من وحي الأحداث: ماذا حدث في تازة يوم فاتح ماي 2023؟
ماذا حدث في تازة يوم فاتح ماي 2023؟
ما حدث يوم فاتح ماي بتازة، هو التقاء بين مناضلين من الكدش وامش أثناء إحياء يوم العمال بالمغرب وفي العالم. التقى هؤلاء المناضلون ورددوا شعارات بشكل وحدوي حضاري اختلطت فيه الرموز الخاصة بالمركزيتين.
لقد استطاع هؤلاء المناضلون خلق الحدث. وبعثوا برسالة ستتجاوز مدينة تازة وجهتها، لتدوي في عقول وصدور المناضلين المخلصين لمصالح الطبقة العاملة المغربية. مفاد هذه الرسالة أن الوحدة الميدانية وخلق الجبهة النقابية أمر ممكن، ولا تنقصه إلا الإرادة؛ تلك الإرادة الغائبة اليوم في المركز، لكنها بدأت تطل برأسها في تازة وستتبعها مواقع أخرى.
إن الوحدة النضالية بين المركزيتين أمر حيوي وضروري أمام فداحة الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة وكل المأجورين. أن يتحقق هذا التقارب الميداني في تازة، فمعناه أن المدن مثلها يتوفر فيها شرط غير متوفر في الدار البيضاء أو الرباط او طنجة وفاس واكادير ومراكش… إن تازة وشقيقاتها تعرف تلك العلاقات القوية والمتينة بين المناضلين في جميع الأحزاب والنقابات المناضلة. إنهم يرتبطون بعلاقات الجوار والتساكن والزمالة في العمل وحتى علاقات القرابة. فهذه الخاصية تجعل إمكانية تكسير جدران الفرقة السياسية والنقابية سهلة وممكنة. يحتاج الأمر للعمل الوحدوي إلى من يبادر ويمد اليد للأصدقاء والإخوة والرفاق في التنظيم المقابل.
لهذا يمكننا اعتبار ما حدث في تازة هو رسالة يجب ان يلتقطها المناضلون في المدن الصغيرة والمتوسطة، وان يبادروا هم كذلك إلى البحث عن إمكانية خلق هذه الجبهة النقابية التي تنهض لحشد موازين القوى لفرض المطالب والدفاع عن الحقوق، والتصدي للهجوم الظالم على قوت جماهير شعبنا في المدينة أو الدوار. ولما تنجح هذه المبادرات في مثل هذه المواقع، فإنها ستنتشر مثل الخبر المفرح أو شحنة من العزيمة تسري في الجسم الجماعي المعتل والمترهل. إن من شان نجاح مثل هذه المبادرات أن تدفع المدن الكبيرة للحاق بالركب وإعطاء الدفعة الحاسمة لبناء الجبهة النقابية.
فتحية صادقة للمناضلين الذين بادروا بهذه الخطوة الجريئة بمدينة تازة وشدوا أيادي بعضهم البعض، رغم الانتماء النقابي المختلف. لقد غلب هؤلاء المناضلون عوامل الوحدة والتواجد الميداني المشترك على عوامل الفرقة والتشتت النقابي.
قطرة مع قطرة تتشكل الجداول، وجدول مع جدول يتشكل النهر الهادر.