ديمقراطية الواجهة تحت الأنقاض بالحوز
الشعب لا يطرح إلا الأسئلة التي يستطيع الإجابة عليها. ومن هذه الأسئلة ما هو البديل لديمقراطية الواجهة المطبقة منذ 67 سنة عمر دولة الاستقلال الشكلي؟ أعيد طرح هذا السؤال إبان وبعيد هزات الزلزال القاتلة ليلة جمعة 8 شتنبر. كانت ديمقراطية الواجهة موضع سؤال تلك الليلة، ولأن لديمقراطية الواجهة لسان طويل وأذرع مكسورة فحتى هذا اللسان – الإعلام الرسمي – كان مقطوعا ومشلولا لم يتفاعل مع الفاجعة. استمر الإعلام الرسمي في بث كل تفاهته وكأنه يبث من استراليا أو أمريكا الجنوبية. لم تغير أية قناة برامجها وبالأحرى أن تعلن الحداد وتنقلب إلى قناة تلاوة القرآن كما فعلت في مناسبة بعينها لم تتحرك الأجهزة المعلومة أو المصالح المسؤولة على تناول المهام في مثل هذه الحالات إلا بشكل متأخر تجر أرجلها وكأنها مدفوعة إلى ذلك دفعا من دون روح قتالية تناسب الفاجعة. لقد أرسلت الأطقم مجردة حتى من قارورات الماء والمؤونة لتسترجع قوتها وهي تنقذ الضحايا . أما عن الحكومة ووزرائها فهناك منهم /ن من واصل أيام عطلته ولم يلتحق بالرباط إلا يوم الاثنين او بعده من جهة نواب البرلمان ومستشاريه فهم في حالة شرود إلى حدود يوم 23 شتنبر أي بعد 15 يوما من حدوث الزلزال. أما الأحزاب المخزنية في الأغلبية وفي المعارضة لم تبادر بأي فعل ينخرط في الهبة الشعبية لأنها تعلم أن ذلك خط احمر رسم لها منذ زمان. ان هذه الكائنات الزاحفة لا يمكنها أن تسبق مبادرات رئيس الدولة وإلا اتهمت بالمزايدة والضرب في المشروعية الشعبية.
في المقابل بادر الشباب في نقل الأخبار بالصوت والصورةالنجدة والتدخل تصل تباعا وعلى مدار الساعة. انطلقت المواكب الشعبية من المدن القريبة وتبعتها وفود من أبعد نقاط المغرب. لم تنتظر جماهير شعبنا إذن السلطات الغائبة أصلا عن مواقع الحدث. وفي جو مفعم بالروح الجماعية والأخوة الرفيعة بادرت كل الفئات الاجتماعية إلى التبرع بالدم أو بالإعانات لكل ما يمكن أن تمده كمساعدة واهتم المنظمون للمواكب بمسائل اللوجستيك وبالمساعدة في انتشال الضحايا وجثامين الموتى. لقد أبدى الشعب درجة كبيرة من روح التضامن والتعاضد وهذه هي القيم التي تعتبر أساس خلق المعجزات لما ينهض الشعب إلى تحقيق مطالبه في العيش الكريم وانتزاع حرياته الأساسية. إنه قادر على تنظيم نفسه على قواعد ديمقراطية جديدة مباشرة ترفض الوصاية او التوظيف من طرف الكتلة الطبقية السائدة التي تحتكر السلطة وتطبق استبدادها المطلق من وراء ديمقراطية شكلية مزيفة . هذه الديمقراطية التي تعرى زيفها أمام جبروت الزلزال والكارثة التي أصبحت جهتين من أغنى جهات بلادنا مناطق منكوبة وقد استفحلت نتائج الكارثة بسبب التهميش والإهمال السياسي المقصود لساكنة هذه المناطق.
فإذا كانت كارثة الزلزال وبالا وخيما على الكادحين فإنها ساعدت على طمر ديمقراطية الواجهة تحت الأنقاض وحولتها إلى جيفة بكل تأكيد لن يلتفت لها جموع المتضررين لأنهم ذاهبون إلى استخلاص الدرس التاريخي وهو أن الشعب يعول على قواه الذاتية ولا بديل له من تصعيد الوعي والنضال من أجل تقرير مصيره والقضاء على هذا التخلف.