الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالمية والأطر المجتمعية والاعلامية والحقوقية والنقابية بشأن حظر “الأونروا”
في رسالة إلى الاحزاب السياسية والبرلمانات العالمية والأطر المجتمعية والاعلامية والحقوقية والنقابية
اقرار “اسرائيل” لقانون حظر “الاونروا” اعلان حرب شاملة على الامم المتحدة وعلى اللاجئين الفلسطينيين
“دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية”: اما ان تحترم الميثاق واما طردها من الامم المتحدة
تواصلت “دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” مع عدد من قادة الاحزاب الغربية ومع برلمانيين ونشطاء سياسيين واعلاميين، وتم وضعهم في صورة القانون الاسرائيلي المتعلق بوكالة الغوث وتداعياته. ولهذه الغاية، بعثت الدائرة برسالة الى الاحزاب السياسية والبرلمانات العالمية والاطر المجتمعية والاعلامية والحقوقية والنقابية الدولية. وجاء في نص الرسالة:
في سابقة خطيرة هي الاولى من نوعها في تاريخ العلاقات الدولية، اقر البرلمان الاسرائيلي (28 تشرين الثاني) قانونا قضى بحظر نشاط احدى وكالات الامم المتحدة في اسرائيل وهي “وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (الاونروا) التي تضم اكبر عدد من الموظفين نحو 30 الف موظف، وكان البرلمان قد صوت على قانون آخر في (تموز 2024) اعتبر الاونروا “منظمة ارهابية”.
قبل التصويت على القانون الجديد بأيام، دعا مجلس الامن الدولي والامم المتحدة وعشرات الدول والمؤسسات الدولية، بما فيها دول حليفة لاسرائيل الى سحب المشروع وعدم اقراره، لما يتضمنه من مخالفات قانونية اولا ونتائج انسانية ستقود الى تضرر الملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزه، الذين يعتمدون على الاونروا كمصدر رئيسي لهم في تقديم خدمات الصحة والتعليم والاغاثة الاجتماعية. وبالرغم من ذلك اصرت اسرائيل على موقفها ومضت بهذا القانون لاقراره، غير آبهة لا بمواقف دول العالم ومنظماته ولا بنتائجه وتداعياته الانسانية..
ماذا يعني حظر نشاط وكالة الغوث في اسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزه؟
منذ تأسيسها في العام 1949 من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة بالقرار رقم 302، عملت وكالة الغوث بحرية تامة في الضفة الغربية وقطاع غزه في تقديم خدمات التعليم والصحة والاغاثة للاجئين. وبعد احتلال اسرائيل لكافة الاراضي الفلسطينية عام 1967، وقعت اتفاقية مقر مع الاونروا لتنظيم عملها ومنحها حرية الحركة والاعفاءات المطلوبة. لكن هذه الاتفاقية اصبحت بحكم الملغاة بعد اقرار القانون، ما سيحرم وكالة الغوث من حقوق وامتيازات عديدة ستمنعها من ممارسة نشاطها، ومن ضمنها:
– إلغاء كافة الامتيازات والحصانات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية الدولية، بما فيها وقف الاعفاءات الضريبية والجمركية ورفع الحماية عن موظفي ومنشآت ومركبات الاونروا وقطع الاتصال معها ومنعها من ممارسة اي نشاط في الاراضي التي تعتبرها اسرائيل “سيادية”.
– اعتبار مخيم شعفاط الكائن في مدينة القدس غير قانوني وهو يضم اكثر من مائة الف لاجئ فلسطيني، ما سيترتب عليه الاضرار بمكانة المخيم من الناحية القانونية ومن ثم التعاون بشكل متدرج مع عصابات المستوطنين المدججين بالسلاح لتهجير سكانه تمهيدا لتفكيكه.
– ستكون منشآت الاونروا في الضفة الغربية موضع استهداف من قبل جيش الاحتلال، استنادا الى قوانين اسرائيلية خاصة بما يسمى مكافحة الارهاب، وبما يفسح المجال امام استباحتها من قبل المستوطنين، الذين سبق لهم وان حاصروا مقرات للاونروا ودعوا الى احراقها..
بعيدا عن التوصيفات القانونية للخطوة الاسرائيلية التي لا تشكل انتهاكا لشروط قبول اسرائيل عضوا في الامم المتحدة فقط، بل وتتناقض مع نصوص ميثاق الامم المتحدة الذي يشكل احترامه مبدأ اساسي وشرطا لقبول العضوية خاصة ما حملته المادتان (2) و (105) اللتان نصتا على مايلي: “يقدّم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحد في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق (المادة الثانية). وان “تتمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها.. وكذلك يتمتع المندوبون عن أعضاء الأمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها استقلالهم في القيام بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة (المادة 105). ما يعني ان تسهيل عمل وكالة الغوث ومنحها المزايا والاعفاءات امر بديهي نص عليها الميثاق ولست قرارا لدولة الاحتلال حتى تقرر الغاءها ساعة تشاء..
