كأس العالم في قطر: الشجرة والغابة
الشجرة والغابة
الشجرة اليوم، هي بطولة العالم لكرة القدم 2022 المنظمة في قطر. كان للفريق المغربي انجاز غير مسبوق، وفي هذا يعود الفضل كله للشباب الذي أبدع في الملاعب، وللمدرب الذي وضع الخطط ودبر استعمال القوى والمهارات المتوفرة لديه داخل المجموعة.
كرة القدم مثلها مثل باقي الرياضات، أصبحت صناعة تستخرج منها الشركات العالمية الإرباح الفاحشة. وهذا جانب مهم من بقية الأبعاد الأخرى وهي البعد الاجتماعي والسياسي. هكذا أصبح التوجه لممارسة الرياضات احد أهم أهداف الشباب للخروج من آفة البطالة والفقر، أما البعد السياسي فهو التوظيف الذي تقوم به الدولة وبقية الأطراف الشعبوية يمينية كانت أو يسارية، للركوب على الانجازات واحتسابها زورا وبهتانا لصالحها وحتى سرقة الانتصارات من صانعيها ونسبها لمافيا سرقة المشاعر الشعبية.
تلك هي الشجرة التي ظهرت في مونديال قطر. فما هي الغابة التي يراد إخفاؤها؟
نعم يراد إخفاء هذه الحقيقة التي تفقأ الأبصار وهي ترتيب المغرب في درج 123 من سلم التخلف على الصعيد الدولي. فكيف لهذا البلد الذي يحتل هذه الدرجة أن يكون من بين المرتبين في المونديال ضمن المربع الذهبي؟ هناك عطب في منطق هذا الخطاب. إذا ما توارينا خلف الشجرة ولم نمحص جيدا الوضع من خلال كل أبعاده. هل حقا كان المنتخب المغربي ثمرة مجهود رياضي أعطى هذه النخبة تعليما وتدريبا وتربية؟ الجواب لا، انه فريق مستجلب من أبطال مغاربة يعيشون في المهجر، وقد تكونوا وتدربوا وتربوا ضمن أوساط وفرت لهم أسباب النجاح ومهارات اللعب الجيد. فللتغطية على هذه الحقيقة هرول رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم إلى مخدع اللاعبين بقطر واخذ صورا وهو يرتدي بذلة الفريق المشرف على المنتخب يعطي التوجيهات. لقد فضح نفسه بتلك الصور كما فعل أيضا مسؤولون امنيون كبار، وهم واقفون يحصون أنفاس اللاعبين والمتفرجين المغاربة، ويبعثون رسائل مفادها، نحن من أنجزنا لكم هذا الفرح العظيم، ونحن من يسمح لكم بالفرجة حتى ولو كنتم مغاربة في الخارج أو مغاربة تحملون جنسيات أخرى. هذه هي الغابة التي تتكشف تحت أضواء هذا المونديال يشارك فيه المغرب بمنتخب من شباب مغربي في المهجر.
الدرس البليغ في كل هذه القضية، وهي كلما تربى الشباب في جو نقي متخلص نسبيا من أدران الدولة البوليسية، كلما أبدع كمثل أشقائه الشباب في العالم. وان يبادر هؤلاء بحمل العلم الفلسطيني بعد المباريات، فهو تجسيد لذلك الوعي المتأصل عند جميع الشعوب المحبة للحرية والعدالة والاخاء بين جميع الشعوب.