المجلس الوطني للصحافة تلك الشجرة التي تخفي الغابة
المجلس الوطني للصحافة تلك الشجرة التي تخفي الغابة
اترك الكذاب حتى ينسى ثم القي عليه سؤالك لتفضح حقيقته؛ هذه هي حال الدولة البوليسية ببلادنا. اتركها حتى تنسى دستورها ثم اسألها عن مضامينه. كان دستور 2011 محشوا بالكلام عن الحقوق وعن التزامات الدولة، لكن عندما تطلب الأمر تنزيل تلك الفصول في آليات المجالس العليا، اتضح أن طبيعة الدستور ليست إلا طبيعة استبدادية مغلفة بكثير من الضجيج عن الحقوق. ما يقع في مجال تنزيل حرية التعبير وعن استقلال الصحافة والإعلام وجعلها سلطة رابعة لا يتعدى الكلام الفارغ. إن المضمون الحقيقي هو ما يطبق على ارض الواقع، بدءا من اعتقال الصحافيين بتلفيق تهم مشينة، لا تمت بصلة إلى العمل النقابي وحتى لا يقال عن الدولة استبدادية ضد حرية التعبير، وانتهاء من حرمان القطاع من تنظيماته الذاتية المستقلة عن الدولة بما فيها نقابتهم كما هي الحالة اليوم في إسناد مسؤولية تسيير المجلس الوطني للصحافة إلى لجينة مفروضة خارج إرادة المكونات لهذا الجسم المهني.
إن هدف الدولة الغير معلن، هو ضرب استقلالية العمل الصحافي والتخلص من التنظيمات الذاتية المؤطرة للصحافيين وبقية المشتغلين في القطاع، وإلحاقهم بدواليب الدولة وتحويل هذه التنظيمات الذاتية المستقلة إلى مواقع مشبوهة للريع والانتفاع الشخصي.
إن ما يعيشه قطاع الصحافة من تردي وتفشي التسيب، ليس إلا جزء من وضعية عامة تعرفها القطاعات الحيوية بالبلاد. لذلك سيكون من الوهم الاعتقاد بإمكانية إصلاح هذه الأوضاع بالإجراءات الجزئية والمعزولة عن بقية الأوضاع في المجالات الأخرى. لن تنفع سياسة الترقيع، لأن الأزمة شاملة ومستفحلة، والمسؤوليات مشتتة وغير قابلة للمحاسبة؛ إن المنتفعين يتحركون كأعضاء لمنظومة متماسكة ومتضامنة فيما بين أعضاءها.
إن مدخل الحل سياسي، تحكمه بوصلة الانحياز إلى مصالح الجماهير الشعبية الواسعة وفي طليعتها العمال والفلاحين المسحوقين وكادحي المدن. لقد تأكد بما لا يقبل الشك بأن جميع السياسات والاختيارات المطبقة إلى حد الساعة، هي المسؤولة على هذا التسيب، وعلى تحويل قطاع الصحافة إلى وكر المحسوبية وتوزيع الريع، وخدمة المصالح الفئوية الضيقة ضدا على مصالح القواعد المتضررة.
o