تطبيع النظام المغربي مع الكيان الصهيوني: السياق التاريخي، أهميته في الاستراتيجية الصهيونية، ورد فعل الشعب المغربي وقواه المناضلة
الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي
تطبيع النظام المغربي مع الكيان الصهيوني: السياق التاريخي، أهميته في الاستراتيجية الصهيونية، ورد فعل الشعب المغربي وقواه المناضلة.
في 10 دجنبر من سنة 2020، الذي يصادف تخليد العالم لليوم العالمي لحقوق الانسان، وفي تحد سافر لمشاعر وإرادة الشعب المغربي، أعلن النظام المخزني استئناف علاقاته الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني الإرهابي. وفي 22 دجنبر وقع معه اتفاقية التطبيع الخيانية معيدا للعلاقات بينهما طابعها الرسمي بعد انقطاع دام منذ إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط سنة 2000 تحت ضغط الشعب المغربي الذي خرج في مسيرة مليونية حاشدة في الرباط دعما للشعب الفلسطيني في انتفاضته الثانية في مواجهة الإرهاب الصهيوني.
والمفارقة هي انه في الوقت الذي أقدم فيه النظام على هذ الخطوة الخيانية كان العدو الصهيوني يمارس أبشع أنواع الإرهاب والقتل والاعتقالات والحصار والتجويع في حق الشعب الفلسطيني وتهويد أراضيه، وضمنها القدس، عبر سياسة التطهير العرقي والاستيطان بإصدار قانون جديد يعتبر ضم المزيد من الأراضي واجبا دستوريا.
سأحاول في هذا المقال ابراز اهم المحطات في العلاقات التاريخية بين النظام المغربي ودولة الاحتلال الصهيوني، واهمية التطبيع في الاستراتيجية الصهيونية ورد فعل الشعب المغربي وقواه الوطنية والديمقراطية تجاه هذا التطبيع.
1- العلاقات التاريخية بين النظام المخزني والكيان الصهيوني
جاء توقيع اتفاقية “التطبيع” بين النظام المغربي ودولة الكيان الصهيوني كتتويج لمسار طويل من العلاقات السرية بين الطرفين بعد الاستقلال الشكلي للمغرب في سنة 1956.
مسار اندمجت وتقوت فيه علاقات التعاون بينهما في مجالات مختلفة استنادا الى مصالحهما المشتركة.
فباستثناء الفترة الأولى للاستقلال الشكلي حيث تم حظر الأنشطة الصهيونية لتهجير اليهود المغاربة نحو فلسطين،˛ فان هذه الأنشطة عادت، وبشكل أكثر قوة وفعالية، منذ بداية الستينيات من القرن الماضي. فبعد تولي الحسن الثاني العرش وحسم القصر للسلطة السياسية لصالحه على حساب الحركة الوطنية˛ وتصفيته لجيش التحرير الوطني والمعارضة الراديكالية˛ أصبح النظام في حاجة ماسة لتكريس تلك السلطة عبر بناء وتقوية أجهزته الأمنية والمخابراتية. هنا توافقت مصالحه مع مشروع الحركة الصهيونية في تهجير اليهود المغاربة الى فلسطين. فبعد حادث غرق الباخرة “ايغوز” قرب سواحل الحسيمة بشمال البلاد والتي كانت تقل يهودا مغاربة قصد تهجيرهم نحو فلسطين (لقي 43 منهم حتفهم) تمت مفاوضات سرية بين النظام المغربي والموساد الإسرائيلي انتهت بالاتفاق على السماح بتهجيرهم مقابل 250 دولارعن كل يهودي مهجر، مقابل التزام “إسرائيل” بمساعدة النظام على تطوير أجهزته الأمنية والاستخباراتية. وهو ما تجسد فعلا في دور الموساد في بناء جهاز الاستخبارات المغربي المشهور ب”الكاب”، وتكوين عناصره ومده بالوسائل التقنية المتطورة كالمعدات الالكترونية وأجهزة الاتصالات بالإضافة إلى المعدات العسكرية للجيش المغربي. هكذا أصبح الجو مناسبا للموساد و”للوكالة اليهودية” (وهي الجهاز الصهيوني المكلف بتنظيم تهجير اليهود عبر العالم نحو فلسطين ) لتسريع وتيرة اقتلاع اليهود المغاربة من جذورهم وتهجيرهم الى فلسطين، خاصة وان عددهم في المغرب كان كبيرا مقارنة مع دول أخرى. ففي الفترة ما بين 1956 و1963 لوحدها تم تهجير حوالي 67000 منهم. وهذا دليل كاف لتبيان الدور الخطير الذي لعبه النظام المغربي في تنفيذ المشروع الاستيطاني الصهيوني بفلسطين على حساب الشعب الفلسطيني.
