في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد: شكري حي

في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد: شكري حي

Choukri-belaid-437x500 في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد: شكري حي


في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد

شكري بِلعيد (26 نوفمبر 1964 – 6 فبراير 2013)، مناضل سياسي مخضرم ومحامي تونسي. وهو معتقل سياسي سابق من ضحايا معتقل “رجيم عتيق”، عرف بدفاعه المستميت عن ضحايا القمع في فترة الاستبداد. كما كان عضو في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي (تأسست بعد ثورة 17 دجنبر 2010- 14 يناير 2011)، وأمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، وأحد أبرز مؤسسي الجبهة الشعبية وعضو مجلس الأمناء فيها. حيث كان من أشدّ المنتقدين لآداء حكومة الترويكا والمواجهين والمتصدين للحركة الأصولية الإسلاموية بتلك الفترة بتونس ميدانيا وفكريا ومن أقدر الوجوه الإعلامية ذات المصداقية التي تضحض طروحات ومغالطات هؤلاء… ومن المناصرين للقضية الفلسطينية وكل القضايا العادلة في المنطقة وفي العالم…
أغتيل أمام منزله بالمنزه السادس ولاية أريانة، يوم 6 فبراير 2013 من قبل “مجهولين”، الأمر الذي تبعته مظاهرات عارمة بالبلاد، ونظمت للشهيد جنازة مهيبة عرفت مشاركة شعبية واسعة. كما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن إضراب عام وطني…


الذكرى العاشرة لاغتيال العقل الشهيد شكري بلعيد.

* يا طائر الروح هل أقامر بالسكون والسكوت.؟

* حبيبي ورفيقي سيد الشهداء شكري بلعيد وطن الأوطان على الإطلاق.
شاعرا ومناضلا وانسانا بأمتياز.
ونموذجا عبدت خط الحرية والكرامة الوطنية وكتبت على ذاكرة التاريخ الذخيرة واخضرار الخريطة ..
خريطة اليسار الواسع. يسار في قلب الجغرافيا.
يسار كما حلمت به. يسار واسع وباذخ. يسار عمره الاف السنين وعمقه السهروردي والحلاج
وعلو البحارة والبكارة وما في افق الغيوم التي كنت تهديها أقداحك .
حبيبي ورفيقي ومعلمي وأنا البارك في منزل منازلك والقابع في عمق شجرة الشمس ولم أبلغ بعد الموت في برعمها ولم أسكر من ثمرها.

* السنة العاشرة لذكرى استشهادك
وأنت عقدتي وعقيدتي العمر بعدك أيها العمدة والعمود وحطب من تعب.
أيها العزيز معذرة سيدي ورفيقي لم يصلني ردك حتى استعين به لأن حرفك كنز الإنسان في ما تيسر في الانسان.
شكري أعرف أنك لا تعرف الموت الأصيل لكنك تدرك مهرجان الموت. حبيي شكري بلعيد شهيد الذاكرة السعيدة .ما أوحش أيامي بعدك.
سؤالي فقط أين المسار والمسيرة؟
يا طائر الروح هل أقامر بالسكون والسكوت.؟
ليرتاح الرفاق قبل أن يغترب الشهيق.

* حبيبي ورفيقي وأستاذي شكري يا خالق الزيتون في الكهوف

لم تكن من حملة الاسلحة، و لا ممّن يوزّعون الأموال لشراء الذّمم. كنت صوتا للحقّ و صاحب كلمة .إغتالتك أياد قذرة و نفوس لا تحتمل وجع الكلمة وبسبب الكلمة أغتالوك. الكلمة سلطة من لا سلطة له، و إنّ الذين تقضّ مضاجعم الكلمة يصوّبون رصاص الغدر تجاه الكلمات لا يحقّ لهم ان يكونوا حروفا في ابجدية تونس و شعبها …

*رفيقي الغالي شكري
كتبت عنك الاف القصائد والاف المقالات .وكتبت عنك الأساطير وأنت القابع في القصيد.

الشاعر عبيد العياشي يهديك هذا النص. في ذكرى اشتشهادك العاشر.

مرّةً ..
صلبُوه على سيْفِـــه
فاحتمى بالأغاني
وغابْ .
ظل في عرْشِه سادِرًا
يومُه فتنةٌ
ورؤاه احتِرابْ .
قيل مَنْ لِقرانا الفقيرةِ
إذْ تستديرُ الحرائقُ فيها
وتعْوي الذّئابْ .
قال : هاكمْ دِمائي وقافيَتي
ليْس لي
غيرُ هذا .. العذابْ .
إنّها صهْوةُ الرّيحِ
تعبرُ خارطةَ الوطنِ العربيّ
وتنفخُ في رئَتي
فامنحُوني جناحَ السّحابْ .
لستُ ( إليوتَ )
في غربةِ الإنتماءِ
وليستْ بلادي
خَرابْ .

