مليونية 21 أكتوبر هدير الحق لرفض التسوية
تاج السر عثمان
مليونية 21 أكتوبر هدير الحق لرفض التسوية
انطلقت مليونية 21 أكتوبر في العاصمة والأقاليم هادرة لاسقاط الانقلاب ولرفض التسوية الهادفة لتصفية الثورة، والمطالبة بالحكم المدني، وايجاد مخرج لقتلة الشهداء، خرجت الآلاف رغم إغلاق الكبارى في العاصمة وهلع السلطة كما في حملات جمع اللساتك، ونشر قوات ضخمة للأمن، والقمع الوحشي بالرصاص الحي والقنابل الصوتية …الخ، مما أعاد السيول البشرية الي الشارع، وزخم الثورة الذي سوف يتواصل في موكب 25 أكتوبر ذكرى الانقلاب المشؤوم حتى انتزاع الحكم المدني الديمقراطي.
هذا اضافة للرفض الواسع لتدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار والإضرابات الواسعة التي شملت التجار ورجال الأعمال، رفضا للضرائب والجبايات مع تدهور الأجور، اضافة لرجوع وزير المالية جبريل بخفى حنين بعد اجتماعه بمؤسسات التمويل الدولية التي رهنت تقديم المساعدات للسودان بقيام حكومة مدنية، وجاء حديثه عن الاعتماد على الموارد الذاتية الذي يعنى المزيد من الضرائب والجبايات والاعتماد علي جيب المواطن الذي اصبح خاويا، كما في مؤشرات ميزانية 2023 التي تعتمد على مضاعفة الضرائب والجبايات كما في مضاعفة رسوم استخراج الجوازات وتجديدها.
الهدف من الضرائب بعيد عن حديث جبريل حول تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ودعم الزراعة والصناعة وتحسين الخدمات، بل جاءت الزيادات في الرسوم لتمويل سلام جوبا وفساده المعروف الذي اصبح عبئا ثقيلا علي المواطنين، وللصرف المتزايد علي الأمن والدفاع لقمع المواكب السلمية وحالة الاستعداد التي استمرت لمدة عام هزت الانقلاب وجعلت قمعه هباءً منثورا، اضافة للصرف علي جهاز الدولة المتضخم، وقوات الجنجويد، هذا وتصل ميزانية الأمن والدفاع مع شركات الجيش التى تستحوذ علي 82% من الموارد الي أكثر من 90%، مما يعتى المزيد من المعاناة للشعب والسقوط السريع للانقلاب الذي اصبحت الحياة لا تطاق تحت ظله، اضافة لتهريب ثروات البلاد الي الخارج، في حين يعيش شعبنا المسغبة والمعيشة الضنكا..
هذا اضافة لتجدد الحرب في ولاية جنوب النيل الأزرق مما أدي لمقتل أكثر من 178 شخص واصابة المئات، ونزوح الالاف من قراهم، وإعلان الحكومة حالة الطوارئ لمدة شهر، رغم الحديث عن صراع قبلي، الا أنها في الواقع تطهير عرقي وإبادة جماعية بهدف نهب الاراضي والموارد، هذا وقد حاصرت مواكب جماهير الولاية الهادرة مقرالحكومة التي حملتها المسؤولية، التي فشلت في حفظ الأمن، ولكنها تقمع بوحشية المواكب السلمية مما أدي لاستشهاد (118) شهيدا، واصابة الالاف، واعتقال وتعذب المئات منذ بداية الانقلاب، ولا بديل غير اسقاطها.