ومنذ ذلك الحين والعلاقات السرية بين النظام المخزني و”إسرائيل” مستمرة لم تتوقف يوما. بل تقوت اكثر على مر السنين شاملة مختلف المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، تشهد عليها الزيارات المتكررة للمسؤولين الصهاينة المجرمين للمغرب كموشي ديان وشيمون بيريز.
ولابد هنا من التذكير ببعض الخدمات البارزة التي قدمها النظام المخزني للكيان الصهيوني. بالإضافة إلى تامين وتسهيل عمليات تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين، مكن الحسن الثاني الموساد الإسرائيلي من التسجيلات الكاملة لمداولات القادة العرب في قمة الدار البيضاء في 1965، والتي احتوت على معلومات هامة حول وضعية وجاهزية الجيوش العربية للحرب، وصفها الموساد ب”الكنز الثمين” نظرا لقيمتها ودورها الحاسم في انهزام الجيوش العربية في حرب 1967 امام الجيش الإسرائيلي فيما يعرف بحرب الستة أيام أو “النكسة”. كما أنه لعب دور الوسيط في الإعداد لعقد اتفاقية “كامب ديفد” الخيانية بين نظام أنور السادات وإسرائيل في 1979، واتفاقية أوسلو الانهزامية في 1993، التي استغلها النظام لإقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل بفتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط في 1994، لكنه اضطر إلى إغلاقه بعد خروج الشعب المغربي في مسيرة مليونية في شوارع العاصمة الرباط دعما للانتفاضة الفلسطينية الثانية ورفضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.
وفي مقابل هذه الخدمات الجليلة وغيرها استفاد النظام من الدعم الصهيوني والامبريالي على الأصعدة السياسية والأمنية والدبلوماسية في المحافل الدولية بخصوص ملف الصحراء والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ومن ابرز مظاهر هذا الدعم مساهمة ودعم الموساد للمخابرات المغربية في اختطاف واغتيال الزعيم الوطني والاممي الشهيد المهدي بنبركة في 29 أكتوبر 1965 بفرنسا، ومده بالمعلومات الأمنية والوسائل الأمنية اللوجستيكية مثل منظومة “بيكاسوس” للتجسس على المعارضين والصحفيين وغيرهم داخل المغرب وخارجه.
2-أهمية التطبيع في الاستراتيجية الصهيونية:
شكلت مسالة “الاعتراف” بالمشروع الصهيوني أحد أحجار الزاوية في استراتيجية الحركة الصهيونية واسرائيل˛ لما لها من أهمية في فرض مشروعها السياسي ليس في فلسطين فقط، بفرض كيانها الاستعماري الاستيطاني على حساب الشعب الفلسطيني وتكريسه كواقع قائم ومعترف به˛ بل في المنطقة العربية والمغاربية كقوة سياسية واقتصادية فاعلة ومؤثرة في الأحداث تحظى بالشرعية الدولية بما فيها اعتراف الدول العربية بها.
وتشتغل الحركة الصهيونية˛ في سبيل اختراق المنطقة العربية والمغاربية وتكريس وجودها وكسب الاعتراف بها˛ وفق استراتيجية مدروسة ومتدرجة، متنوعة الواجهات والوسائل السياسية والأمنية والاقتصادية والإيديولوجية والإعلامية˛ لا تظهر دائما بوجهها المباشر، بل قد يتم تصريفها بطرق غير مباشرة كدور التغطية الذي تقوم به بعض الشركات الأمريكية والأوربية للرأسمال والبضائع الإسرائيلية لاختراق أسواق المنطقة˛ والاتفاقيات والعلاقات السرية مع الأنظمة العربية الرجعية˛ والتسرب عبر بعض جمعيات المجتمع المدني وخصوصا المشتغلة في مجال الحقوق الدينية والاثنية والثقافية لتفجير التناقضات والصراعات وسط شعوب المنطقة في افق تقسيمها وتكريس واقع التخلف وسطها ومنعها من امتلاك أسباب التحرر والتقدم المجتمعي.