هل ستأتي
إلى موعِد لا يجيءُ ..
أنا ها هنا عند مقهى المحّطةِ
منتظرٌ ومعي
سلةٌ مِن تُمور العراقِ
وبعضُ الشّرابْ .
كنتُ أحسَبُ أني سألقاك ثانِيةً
عند بابِ المُعظّمِ ،
حيثُ نرتشفُ الشّايَ بالهالِ
كل مساءِ خميس ،
أوعلى شاطئ الأعظميّةِ
حيثُ مَشاوي الكبابْ .
ما أعاقك عنّي ؟
كيف تترُكني أتحمّلُ وحْدي
بقلب ضعيفٍ هواك
وما في المقامِ العراقيّ
من شجَنٍ واكتئابْ .
مَنْ لتونسَ
إذْ يستبدّ بها الجوعُ ثانيةً
مَن لساحاتِها ..
لرفيقاتِنا حين يغْضَبْن
مَن للصِّحابْ !
هل ستأتي
وتمنحُني بوْحَ رُوح بلا جسدٍ؟
وحْدك الآن تعرفُ من قـتل الكلبَ
تعرفُ أوصافَه .. طبعَه
كيف جاء إلى الحيّ
ملتحفًا بالضّبابْ .
طلقةٌ .. طلقتانِ
وأغْضيْتَ …
قالتِ امرأةٌ :
يحملون سيوفًا
وقال الخفيرُ :
ثلاثُ لِحًى كثّةٍ .. ونِقابْ .
همْ إذًا همْ بقاماتهم ،
بدشاديشِهم عبروا منْ هنا
وسيأتون بعد قليلٍ
كي يؤدّوا تعازيَهم بالمُصابْ .
لا تجىءْ ..
إنّ بغدادَ محتلةٌ
والطريقُ إليها
يسوّرُهُ العسكرُ الدّركيُّ
وتحرُسُه من جميع الجهاتِ
مفارزُ من شرطةٍ
وكلابْ
لا تجيءْ ..
فالمعابرُ مغلقةٌ
والحرائقُ تمطرُ فحمًا
وتلتهمُ المكتباتِ،
المآذنَ….

* شكري أعرف أنك لا تحب المديح وتمقت التجديف في الذبول .
عزالدين البوغانمي رفيقك المهاجر على أجنحة الحمام الشفيف يقرأ لمن خاتمتهم خريف :يقول

“شكري حيّ” هذه الصرخة أبلغ من الرّصاص حين يسمعها راشد الغنوشي. فهي تعني أن شهيد تونس المغدور سقط جسدًا، واستمر فكرة أوسع من مقرات الأحزاب ومن المدن، وأوسع من مباني الحكومة حيث تتجمع هذه الأيام كلّ سخافات الدهر، وأوسع من قصر قرطاج المنكوب، هناك حيث مخبأ حقيقة الدم.
“شكري حيّ” تعني أيضا أن الشهيد لم يغب عن تونس أبدا، بل لعله أكثر السياسيين حضورا في كل الساحات وكل المعارك. فلم يمنعه الموت من الحضور المؤثّر في جميع المناسبات الوطنية. وقبل هذا وبعده، “شكري حيّ” تعني أنه حاضر في ضمائر الناس. وأن قضيته ليست قضية الميت، بل هي قضية الباقين على قيد الحياة. قضية التوانسة لأن كشف الحقيقة هو قنطرة المرور من الخديعة إلى الأمان، ومن حكم الغاب إلى حكم القانون. وهي قضية الجُناة، وعلى وجه الخصوص قضية راشد الغنوشي الذي أمر بتنفيذ الجريمة.
راشد الغنوشي عدوّ البلاد وكابوسها، هذا الرّجل القبيح المُحاصر بِجرائمه، يشعر اليوم بأن الأرض لم تعد تتحمّل أقدامه، وبأن حياته مملوءة بالعار، وبأن الشهيد يُهدّده ويكاد يقبض عليه، لذلك قرّر تنظيم مظاهرة يوم 6 فيفري بالذّات لتدنيس الذكرى والذّاكرة. أمّا نحن فلقد تعلّمنا من التاريخ أن هنالك رجال لا يمكن قتلهم أبدا.

* شكري في ذكرى استشهادك العاشر هبني أخر الأصحاب.
سنان العزابي وما أستطيع
هبني القمر المنير عبدالحفيظ المختومي حتي يستقيم الحرف .هبني الطير الظحوك أيام الصقيع عادل بالضيافي.
*يا صاحبي يا ناظم السديم وأنت هناك على تخوم المضيق.
صاحبك وزميلك صلاح البرقاوي يهديك ويكتب

شكري بلعيد الآخر الذي فقدناه…!

