نص بيان الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل إثر اجتماعها الطارئ
إن الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل المجتمعة اليوم 3 فيفري 2023 برئاسة الأمين العام الأخ نورالدين الطبوبي، وبعد تدارسها للوضع العام ومتابعتها للمستجدات وخاصة خطابات التهديد والتحريض ضد الاتحاد، وإيمانا منها بالدور الوطني لمنظمة حشاد في هذا الظرف الدقيق، فإننا:
1. ندين بشدّة خطاب التخوين والتفرقة والتحريض والتجييش الموجه ضد مكونات المجتمع المدني وسائر التحركات الشبابية والسياسية والاحتجاجات الاجتماعية بما فيها احتجاجات أهلنا في جرجيس وضدّ الاتحاد من قبل أعلى رأس السلطة في تونس من مقر ثكنة العوينة ونعتبر التصريح بأن حق الإضراب قد تحوّل إلى غطاء لمآرب سياسية “هو مقدمة لضرب الحق النقابي وهو خطاب تحريضي ضدّ الاتحاد ومحاولة يائسة لثنيه عن دوره الوطني وسعي محموم لتحديد مربع نشاطه ونؤكد أن منظمتنا، كما كانت منذ نشأتها وكما جاء على لسان زعيمها الشهيد فرحات حشاد “لا تناضل من أجل بنطلون وروسيون خبز بل من أجل وطن” ستظل ملتزمة بقضايا بلادنا ومهتمة بالشأن السياسي ومشاركة بفاعلية في إنقاذه وبنائه وتقدمه، وفي الآن نفسه هي دوما على أهبة للنضال ضدّ محاولات اختراق الاتحاد أو عزل قياداته المنتخبة عن قواعدها أو استنساخ تجارب فاشلة في ضربه بمناوشة النقابيات والنقابيين بالكيد والتلفيق أو شنّ حملات شعواء عليهم وتجييش الرأي العام ضدّهم عبر أبواق عرفوا بتقلباتهم وبيعهم لضمائرهم..
2. نرفض سياسات استهداف الاتحاد والعمل النقابي وحق الإضراب سواء عبر الاعتقال وفبركة القضايا في مكاتب خارج أروقة المحاكم أو من خلال استصدار المناشير السالبة لحق التفاوض وللحوار الاجتماعي أو عبر أوامر التسخير غير القانونية أو من خلال استهداف القطاعات كما يحدث في الشؤون الدينية والنقل مثلا أو بضرب مصداقية الاتحاد بالتراجع عن تنفيذ الاتفاقيات، وذلك تعبيرا عن تشنّج السلطة ضدّ الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب مواقفه الرافضة لإملاءات صندوق النقد الدولي الداعية لرفع الدعم وبيع المؤسسات العمومية وتجميد الانتدابات وتخفيض كتلة الأجور ومزيد إغراق البلاد في التداين، وبسبب توجّه الاتحاد مع شركائه في صياغة مشروع حوار وطني للإنقاذ. ونعبر عن رفضنا لهذا الاستهداف وتجندنا للتصدي له بكل الأشكال السلمية ونذكر كل الدوائر بتاريخ المنظمة وبنضالها وبصمودها ضد كل المناورات وبأنّ محاولات الإرباك والتشكيك لن تزيدنا إلا ثباتا على مبادئنا وتمسكا بمواقفنا ونضالا في صفوف شعبنا ضد الاستبداد ورهن البلاد.
3. نحيي الوقفة التضامنية لكل الهياكل النقابية والنقابات الدولية الصديقة والقوى الوطنية والديمقراطية في تونس أو في المهجر مع الاتحاد العام التونسي للشغل ومع الأخ أنيس الكعبي الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطُّرقات السيّارة إثر اعتقاله في قضيّة ملفقة بمناسبة ممارسة نشاطه النقابي وتكريسه للحق النقابي والحق في الإضراب طبقا للدستور والقوانين والتشريعات الوطنية والمعايير الدولية التي خرقتها السلطة واستعملت القضاء لتدميرها والدوس عليها ونطالب بإطلاق سراح الكاتب العام المعتقل والنأي بالقضاء عن إقحامه في النزاعات الشغلية ومحاولات توظيفه والسعي لممارسة الوصاية عليه.
4. نجدد تمسكنا بالحوار سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة المعقدة التي تمر بها البلاد، ونذكّر بموقف الاتحاد حول طبيعة الحوار وأهدافه وآلياته ومكوناته الذي ضُمِّن في بيانات الهيئات الإدارية الوطنية ومنها الهيئة الإدارية الوطنية التي انعقدت يوم 23 ماي 2022 ونعتبر ما يجري في البلاد منذ أشهر، وخاصة بعد المشاركة الهزيلة في الانتخابات التشريعية بدورتيها وعزوف غالبية التونسيات والتونسيين عن مراكز الانتخاب ورفضهم للسياسة المتوخاة وخاصة سياسة التفقير المسلّطة عليهم، هو انحراف عن مسار تصحيحي أمل فيه التونسيات والتونسيون ودعمته القوى الوطنية لكنّه خذلهم وعمق أزمتهم ومعاناتهم تحت شعارات شعبوية وحروب وهمية تهمش قضاياهم الاجتماعية الحقيقية، ونؤكّد تصميمنا على التقدم بمشاريع متكاملة وحلول عميقة تنقذ البلاد من أزمتها المتشعبة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتتجاوز حالة العطالة القائمة وتتصدّى إلى نزعات العودة إلى الاستبداد وتقطع في نفس الوقت مع عشرية غلب عليها الفشل والتخبط وتعمل من أجل إرساء العدالة الاجتماعية.
5. نجدد مطالبتنا الحكومة بتنفيذ التزاماتها في تطبيق الاتفاقيات العامة الممضاة في 15 سبتمبر 2022 وكذلك الاتفاقيات القطاعية المبرمة مع الوزارات والمؤسسات ونحدر الحكومة من مغبة الالتفاف على هذه الاتفاقات وإلا سنجد أنفسنا مضطرين إلى شنّ إضرابات في الوظيفة العمومية والقطاع العام تحدّد أطر القرار مواعيدها لاحقا، كما ندين سياسات الحكومة اللا اجتماعية المفقرة لعموم الشعب والتي تستهدف قوت التونسيات والتونسيين ومقدرتهم الشرائية بالزيادة في الضرائب والتخفيض من الاعتمادات المخصصة للدعم وعبر الزيادات الجنونية في الأسعار وتفاقم عمليات الاحتكار وندرة المواد الأساسية ومواصلة السياسات النقدية الفاشلة واللاشعبية ومنها الزيادة في الفائدة المديرية ودفع الدينار التونسي إلى مزيد الانزلاق ويتزامن ذلك مع ارتفاع نسب التضخم وتعمق عجز الميزان التجاري والعجز عن التفاوض مع جهات التمويل الخارجي فضلا عن العجز عن توفير الموارد الذاتية. كما نحمل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مسؤولية تلكؤ بعض الغرف التابعة له في إمضاء الملاحق التعديلية للزيادات في القطاع الخاص.
6. نشدّد على أن قراراتنا ومواقفنا مستقلة لا تنبع إلا من إرادة هياكلنا وقواعدنا وندعو هياكلنا النقابية إلى التعبئة ونحت النقابيات والنقابيين على التجنّد ورص الصفوف وتمتين الوحدة، كما نطالبهم، كل من موقعه بمواجهة الحملات الإعلامية المضادة للعمل النقابي والمشككة في جدواه والمشوهة للاتحاد ونقرّر إنجاز عدد من التحركات الجهوية والقطاعية والوطنية نعلن عنها في إبانها وستكون هيئتنا الإدارية في الأثناء مدعوة إلى الانعقاد مع أي طارئ.
7. نترحم على أرواح الشهداء جميعا وعلى الشهداء ضحايا الإرهاب ونحن على بعد أيام قليلة من الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد ونجدد مطالبتنا بكشف الحقيقة عن عملية اغتياله الغادرة وكذلك نطالب بإماطة اللثام عن كل العمليات الإرهابية التي طالت بقية الشهداء من السياسيين والأمنيين والعسكريين ومحاسبة من قرّر ودبّر وخطط وموّل ونفذ.
8. نندّد بالجرائم البشعة التي يأتيها الكيان الصهيوني كل يوم وآخرها المجازر المرتكبة في جنين والضفة الغربية أمام مسمع ومرأى من العالم وبمباركة من بعض الدول الغربية وتواطؤ من بعض الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني الغاصب ونعبر عن تجندنا للتصدّي لكل أشكال التطبيع، وندعو كافة النقابيات والنقابيين وعموم شعبنا إلى اليقظة من تسرب الكيان الصهيوني إلى بلادنا والتصدّي إليه ورفض التبريرات التي يسوّق إليها البعض وكذلك رفض الضغوطات التي تمارسها بعض السفارات مستغلين الظرف الصعب التي تمر به بلادنا لجرّها إلى هذا المستنقع الذي جُرّت إليه بعض الحكومات العربية الأخرى أو هرولت إليه طواعية، مجددين مطالبتنا بتجريم التطبيع فعلا لا قولا.