ويشكل التطبيع احد الوسائل السياسية الأساسية لتحقيق أهداف المشروع الصهيوني المتمثلة أساسا في تكريس وجود دولة إسرائيل عبر تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها كقضية تحرر وطني لشعب اغتصبت أرضه وتم تشريده، والاعتراف بإسرائيل رسميا من طرف الدول العربية كدولة لها شرعية، وكسر طوق العزلة والمقاطعة العربية عنها ودمجها سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا في المنطقة، وفتح الأسواق أمام الرأسمال والتجارة الإسرائيليين. والأكثر من ذلك فإنها تسعى الى لعب الدور المحوري في الاستراتيجية الامريكية الجديدة في المنطقة فيما يعرف ب”الشرق الأوسط الجديد” والرامية الى تكريس المصالح والهيمنة الامريكية على المنطقة وحماية “اسرائيل” كأداتها المتقدمة لمواجهة اية تهديدات قد تمس تلك المصالح وتلك الهيمنة. وفي هذا الإطار يأتي المخطط الأمريكي لبناء تحالف سياسي عسكري “إسرائيلي-عربي” يضم دول الخليج ومصر والمغرب والأردن والسودان تحت قيادة إسرائيل في مواجهة ايران ومحور المقاومة.
وإسرائيل تدرك جيدا ان التطبيع على المستوى الرسمي غير كاف ونتائجه محدودة رغم أهميتها، مستفيدة في ذلك من تجارب التطبيع السابقة مع مصر والأردن، والتي ظلت فوقية لم تنفذ الى المجتمع بفضل المقاومة والممانعة الشعبية، لذلك فهي تشترط ان يكون هذا التطبيع شاملا لجميع المجالات الرسمية والشعبية حتى تتمكن من كسب اعتراف وقبول واحتضان شعوب المنطقة لها. وهذا لن يتم الا بتغلغل تأثيرات الأيديولوجية الصهيونية في عقول ووجدان الشعوب العربية والمغاربية لتغير نظرتها وموقفها منها كعدو تاريخي الصراع معه صراع وجود˛ إلى كيان شرعي مقبول يمكن التعايش معه. وهذا ما يفسر تأكيد إسرائيل˛ عند توقيع اتفاقيات التطبيع˛ على تعزيز التعاون الثقافي بينها وبين الدول المطبعة وخاصة في مجالات التعليم والفن والثقافة والاعلام والرياضة كمداخل أساسية للاختراق الصهيوني.
وفي هذا السياق نلاحظ تواتر وتسارع التطبيع بين إسرائيل والنظام المغربي ليس فقط في المجالات الديبلوماسية والأمنية والعسكرية، بل أيضا في المجالات الاقتصادية والثقافية والفنية والتربوية والرياضية وغيرها من خلال توسيع التبادل التجاري وفتح الأبواب امام الرأسمال الإسرائيلي وخاصة في مجال الزراعة، وتوقيع الاتفاقيات الثنائية وعقد الشراكات في مجالات التعليم والرياضة والقضاء…، واستدعاء مثقفين وفنانين ورياضيين صهاينة للمشاركة في التظاهرات الثقافية والفنية والرياضية، واستغلال وسائل الاعلام العمومية والخاصة للدعاية المكثفة للتطبيع وسط المجتمع باعتماد كل مفاهيم وآليات ووسائل التضليل والتزوير وقلب حقائق التاريخ والواقع بشان اسرائيل والصهيونية والمستوطنين اليهود ذوي الأصول المغربية والتاريخ الخياني للنظام المغربي تجاه القضية الفلسطينية. وفي المقابل يتم حصار، واحيانا، منع الأنشطة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتهميشها على مستوى وسائل الاعلام والمؤسسات التربوية والثقافية…
ولعل ما يشجع النظام على المضي في سياسته التطبيعية مع الكيان الصهيوني هو الاختلال الواضح لموازين القوى لصالحه، وتراجع اهتمام وانشغال القوى الديمقراطية والتقدمية بالقضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة في إطار التراجع العام الذي تعرفه على المستوى العالمي والعربي، وبسبب الدعم القوي والمتواصل الذي تحظى به إسرائيل من طرف الدول والمؤسسات الامبريالية على كافة المستويات، والأدوار الخطيرة التي تلعبها الأنظمة العربية الرجعية وخاصة الخليجية في تهميش القضية الفلسطينية والتآمر عليها، وبسبب انقسام الصف الفلسطيني وسيادة التوجه اليميني في القيادة الفلسطينية وتعاونها الأمني والسياسي مع دولة الاحتلال وانقسام الصف الفلسطيني وما يسببه ذلك من انعكاسات سلبية على وحدة وفعالية منظمة التحرير الفلسطينية وعلى وحدة ومقاومة الشعب الفلسطيني.