في أواخر شهر أفريل من سنة 2011 وعلى إثر احتجاجات شهدتها مدينة سليانة، وقع اتهامي زورا من طرف أحد المنحرفين بأنني وبعض الأصدقاء وراء أعمال الحرق التي تخللت تلك الاحتجاجات، وتم فتح بحث تحقيقي في الموضوع آل إلى نشر ما بات يعرف بعد ذلك “بالقضية 206”.
في اليوم المعين للمثول أمام حاكم التحقيق كنت بقاعة المحامين بمحكمة سليانة لما دخل علينا الشهيد رفقة العزيزتين سعيدة قراش وعائدة عويتي.
لم تكن تربطني به يومئذ علاقة خاصة ولم يسبق لي أن جالسته أو تحدثت إليه. لكن ذلك لم يمنعه من التنقل من العاصمة إلى سليانة للدفاع عني وعن بقية المتهمين في القضية.
ومجيء شكري للدفاع عنا في ذلك اليوم لم يكن تصرفا عارضا أو سلوكا استثنائيا، وإنما كان وليد إيمان راسخ بعقيدة تعتبر أن المعنى الأول للمحاماة هي الدفاع عن المظلومين. وقد قاده إيمانه ذاك إلى التطوع للدفاع حتى عن خصومه السياسيين ومخالفيه في الرأي. لأن إنسانية الإنسان هي الحزب الأصلي لشكري والمعيار الذي تتحدد على أساسه مواقفه كمحامي.
وإذا كان صحيحا أننا فقدنا جميعا باغتيال شكري مناضلا سياسيا حقوقيا شديد البأس، وثائرا وطنيا صادقا، ورجل فكر متنوّر، وخطيبا بارعا، ومثقّفا ملتحما بقضايا شعبه، فإن الكثيرين فقدوا برحيله فوق كل ذلك، المحامي الكاره للظلم، المدافع الشرس عن الحق.
هذا هو الوجه الآخر لشكري الذي غُدرنا فيه، رغم أن عموم الناس لا يعرفون منه غير الخطيب المفوه في التجمعات والمحاور القدير في الإذاعات والتلفزات.
إنه شكري المحب للناس.. شكري الذي لا يعترف الحبّ عنده بزبد القول بل معنى يسري في بلاغة الأفعال…!

* شكري بلعيد أنت الخلود هكذا دمعة الحلاج الكافي في محرابك حيث أدمع .

خلّـدْ شهيـدكَ..
كي يمُـوت عـدوّكَ كمدا تحت الغُبـارِ..
وزغردي يا منْ رأتْ قوافل الشّهـداء
حُمــرًا ..
وبِـيضًـا..
وعاليـات كالمنـارِ..
لا تمتدحْ غير الحياة في الشّهادة والايثارِ ..
قبّلْ جبين شهيدك وابتسم في نعشه
كيْ لا يراك الحاقدون الشّامتون الواجمون من الصّغارٍ..
يامن مشى في نعشه يوم الفجيعة باصطبارِ..
أنتَ الشّموخ.. والنّجمة الحمراء والمشاعل والبذار..
اِلقِ على قبر الشّهيد وردةً..
واصلْ طريقك .. واشحذْ ثباتك حتّى وإنْ طال المسارُ..
وكي تُـؤَنّـقَ حُزنك .. ابتسمْ،
كُنْ أخضـرا كالـنّعنَـع..
أرسمْ خطـوطك في اليسـارِ.
هذي الدّمـاء دمـاؤنا ..
ما الخطبُ إنْ سقَتِ التّرابَ
فصار دافئـا كالبُخـار !!
نحنُ التّـراب والزّياتيـن وحبّـة القمـح
وأصفـر اللّيمـون ..
ولـون البرتقـال والخُضَارِ..
إن كان جُرح الحـزن أتلـفَ لوْننَـا ..
فغـدا نعـودُ بحُمرة العنّاب..
او في كساء الجلّنـارِ
امدحْ شهيدك ليقول العارفون بأنّه صار مسيح العصر،
وأنّنا صرنا الحـواري..
فلنستبـقٰ وقـع الفجيعة على تراب قلوبنا هو به
لا حـزن يعلُـو فوقنـا..
أيّهـا الجَمـع الغَفيـر..
لسنـا الرّمـاد..
نحنُ المشاعِـل في العواصف…

* رفيقي شكري بلعيد الشهيد السعيد … شهيد الذاكرة السعيدة.
شهيد العقل.

ها أنا في في ذكرى اغتيالك العاشر أرسم الارصفة
وأمشي على ألق اليباب
واشرب …أشرب ..أشرب الكؤوس القاحلة وما بلغت الشرفة .
نعم يا شكري
نعم أعاقر الحرف وما رسمت الشامة سيدة الفنون.
*شكري بلعيد يا أخر الصحب نحن في أخر النفق ولا نحيب ولا مجيب .
اليوم في حديقة الذكريات

لاول مرة أناديك ولم أرى عصاك.

* رفيقي شكري قبل أن أنهي حزبك تشتت واستحال فرقا ومللا وأشلاء وجبهتك الشعبية بلا شعب وتونس كالأرمة تتقاذفها طيور الظلام وتنهش من طرف الضباع .

*ساخذ وقتي وارحل حتى أرتاح من هذا الماخور
وساسة الدعارة والمراودة .