غزة: ركام الحرب.. أضرار متعددة وإعمار معطَّل

تقرير: ركام الحرب.. أضرار متعددة وإعمار معطّل
✍️ محمد أيمن المدهون
الثلاثاء 11 مارس 2025
بوابة الهدف
بعد 15 شهراً من العدوان “الإسرائيلي” وحرب الإبادة على قطاع غزة، تحولت شوارع القطاع إلى ما يشبه مدينة منكوبة، حيث غطت الأنقاض والركام الناتج عن القصف العنيف معظم المناطق السكنية، مخلفةً نحو 50 مليون طن من الركام، والذي يحمل بين طياته قصص وحكايات الفلسطينيين وشقى عمرهم الذي تحول إلى رماد.
عمد جيش الاحتلال إلى تدمير المباني السكنية والبنية التحتية المتمثلة في شبكات المياه ومياه الصرف الصحي وشبكات التيار الكهربائي، لتحويل القطاع إلى مكان غير صالح للعيش.
تقول الأمم المتحدة، إنّ هناك 170 ألف مبنى سُويت بالأرض، وهذا يعادل نحو 69 في المئة من إجمالي المباني داخل قطاع غزة، كان يعيش في هذه الوحدات أكثر من 1.8 مليون شخص، الآن جميعهم يحتاجون إلى مأوى جديد.
كما يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنّ إعادة بناء المنازل في غزة التي دمرت خلال الحرب قد تستغرق حتى عام 2040 في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، حيث تبلغ تكلفة إعادة الإعمار الإجمالية في جميع أنحاء القطاع ما يصل إلى 40 مليار دولار.
ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار تضمّن بشكل صريح بروتوكولاً إنسانياً ينص على إدخال المساعدات العاجلة والاحتياجات اللازمة لقطاع غزة، إلا أنّ جيش الاحتلال يصر على منعه دخول المعدات والآليات الأساسية التي تساعد في عمليات رفع الأنقاض وإزالة الركام.
وفي ظل هذا التأخير المتعمد، فإنّ التقديرات التي كانت تشير إلى أن غزة تحتاج بين 3 إلى 5 سنوات لرفع الأنقاض، قد ترتفع إلى 10 أو حتى 15 سنة، في ظل المماطلة “الإسرائيلية” في تنفيذ الاتفاقات وعرقلة دخول الجرافات والمعدات الثقيلة إلى القطاع.
المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، أكد أنّ الكميات الهائلة من الركام الناتجة عن العدوان تشكل عائقًا كبيرًا أمام عمليات الإيواء ومساعدة المواطنين، لافتًا إلى أنّ كميات الركام تجاوزت 50 مليون طن في محافظات القطاع.
وأوضح النبيه في حديث لـ”بوابة الهدف”، أنّ هذه الكميات الكبيرة من الركام تعيق عمليات تهيئة أماكن بديلة للإيواء للمواطنين الذين دُمرت منازلهم، لافتًا إلى أن عملية إزالة الركام تواجه العديد من العوائق، أبرزها نقص الآليات الثقيلة اللازمة.
وأشار إلى أن الاحتلال “الإسرائيلي” دمّر أكثر من 85% من الآليات الثقيلة والمتوسطة التابعة للبلديات، مما يجعلها غير قادرة حتى على فتح الشوارع المغلقة بسبب القصف.
ومن بين العوائق الأخرى التي ذكرها النبيه، عدم توفر كميات كافية من الوقود، وغياب خطة واضحة لإزالة الركام، بالإضافة إلى عدم تلبية الاحتياجات الأساسية اللازمة لهذه العملية.
وأكد أن فتح الشوارع وإزالة الركام يمكن أن يتم في فترة زمنية ليست طويلة، ولكن ذلك يتطلب خطة واضحة وتوفير جميع الاحتياجات، بما في ذلك الآليات الثقيلة والوقود والمواد والمعدات المختلفة.
وأضاف النبيه أن بلدية غزة أعدت منذ اليوم الأول للعدوان خطة للتعافي ومعالجة آثار العدوان، إلا أنّ هذه الخطة تعتمد بشكل كلي على توفير الاحتياجات التي تم إرسالها إلى المؤسسات والمنظمات الدولية، لكن لم يتم تلقي الاحتياجات اللازمة حتى الآن.
وتابع: هناك عدة جهات تعمل على إزالة الركام؛ حيث تختص البلديات بفتح الشوارع وتمهيدها، في حين تتعامل وزارة الأشغال مع جوانب أخرى من العملية، كما أنّ الدفاع المدني مختص بانتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، بالإضافة إلى ذلك، هناك تعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية المختلفة.
من جانبه، حذر الخبير البيئي سعيد العكلوك من الآثار الخطيرة الناجمة عن تراكم الركام في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنّ الركام يتكون من عدة فئات، منها بقايا المباني والمنشآت، وأشلاء الشهداء، وبقايا الصواريخ والمتفجرات، وتكدس النفايات.
أوضح العكلوك أنّ إزالة هذا الركام ستؤدي إلى انبعاث ما يقارب 630 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، مما سيكون له تأثير مباشر على طبقة الأوزون والاحتباس الحراري، مشيرًا إلى أنّ هذه التأثيرات ستستمر لعقود قادمة، وستؤثر ليس فقط على فلسطين، بل على المنطقة بأكملها.
وذكر أن تقارير صحفية، مثل تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، أشارت إلى أن الانبعاثات الكربونية في أول 60 يومًا فقط بلغت ما يقارب 281 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل حرق 185 ألف طن من الفحم الحجري.
كما لفت العكلوك إلى أنّ كل 100 متر مربع من الأبنية المدمرة ينتج عنه 1000 طن من الركام، حيث تطلق عملية إزالتها 100 طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، محذراً العكلوك من أن الغبار والرمل الناتج عن الركام يؤثر بشكل مباشر على الصحة، حيث أنّ الجسيمات الدقيقة قادرة على اختراق الجهاز التنفسي والبقاء فيه، مما يؤثر سلبًا على أصحاب الأمراض التنفسية وذوي المناعة الضعيفة.
كما أشار إلى أنّ بقايا المتفجرات، تشكل خطرًا كبيرًا على البيئة والصحة العامة، حيث أنّ هذه المواد لها فترة عمرية طويلة وستبقى في التربة لعقود، مما سيؤثر على الخزان الجوفي وينتقل إلى الإنسان عبر المياه والخضروات، وقد يؤدي على المدى البعيد إلى تشوهات الأجنة وأمراض السرطان وضعف جهاز المناعة.
محمد أيمن المدهون