3- الشعب المغربي وقواه الوطنية والديمقراطية في مواجهة التطبيع :
يعتبر الشعب المغربي وقواه الوطنية والديمقراطية، وفي مقدمتها القوى اليسارية، القضية الفلسطينية قضية وطنية انطلاقا من الروابط الحضارية التاريخية والثقافية المشتركة بين الشعبين المغربي والفلسطيني، وبعدالة القضية كقضية شعب استعمرت ارضه وتم تهجيره وتشريده، وما زال يعاني من ويلات وجرائم الاحتلال، ومن الايمان بأن النضال من أجل تحقيق التحرر والديمقراطية والتقدم هو جزء من نضال الشعوب المغاربية والعربية لإسقاط المشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي المهيمن على المنطقة باعتباره السبب الرئيسي للتخلف والاستبداد وللمآسي التي تعاني منها هذه الشعوب. لذلك كانت القضية الفلسطينية دائما وما زالت، حاضرة في وعي ووجدان الشعب المغربي يعبر عنها بأشكال مختلفة، وفي برامج وانشطة ونضالات قواه الوطنية والديمقراطية التي لم تبخل يوما في تقديم كل اشكال الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني في كفاحه من اجل حقوقه الوطنية في العودة وتقرير المصير وبناء دولته الوطنية الديمقراطية على ارض فلسطين وعاصمتها القدس. يشهد على ذلك تنظيم المسيرات والتظاهرات الشعبية وتخليد الأيام التضامنية مع الشعب الفلسطيني كيوم الأرض 30 مارس واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 29 نونبر…، وكذا التظاهرات والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية المتنوعة، وحملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية، والحضور الدائم للقضية في وسائل الاعلام التقدمية والجماهيرية وفي الانتاجات الفكرية والادبية والفنية…، وتأسيس إطارات وجبهات وطنية ومحلية لدعم القضية الفلسطينية كان اخرها تأسيس “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” من طرف 15 هيئة سياسية ونقابية وحقوقية، انضمت اليها ثلاث هيئات لاحقا.
فبمجرد التوقيع المخزي النظام المخزني لاتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني، من طرف رئيس الحكومة المخزنية آنذاك سعد الدين العثماني، الذي كان في نفس الوقت الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي ، التأمت تلك الهيئات بالرباط في 28 فبراير 2021، وأعلنت عن ميلاد الجبهة بهدف دعم كفاح الشعب الفلسطيني بكافة الاشكال حتى استرجاع حقوقه كاملة وإقامة دولته الديمقراطية على كامل فلسطين وعاصمتها القدس، واسقاط اتفاقية التطبيع الخيانية ومقاومته بكافة الأشكال. ولتقعيد نضالها في مناطق المغرب أسست الجبهة فروع لها تجاوزت العشرين فرعا ، كما تعمل على تأطير عدة فئات مهنية لمواجهة التطبيع في مجالها مثل “مهندسون ضد التطبيع” وأساتذة جامعيون ضد التطبيع”.
