الفقر بالمغرب جريمة سياسية يرتكبها النظام القائم
الفقر بالمغرب جريمة سياسية يرتكبها النظام القائم
إلى حدود الامس القريب كان عدد الفقراء من أسرار الدولة. كانت الأبحاث الميدانية تعري عن عمق الظاهرة وعن انتشارها لكنها لم تسعف أصحاب هذه الأبحاث بتقدير العدد الإجمالي للفقراء بالمغرب بلد الفلاحة والمعادن والخيرات الموجودة في باطن الأرض وعلى سطحها وفي بحارها الممتدة.
حلت جائحة كوفيد 19 وطبق قانون الطوارء الصحية وأغلقت أبواب المنازل وأزقة الأحياء الشعبية على المواطنات والمواطنين وتوقف تقريبا العجلة الاقتصادية فوجدت الدولة نفسها وجه لوجه مع حقيقة ان الجزء الأعظم من الشعب يعيش ليومه ولا يملك قوت الغد. فكانت إجراءات توزيع الدعم لإسكات المطالب وإخماد أية انتفاضة للجياع. ولان الدولة لا تملك ما يمكنها تلبية مطالب المواطنين المحتاجين اضطرت أن تكشف عن بعض الحقائق ومنها حجم المحتاجين للدعم واطلع المغاربة بان أكثر من 5 ملايين أسرة تلقت الدعم او هي تنتظره. هذا الرقم الرهيب عرى باحتشام عن حقيقة إن أكثر من 25 مليون مواطن/ة هم في حاجة ماسة لهذا الدعم. أكثر من 25 مليون هم في حالة فقر ومنهم من يوجد تحت عتبة الفقر المدقع.
هذا الرقم المهول لعدد الفقراء بالمغرب بات يحصل على ما يوضحه أكثر ويجعل منه حقيقة اجتماعية وليس تبريرا ديماغوجيا للخطاب الرسمي ليتنصل من واجبات الدولة ونظامها القائم. في إصداراتها الأخيرة تخبرنا المندوبية السامية للتخطيط بكون أكثر من 80% من المغاربة لا يدخرون. فمعلوم ان من يستطيع الادخار هو من يخصص جزء من دخله إلى التوفير ولا يصرفه في حاجاته الأساسية ومتطلبات أسرته.
إن حجم الفقر وخطورة تفشيه يعتبر نتيجة مباشرة للسياسات العمومية التي انتهجتها الدولة المغربية مند السنوات الأولى للاستقلال الشكلي. ان الفقر هو نتيجة تراكم الثروة في يد كمشة من الاحتكاريين من البرجوازية الطفيلية وكبار ملاك الأراضي وكبار موظفي الدولة مدنيين وعسكريين ومختلف مكونات المافيا المخزنية التي توظف النفوذ السياسي والجاه الاجتماعي لكي تسرق وتسطو على لقمة عيش الغالبية الساحقة من الشعب المغربي. ان هذه الشرذمة تسرق هذه الخيرات وهي تخدم مصالح الشركات الامبريالية الفرنسية وغيرها وتخدم السياسات التي تمليها عليها المؤسسات الامبريالية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي باعتبارهما مؤسسات ترعى مصالح الامبريالية وتحافظ على الشعوب تحت السيطرة حتى تسهل عملية السطو على خيرات بلدانها.
إن الفقر جريمة سياسية تقوم بها الكتلة الطبقية السائدة ويسهر عليها النظام القائم. إن الفقر حالة اجتماعية يمكن التخلص منها لما تجتمع كلمة الشعب المقهور لانتزاع حقه من اللصوص وأسيادهم.