2
جاءت المواكب رافضة للتسوية التي انكرتها قوى الحرية والتغيير كما يقول المثل “الشينة منكورة”، كما في تصريحها الصحفي بتاريخ 21 أكتوبر الذي نفت فيه إنباء عن قرب التوصل لمسودة اتفاق بينها وبين المكون العسكري تشير لقرب التوقيع عليه، لكن كشفت قناة أمريكية المستور، ونقلت عن (بلومبيرغ) أنباء عن اتفاق تم بوساطة أمريكية تمنح حصانة قضائية لقادة الجيش بعد موافقتهم علي تعيين رئيس دولة غير عسكري، ورئيس وزراء يختاره المدنيون، وأن اللجنة الرباعية سهلت المحادثات مع وفد عسكري ضم البرهان وحميدتي، ويمنح الاتفاق شكلا من أشكال الاستقلال والحصانة للجيش من الملاحقة القضاية في الغاء حتى لالتزامات الوثيقة الدستورية 2019 !!، وتستند التسوية على الإعلان الدستورية للجنة التسييرية لنقابة المحامين، ودمج قوات الدعم السريع في الجيش ولفترة انتقالية لمدة عامين تنتهي بانتخابات، ومعلوم أن الإعلان الدستوري للجنة التسييرية لنقابة المحامين، يقوم علي الشراكة مع العسكر باسم المحلس الأعلى للدفاع، ويبقي علي اتفاق جوبا، ويبقي علي هيمنة العسكر علي السلطة.
3
كما جاء الاتفاق بعد ضغوط الآلية الثلاثية (الامم المتحدة، الاتحاد الافريقي، الايقاد)، كما في الآتي:
– جلوس قوى الحرية والتغيير مع العسكر في منزل السفير السعودي بتاريخ 9 يونيو 2022.
– تراجع قوى الحرية والتغيير عن شعارات “لا تفاوض ولا شراكة ولا تسوية”، وبدلا من اسقاط الانقلاب اصبحت تتحدث عن انهاء الانقلاب!!.
– لم يتراجع البرهان عن قراراته ومراسيمة بعد الانقلاب، بل راوغ باعلان انسحاب العسكر من السياسة – اصدر مرسوما بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة والدعم السريع ليكون مسؤولا عن الأمن والدفاع ، واصبح مفتوحا علي الاشراف على الخارجية وبنك السودان.
– لم يفوض شعب السودان أي جهة بقيام تسوية تهم البلاد باسرها نيابة عته ، لذا فهي تسوية من لا يملك الي من لايسنحق، كما لا تملك قوى الحرية والتغيير الحق في اعفاء قتلة الشهداء ومرتكبي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق، كما يحدث حاليا في جنوب النيل الأرزق.
– رغم قيام الورشة التى عقدتها (قحت) بدار المحامين لتقييم الفترة الانتقالية ، الا أنها لم تنعكس في أداء (قحت) التى استمرت في الشراكة والتسوية بعد الإعلان الدستوري للجنة التسييرية لنقابة المحامين التي تعيد الشراكة تحت اسم المجلس الأعلى للأمن والدفاع، كما جاء في مؤتمرها الأخير حول التسوية التى لم تخرج عن الشراكة والاعتراف باتفاق جوبا، واعتماد الإعلان الدستوري للجنة التسييرية لنقابة المحامين.، ولم يشر حتى لالغاء قرارات ومراسيم البرهان بعد انقلاب 25 أكتوبر، وضم شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية، والقصاص للشهداء.
– يستمرالتفاوض مع العسكر رغم استمرار القمع الوحشي للمواكب السلمية، وتعذيب الثوار حتى الموت كما في حالة الشاب مدثر كمال الأخير، وعدم اطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين .
كل ذلك يؤكد ضرورة مواصلة المقاومة حنى اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، فالعسكر لن يتنازل طوعا عن السلطة المتشابكة مع مصالح الرأسمالية الطفيلية العسكرية والإسلاموية والجديدة..
4
أخيرا بعد عام من الانقلاب، يستمر التراكم النضالي والمقاومة الجماهيرية للانقلاب الذي أعاد التمكين والأموال المنهوبة للفاسدين ، بمختلف الأشكال، وهذا يتطلب المزيد من التنظيم، وقيام لجان الاضراب السياسي والعصيان المدني في مجالات العمل والسكن والدراسة ،ووحدة قوي الثورة الحية لمواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها، ومواصلة مقاومة تدهور الأوضاع الاقتصادية المعيشية والأمنية، والزيادات في الأسعار، وتدهور الأجور والخدمات مع موجة الاحتجاجات والإضرابات الواسعة والمواكب والاعتصامات الجارية.
ولا شك أن هذا التراكم النضالي سوف يفضي للاضراب السياسي العام سلاح اكتوبر لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.