واذا كان للجبهة دور هام في مواجهة سياسة التطبيع فان إسقاط هذه السياسة يرتبط جدليا بالنضال العام للشعب المغربي وقواه الديمقراطية والثورية من أجل التحرر الوطني الديمقراطي الشعبي. من هنا تندرج مواجهة التطبيع والصهيونية في قلب الصراع الطبقي الدائر في مجتمعنا بين الكتلة الطبقية السائدة والنظام المخزني المدعم من طرف الامبريالية والصهيونية من جهة وبين الطبقة العاملة والجماهير الشعبية وقواها الديمقراطية والثورية من جهة أخرى. فلا يمكن القطع مع التبعية وصياغة القرار الوطني المستقل في ظل سيادة نظام سياسي مخزني استبدادي لاديمقراطي تبعي يرتبط وجوده واستمراره عضويا باندماجه وخدمته للمشروع الامبريالي الصهيوني، مما يجعل هذا النضال -أي نضال الشعب المغربي- يندرج موضوعيا في الصراع الشامل لشعوب المنطقة المغاربية والعربية بقيادة قواها الديمقراطية والثورية ضد المشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي باعتباره النقيض التاريخي للمشروع الوطني الديمقراطي الشعبي الهادف إلى تحقيق التحرر الوطني الديمقراطي عبر القضاء على الكيان الصهيوني والأنظمة العربية الرجعية وتمكين شعوب المنطقة من تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفك علاقات التبعية مع المراكز الرأسمالية الامبريالية كشرط ضروري لتحقيق الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والتنمية المستقلة الشاملة.
انها مواجهة تاريخية ضد هذا التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي لا يمكن ربحها إلا بهزم وتجاوز معيقاتها الفكرية والسياسية والاجتماعية بإعادة بناء المشروع الوطني التحرري الديمقراطي ذي العمق الجماهيري بقيادة الطبقات المعنية بالتغيير وأساسا الطبقة العاملة، بقيادة احزابها الثورية المستقلة، باعتبارها صاحبة المشروع الثوري ذي الأفق الاستراتيجي الذي يربط جدليا مهام التحرر الوطني الديمقراطي بالقضاء على الاستغلال الرأسمالي وبناء الاشتراكية في افق المجتمع الشيوعي. وهي كذلك مواجهة منظمة وشاملة تقودها القوى الثورية والديمقراطية في كل بلد استنادا الى رؤية استراتيجية وبرامج سياسية شاملة لمختلف مهام وواجهات الصراع السياسية والإيديولوجية والاقتصادية، مع ما يتطلبه ذلك من تنسيق دائم ونضال وحدوي ومشترك بين هذه القوى على الصعيدين المغاربي والعربي، وربط ذلك بنضالات الشعوب عبر العالم في مواجهة الامبريالية والصهيونية والأنظمة الديكتاتورية الرجعية. وهنا لابد من الإشارة الى ضرورة الاستفادة من التحولات الجيواستراتيجية التي يشهدها العالم حاليا المتجهة نحو انهاء نظام القطبي الواحد الى نظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية يتيح إمكانيات هامة للشعوب والدول للتحرر من التبعية والهيمنة الامبريالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة الامريكية.
خلاصة عامة
ان مواجهة سياسة التطبيع وإسقاطها، كجزء من المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي، تستدعي من جميع القوى الوطنية والديمقراطية والثورية إعادة موضعة القضية الفلسطينية في مكانها الطبيعي كإحدى واجهات الصراع ضد النظام المخزني الاستبدادي التبعي الفاقد لأية استقلالية لقراره السياسي إزاء القوى الامبريالية والصهيونية. كما تستدعي منها تعميق وتوسيع نضالها الوحدوي في اطار “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” لمواجهة كافة اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني في افق اسقاطه، وفضح المطبعين مؤسسات وشركات وأفراد، وتكثيف أشكال الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يخوض حاليا مقاومة شعبية موحدة وشاملة في مواجهة سياسة الإرهاب والاستيطان والحصار الصهيونية ومن أجل حقوقه العادلة والمشروعة في العودة وتقرير المصير وبناء دولته الديمقراطية على كامل فلسطين وعاصمتها القدس، وجعل نضالها –أي الجبهة- جزءا من نضال الشعوب العربية والمغاربية وشعوب العالم التواقة الى التحرر من الامبريالية والصهيونية والأنظمة الاستبدادية عبر العالم.