ستار من الدخان لحجب أسباب الغلاء
ستار من الدخان لحجب أسباب الغلاء
من هو المسؤول عن الغلاء؟ ما هي أسبابه؟
هذه هي الأسئلة التي يطرحها المواطنون في أحاديثهم الخاصة والعامة. يتلقى هؤلاء المواطنون إجابات الدولة وأجهزتها على تلك الأسئلة. ومن الملاحظ ان الجهات التي تولت الإجابة تنوعت بتنوع الأهداف المطلوب تحقيقها عبر هذه الأجوبة. وفي هذا الصدد يمكننا حصر هذه الجهات في ثلاثة وهي مؤسسة البنك المركزي والثانية المندوبية السامية للتخطيط والثالثة الحكومة. وإذا أردنا تقريب الصورة عن اجابات هذه الجهات فاننا يمكن تصويرها بما قام به ثلاثة أشخاص عميان وهم يعرفون الشيء الموجود بين أيديهم لبعضهم البعض وهم يتحسسون فيلا. فمنهم من وصفه بكونه انبوبا طويلا يضيق قطره عند نهايته، ومنهم من اعتبره جدع شجرة يكسوها شعر، والأخر اعتبره كتلة ضخمة مكسوة بشعر قصير. هكذا هو الغلاء عند الجهات الثلاثة: التي اعتبرته نتيجة خلل في الطلب والاستهلاك الداخلي والخارجي (والي بنك المغرب عبد اللطيف جواهري) او هو نتيجة الخلل الذي أصاب الإنتاج أو العرض عند المنتجين او الموردين (احمد الحليمي رئيس المندوبية السامية للتخطيط) أو هو اختلال بفعل ممارسات المضاربين والمتلاعبين (بايتاس ناطق باسم الحكومة).
الغرض من تقديم هذه الأجوبة المتعددة يراد به تضبيب الصورة عند المواطنين وتجنب النظرة السديدة لظاهرة الغلاء وخاصة في موضوع ترتيب الأسباب والمسؤوليات حسب أهميتها الراهنة والواقعية اليوم في هذه الموجة من الغلاء. فتشتيت الكلام عن الأسباب وجعل كل جهة تدافع على رؤيتها يمنع من توجيه النظر إلى السبب الأول والأساسي وبالتالي طمس المسؤولية الأولى والسماح بالإفلات من المحاسبة.
ومن جهة ثانية فان تعدد هذه الجهات وتفسيرها المتناقض لظاهرة الغلاء يعكس لواقع تفاقم التناقضات داخل الكتلة الطبقية السائدة لان موضوع الغلاء خطير للغاية وهي تدرك أن الأمر يتعلق بتعمق الأزمة البنيوية للمنظومة الرأسمالية القائمة بالمغرب. بكون هذه الكتلة الطبقية تدرك أن الغلاء الحالي قد يتحول إلى صاعق يفجر فنبلة الاحتقان الشعبي ويتحول إلى محرك لانفجار نضالات شعبية قوية لا يمكن التحكم فيها او الاستجابة لمطالبها. أنها تشعر بكونها جالسة على برميل من البارود وبكون الغلاء المتفاقم قد يتحول إلى سبب تفجير البرميل.