لماذا نداء بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؟

لماذا نداء بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؟

لماذا نداء بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؟*

لم يكن نداء حزب النهج الديمقراطي العمالي الموجه للرفيقات والرفاق الماركسيين(ات)-اللينينيين(ات)
المغاربة للمساهمة في بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة، (الحزب الذي تنصهر فيه الطلائع العمالية والمثقفون الثوريون الماركسيون-اللينينيون والذي يتبنى الماركسية-اللينينية كمنهج للتحليل ونظرية للتغيير الثوري ومشروع مجتمعي بديل للرأسمالية)، وليد الصدفة أو حدث جديد ومعزول أو إعلان لنوايا. إنه استمرار وتشبث بالمحاولات الوحدوية لمنظمة “إلى الأمام” التي أبلت البلاء الحسن من أجل توحيد تنظيمات الحركة الماركسية-اللينينية المغربية في بداية السبعينات، ثم سعَت إلى تطوير علاقاتها، من داخل السجن مع مناضلي منظمة “23 مارس” الذين رفضوا الانجرار إلى الخط الإصلاحي الذي تنكَّر للماركسية السائد داخلها. هذا الخط الثوري الذي كان يمثله الرفيق رحال جبيهة، وأيضا مع مناضلي منظمة “لنخدم الشعب”.

ومنذ تأسيسه سنة 1995 طرح النهج الديمقراطي على نفسه مهمة توحيد المناضلين(ات) الماركسيين(ات) وأكد، في مرجعيته، على المساهمة في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة مراهنا بالتالي على مكونات أخرى لإنجاز هذه المهمة. غير أن محاولاته، خلال أكثر من عشرين سنة، باءت بالفشل لكون التروتسكيون يعتبرون أن المطروح، الآن وهنا، هو الثورة الاشتراكية وليست الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بقيادة البرولتاريا، بينما المجموعات المنحدرة من الطلبة القاعديين ظلت، بشكل عام، تناصب العداء للنهج الديمقراطي. إن هذا الواقع، إضافة إلى كون حركة 20 فبراير والسّيْرورات الثورية في العالم العربي والمغاربي وضعت مهمة التغيير الجذريي في بلادنا والمنطقة ككل على جدول اعمال الشعوب وقواها المناضلة، وأظهرت أن دور الطبقة العاملة كان حاسما في رحيل بن علي ومبارك من السلطة. لكن ضعف أو غياب القوى السياسية والنقابية والمجتمعية المعبرة عن مصالح الطبقات الأساسية التي في مصلحتها التغيير (الطبقة العاملة والفلاحون الفقراء وباقي الكادحين) وغياب جبهة الطبقات الشعبية وسيادة القوى الممثلة للبرجوازية بشكل عام، أدى إلى إجهاض هذه السيرورات الثورية مؤقتا.

إن التجربة التاريخية لنضال الشعوب من أجل الإنعتاق من الهيمنة الامبريالية والطبقات المحلية التابعة لها أظهرت أن إنجاز هذه المهام، فأحرى انفتاحها على الأفق الاشتراكي، يستوجب قيادة الطبقة العاملة لجبهة الطبقات الشعبية (تجربة الأغلبية الساحقة من حركات التحرر الوطني في العالم). التجارب الوحيدة التي استطاعت الافتكاك من التبعية للامبريالية وانتزاع السيادة الوطنية، هي التجارب التي قادتها أحزاب أو حركات تمثل مصالح الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء (الثورات الروسية والصينية والفيتنامية والكوبية والكورية). وسبب ذلك هو أن البرجوازية أصبحت تابعة للامبريالية وعاجزة، بالتالي، على إنجاز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي.

لهذه الاعتبارات، قرر المؤتمر الوطني الرابع للنهج الديمقراطي، في يوليوز 2016، تحمل المسئولية في التحضير للإعلان عن الحزب المستقل للطبقة العاملة في المؤتمر الوطني الخامس. واستمر في مد اليد إلى كل الماركسيين من خلال تنظيم حوارات مع كل من استجاب لدعوته.

لقد قرر المؤتمر الوطني الخامس، المنعقد في 22 و23 و24 يوليوز 2022، تأسيس حزب الطبقة العاملة المغربية تحت إسم “حزب النهج الديمقراطي العمالي” وتبنى الماركسية-اللينينية، كمنهج للتحليل ونظرية للتغيير الثوري ومشروع مجتمعي بديل للرأسمالية، وضع حجرها الأساس ماركس وإنجلز وأغناها، بشكل جوهري على المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية، لينين والمنفتحة على اسهامات ماو وروزا لوكمبورغ وغرامشي وغيرهم من القادة والمفكرين الشيوعيين.

إن النداء الذي وجهه حزب النهج الديمقراطي العمالي للماركسيين(ات)-اللينينيين(ات) المقتنعين(ات) بالضرورة القصوى لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والمستعدين للمساهمة في بناءه، الآن ودون تردد أو تأخر أو تراخي، يرتكز إلى وعيه العميق أن العالم ومنطقتنا وبلدنا في مفترق الطرق، إما ستستعد الطبقة العاملة المغربية، من خلال التقدم في بناء حزبها، لأن تكون فاعلا حاسما فيه وإما ستخلف الموعد، مما سيكون له انعكسات كارثية ليس عليها فحسب بل على الشعب المغربي بأكمله.

إن هذا النداء يندرج في إطار المحاولات الوحدوية المتكررة، منذ سبعينات القرن الماضي، مؤكدا أن تصورات حزب النهج الديمقراطي العمالي لبناء الحزب والتنظيمات الذاتية للجماهير الشعبية، وخاصة العمالية والكادحة بشكل عام، وجبهة الطبقات الشعبية والأممية الماركسية ليست متكاملة ومنزهة من الخطأ. بل هي مطروحة للتصحيح والتدقيق والإغناء.


* كلمة العدد 509 من جريدة النهج الديمقراطي

العدد 509 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك