ذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981: وتستمر معركة النضال ضد التفقير والاستبداد المخزني
ذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981
وتستمر معركة النضال ضد التفقير والاستبداد المخزني
يعتقد الحاكم المستبد أن ليالي الظلم لن تنجلي لكن صباح الحرية على موعد مع أجيال المستقبل، ها هي ذكرى 20 يونيو المجيدة مخلدة في تاريخ أبناء الشعب المغربي. لا يمكن أن يطوي النسيان هبات جماهيرية غفيرة خرجت منتظمة سنة 1981 للاحتجاج ضد سياسات التفقير والزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية، لتجد أمامها جحافل القمع مدججة بمختلف أنواع الأسلحة كأنها تستعد للحرب.
في 28 مايو من سنة 1981، أعلنت حكومة “المعطي بوعبيد” عن الزيادة في أثمان المواد الأكثر استهلاكا في المعيش اليومي للجماهير الشعبية، تلبية لأوامر وتوصيات المؤسسات المالية للرأسمال العالمي. وبعد ضغوطات قوية من القواعد العمالية وعموم الأجراء النقابيين دعت المركزية النقابية “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” إلى إضراب وطني يوم 20 يونيو من سنة 1981، كان قد لقي تجاوبا كبيرا وناجحا خاصة في مدينة الدار البيضاء، الأمر الذي دفع السلطات القمعية الى التدخل من أجل تشتيت التظاهرات وقمع المحتجين الذين نزلوا بالمقابل بمظاهرات في دروب وأزقة الأحياء الشعبية. وهنالك ووجهوا وهم عزل بمختلف أصناف القمع بما في ذلك الفيالق العسكرية المسلحة والموجهة بتوصيات أعلى المراتب في المسؤولية التي كانت تهدف إلى إسكات المحتجين ولو أدى الأمر الى اطلاق الرصاص الحي واستعمال الأسلحة الثقيلة…
لقد كان المغاربة يواجهون آلة الموت التي استعملها النظام السياسي من دون رحمة وهم يظنون أن مطالبهم البسيطة في التراجع عن الزيادات المهولة في المواد الأساسية لا يكلف الدولة في شيء، حتى أنها أثارت استهزاء وزير الداخلية أنذاك غير المأسوف على رحيله ادريس البصري وأنها مطالب لن تقلق مراكز الرأسمالية الوصية على خيرات بلادهم. لكن حصيلة تلك التدخلات الهمجية كانت جد ثقيلة من حيث جريمة اقتراف مجزرة ومقبرة جماعية من حيث عدد الشهداء المفقودين المعتقلون الجرحي، وذوو العاهات المستديمة حصيلة هذه الجريمة كغيرها من جرائم النظام، ظلت في حكم الكتمان والانكار في البداية إلى أن نضال الحركة الحقوقية والمعارضة دفع بنظام المخزن الى الاعتراف ولو فقط ب (66 قتيلا 110 من الجرحى؟!) بينما صرح الاتحاد الاشتراكي ب(600 قتيل و 5000 جريح…) أما الحصيلة الحقيقية فقد تجاوزت تلك الأرقام بكثير، حسب من عايشوا تلك الفترة الرهيبة التي دامت خلال يوم 20 يونيو وما بعده بأيام، حيث المطاردات البوليسية والاعتقالات التي تراوحت ما بين 25 ألف و30 ألف معتقل بينما اعترفت دولة المخزن فقط ب (حوالي 500 شخص) ولم يسلم من بطش السلطات القمعية لا النساء ولا الشباب بعضهم من ضحايا المقبرة الجماعية السرية بالحي المحمدي “نكنة رجال المطافي” هذا مع تعميم فرض حالات الاستثناء وضرب حرية التعبير بما في ذلك منع صدور جريدة المحرر وجريدة ليبيراسيون وبعض منابر الاعلام المغربية والدولية…
لقد شكلت انتفاضة 20 يونيو المجيدة ملحمة شعبية خالدة في ذكرى وذاكرة الشعب المغربي، فكانت منعطفا جديدا للمزيد من الانتفاضات الشعبية كما هو الأمر بالنسبة لانتفاضة سنة 1984 خاصة بالريف، احتجاجات سنة 1990/1991 وغيرها في العديد من المناطق التي تنتفض ضد التفقير والاستبداد السياسي… لقد تواصلت وهي تراكم التجربة وتتغدى من واقع الاقصاء الاجتماعي والنضالات العمالية الشعبية حتى انفجرت في شكل جديد مع الحراك الشعبي 20 فبراير 2011 في سياق ما يعرف بالحراكات التي عرفتها المنطقة العربية والمغاربية هذه الانتفاضة، ما قبلها وما بعدها ليست سوى تعبيرات مجتمعية حقيقية عن التناقضات الطبقية التي تعتمل في مجريات الصراع بين مصالح الكتلة الطبقية السائدة ونظامها الحاكم من جهة ومجموع الطبقات الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة وعموم الكادحين. وستستمر بالتأكيد وستتعرض نضالات وانتفاضات الجماهير المفقرة الى المزيد من القمع والمنع ما دامت دولة المخزن لا تملك حلولا ولا أجوبة حاسمة على الأزمة البنيوية المتواصلة ضمن خياراتها التبعية وبحكم طبيعة النظام اللاوطني اللاديمقراطي واللاشعبي.
أمام ما تقدم، ليس من خيار أمام التنظيمات المناضلة من أجل تحرر الشعب المغربي ومن أجل أن لا تتكرر مآسي النظام وجرائمه سوى المزيد من النضال في إطار:
– نضال التنظيمات الحقوقية المدنية والشعبية من أجل فرض اعتراف الدولة واعتذارها عن كل ما اقترفته من انتهاكات جسيمة ومحاكمة جميع من تورطوا في تلك الجرائم.
– نضال وحدوي للحركة النقابية من أجل فرض حرية العمل النقابي والحق في ممارسة الاضراب دون قيد أو شرط. فرض نضالات وحدوية المجموع القطاعات النقابية في أفق نضال نقابي موحد، يستهدف وحدة كل مكونات الطبقة العاملة وعموم المأجورين.
– نضال في الواجهة السياسية. فهي مرة أخرى دعوة لكل التنظيمات الديمقراطية والمناهضة للمخزن للتكتل على أرضية حد أدنى لمواجهة الهجوم والاستبداد المخزني بما يمكن المعارضة الحقيقية من تنظيم نفسها من أجل التغيير المنشود.
وتبقى المسؤولية من أجل التقدم في انجاز ما سبق على الديمقراطيين وخاصة على المناضلات والمناضلين الذين لهم المصلحة في أن تتبوأ الطبقة العاملة وعموم الكادحين بواسطة حزبها المستقل المكانة اللائقة في قيادة النضال الطبقي وحسم الطريق نحو مجتمع ديمقراطي، مغرب الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية.