وواضح بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية (الحليف الاستراتيجي لإسرائيل) الذي اعتدنا أن تمنحها دائما الضوء الأخضر لارتكاب مجازر دموية بحق المدنيين كما يجري في قطاع غزة منذ يوم 7 أكتوبر 2023م، دون الالتفات لمعاناة الفلسطينيين التي هي أساسها الاحتلال وتعميق الاحتلال.

أعتقد أن دور الشعوب الحرة والتي ما زالت تهتم بمبادئ الإنسانية هي الضمان لوقف العربدة والغطرسة الإسرائيلية في ظل التواطؤ الأمريكي وما تلقاه شعبنا من خيبات أمل جراء الموقف الذي لم يتغير على مدار تاريخ الصراع ولم ينجز الحل الدائم ومنح شعبنا الحق في الحياة والحصول على حقوقه كاملة غير قابلة للانتقاص أو التصرف، لكن نستطيع أن نقول بأن شعبنا سيبقى موحدا أمام الدموية الإسرائيلية ولن يسمح باستمرار التغول بحقه، والأمل هو العامل الوحيد في تضميد جراحه والانتصار مهما طال الزمن وهذا يتحقق بالوحدة في الدم والقرار.

ونحن نجدد تمسكنا بأرض الآباء والاجداد التي ضحى من أجلها مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى، على الاحتلال أن يدرك بأن جرائمه البشعة لن تكسر الإنسان الفلسطيني صاحب الحق، لكن ربما تقتله جسده وتبقى روحه تحلق كصقر العودة في سماء فلسطين الحرة!

وبعد مرور سنوات طويلة على احياء هذه المناسبة، مطلوب أن نعزز الصمود أكثر لضمان البقاء على الأرض وتحريرها من دنس الاحتلال وقواته الاجرامية التي رسمت صورة إسرائيل الحقيقية باعتبارها مصدرا للإرهاب والطرف المعادي لمبادئ الانسانية، ودعوة أحرار العالم للخروج في تظاهرات جماهيرية كبرى احياءا لها، وتضمين هذا الحق مؤسساتيا، إضافة للجانب الثقافي والسياسي والاجتماعي، وتفعيل دور الجاليات الفلسطينية والعربية في الساحات الأوروبية لتذكير العالم أن هناك شعبا يدفع ثمن تمسكه ودفاعه عن أرضه، إضافة لحث الموقف العربي على احترام تضحيات الفلسطينيين عبر وقف كل مشاريع التطبيع التي تمنح الاحتلال فرصة التعايش مع المجتمع والجمهور العربي.

كما أن إعادة الاعتبار لهذه الذكرى والعمل على تجسيدها يكمن بإعلان الشعب الفلسطيني عن وحدة ارادته في وجه المغتصب، بانهاء مظاهر التشظي في البيت الفلسطيني ومواصلة نضاله في إنجاز حقوقه المشروعة في الحرية والعودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.