ان القانون الاسرائيلي هو اشبه باعلان حرب حقيقية على الامم المتحدة ومختلف مؤسساتها، بعد قرار وزير الخارجية الاسرائيلي اعتبار الامين العام للامم المتحدة “شخصا غير مرغوب فيه”، اضافة الى عدد من المسؤولين الاممين، ويضع الاسرة الدولية امام تحد حقيقي يتعلق بسمعتها ومصداقيتها، لأن وكالة الغوث هي احدى المنظمات التابعة للامم المتحدة، سواء على مستوى التأسيس او البرامج والتجديد الدوري لولايتها، وبالتالي فان الدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين في هذه الحالة هو دفاع عن سمعة المنظمة الدولية..
ورغم مخاطره الكبيرة على اللاجئين والخدمات التي تقدم لهم من قبل وكالة الغوث، الا ان تأثير القانون على حق العودة سيبقى محدودا، خاصة اذا ما توافرت الارادة لدى الامم المتحدة والدول العربية على مواجهته لاسقاطه. فحق العودة لا يستمد قوته فقط من وجود وكالة الغوث، على اهمية وجود الوكالة، بل يستمده اولا من الحق الطبيعي والتاريخي للاجئين في ارضهم وان هذا الحق وكما اكدت على ذلك العديد من القرارات الدولية واقول المحاكم وفقهاء القانون الدولي لا يسقط بالتقادم مهما مرت عليه السنين، خاصة وان اصحابه من ملايين اللاجئين لا زالوا يحملون رايته، وثانيا هو حق مدعوم بالقرار الدولي رقم 194 وعشرات القرارات الدولية التي لا تمنح حقا للاجئين بقدر ما تؤكد على حق موجود ومؤكد وسابق للقرار 194.
ولأن وكالة الغوث تشكل احدى المكانات التي يتأسس عليها حق العودة، التي تشمل القرار 194 ووجود المخيمات والاهلية القانونية المتمثلة في تعريف اللاجئ، وكلها عناصر ستبقى قائمة حتى بعد صدور القانون. فان ما يطرحه القانون هو فتحه لمعركة جديدة تضاف الى سلسلة المعارك التي يخوضها الشعب الفلسطيني واحرار العالم. لأن اسرائيل، واذا كانت قادرة على ان تفرض تطبيق القانون بقوتها العسكرية والاحتلالية في الضفة الغربية وقطاع غزه، فهي غير قادرة على ذلك في اماكن تواجد اللاجئين خارج فلسطين والذي يزيد يصل عددهم الى اكثر من ستة ملايين لاجئ.
ان صمت العالم على جرائم اسرائيل وممارسة الضغوط على المحاكم الدولية وعلى الاطر القضائية الدولية جعل اسرائيل تشعر انها محمية بموجب الفيتو الامريكي ودعم الدول الغربية والاطسية لانتهاكها الدائم لميثاق الامم المتحدة ولحقوق الانسان، كل هذا شجعها على تحديها الدائم للاسرة الدولية ورفض قراراتها، بما فيها تمزيق الميثاق على منبر الامم المتحدة من قبل المندوب الاسرائيلي في شهر ايار الماضي.
فإقرار القانون، يشكل استهتارا بما تبقى من المنظومة الدولية، ولم يكن ليحصل بهذه الغطرسة لولا الدعم اللامحدود الذي تلقاه اسرائيل من الولايات المتحدة بشكل خاص، وصمت الدول الغربية، بل تواطئها في دعم افلات اسرائيل من العقاب طيلة عقود لخرقها الدائم للقرارات الدولية ولمواصلة اجرامها وحرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني..
كما أن اصرار اسرائيل على مواصلة حربها الشاملة ضد الامم المتحدة ممثلة بوكالة الغوث وبغيرها من منظمات ومؤسسات دولية، بات يستدعي ما هو اكثر من الشجب والادانة، وقد آن الاوان لتتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها وبشكل سريع لجهة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بطرد اسرائيل وفصلها من الامم المتحدة..
باسم “دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” واذ نضع بن ايديكم هذا الاستعراض حول القانون الاسرائيلي باعلان الحرب على الامم المتحدة وعلى وكالة الغوث – الاونروا، فاننا على ثقة بأن هذا التطور الخطير سيكون على جدول اعمال تحركاتكم المستقبلية في اطار فعالياتكم الرافضة لحرب الابادة التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، وباتجاه مواقف داعمة من حكوماتكم.. على طريق عزل اسرائيل واجبارها على احترام الاسرة الدولية ومواقفها المؤيدة للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والرافضة للفاشية التي تمثلها اسرائيل بدعم مباشر من الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الغربية التي ما زالت تمارس النفاق السياسي في رفضها العلني لما قامت به اسرائيل ودعمها غير المحدود لسياسات القتل الارهاب والتمرد على النظام الدولي ومرتكزاته السياسية والقانونية والحقوقية والانسانية..
“دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”
30 تشرين الاول/أكتوبر 2024