ندوة صحفية لضحايا معتقل تازمامارت لإطلاع الرأي العام على التطورات التي يعرفها ملفهم
نظمت جمعية ضحايا معتقل تازمامارت وأصدقائهم ندوة صحفية يومه الجمعة 01 دجنبر 2023، على الساعة الثالثة بعد الزوال بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، قصد إطلاع الرأي العام الوطني والدولي على مجمل التطورات التي يعرفها ملفهم الذي لازال لم يعرف بعد المعالجة الشاملة والعادلة له، وفي مستهل هذه الندوة قديم السيد عبدالله أعقاو رئيس الجمعية تصريحا صحفيا، جاء فيه:
السيدات والسادة ممثلات وممثلو الصحافة الرقمية والورقية، السمعية والبصرية؛
السيدات والسادة ممثلو المنظمات الحاضرة معنا؛
الحضور الكريم.
يطيب لنا أن نرحب بكن/م جميعا، باسم جمعية ضحايا معتقل تازمامارت، في هذه الندوة الصحفية التي نعقدها لاطلاعكم/ن على حال ومآل ملفنا كضحايا مباشرين للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكذوي الحقوق، لاسيما عقب المنع التعسفي وغير المبرر للقافلة الطبية الحقوقية، المنظمة من مجموعة من الهيئات الطبية والحقوقية، التي كانت ستتوجه إلى تازمامات أيام فاتح، 02 و03 دجنبر الجاري؛ وهي القافلة التي كانت تسعى تحقيق هدفين نبيلين اثنين:
هدف اجتماعي: يتمثل في تقديم خدمات صحية لساكنة المنطقة، من خلال اجراء فحوصات طبية في تخصصات مختلفة، وتسليم كمية من الأدوية للمرضى إلى جانب مساعدات ودعم اجتماعي لبعض الأسر المعوزة.
هدف حقوقي: يروم التأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة، صيانة وحماية الوطن والمواطن والمجتمع من تكرار انتهاكات الماضي، ووضع حد لعهد التهميش والإقصاء الاقتصادي والحرمان التنموي، والحيف السياسي والاجتماعي الذي عانت منه المنطقة طيلة سنوات الجمر والرصاص، من خلال أنشطة متنوعة تشمل:
– زيارة ميدانية لما تبقى من المعتقل السابق، والوقوف على قبور الشهداء والترحم عليهم؛
– تنظيم موائد مستديرة للبحث في العديد من الإشكالات، ومحاولة تقديم أجوبة لبعض التساؤلات المتعلقة بالحقيقة والإنصاف، وجبر الضرر الفردي والجماعي وإنصاف الضحايا، ورد الاعتبار لهم وللمنطقة وساكنتها، وسبل الحفاظ على الذاكرة.
السيدات والسادة؛
لا ريب في أنكم على معرفة ضافية ودراية كافية بما مررنا به، ومعنا ذوونا والمجتمع برمته، من أهوال وقاسيناه من ويلات يشيب لها الولدان، بالمعتقل السري الرهيب بتازمامارت. فمنا من قضى نحبه بعد معاناة مروعة لا قبل لأي انسان بها، ومنا من ظل دفق الحياة يتردد في أنحاء جسده ليستقبل العالم الخارجي من جديد، بعد أن لفظنا هذا الوحش الكاسر آكل البشر.
واليوم، فبالرغم من انصرام خمسين سنة على جريمة الاختطاف، التي ذهبنا ضحيتها نحن مجموعة من السجناء العسكريين السابقين، ليلة 7/8 غشت 1973؛ ومرور اثنتي وثلاثين سنة (1700 يوم) على الإفراج عن الأحياء منا، فإن ملفنا لا زال يراوح مكانه لأنه لم يتم حله بشكل شمولي وعادل وفق آليات ومواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان؛ سواء من قبل هيئة التحكيم المستقلة التي انكبت على دراسته سنة 2000، أو من طرف هيئة الانصاف والمصالحة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المتعاقبة.
فمن جهة أولى ظلت الحقيقة فيما تعرضنا له من اختطاف واختفاء قسري وتعذيب ناقصة ومغيبة في بعض جوانبها، ولم يتم التأكد من هوية الذين استشهدوا ودفنوا داخل مختبر الموت بتازمامارت بالطريقة العلمية، ولم يجْرِ جبر الضرر الفردي للضحايا منا، إذ حرمنا من حقنا المشروع في التسوية الإدارية والمالية، وحقنا في التقاعد والمعاش لذوي الحقوق، أسوة بباقي الموظفين ضحايا انتهاكات ماضي حقوق الإنسان، ولم نستفد من حقنا في التأهيل الصحي والنفسي، هذا من جهة. أما من جهة أخرى فلا زالت قرية تازمامارت تعاني من التهميش، ولم تستفد من برامج حقيقية لجبر الضرر الجماعي أو المناطقي.
لذلك فإننا نغتنم مناسبة هذه الندوة الصحفية لنرفع الصوت عاليا، مطالبين الجهات المسؤولة والوصية على ملفنا بالتعامل الجدي والمنصف مع مطالبنا العادلة والمشروعة، والتي تتلخص فيما يلي:
– مواصلة التحريات لاستجلاء الحقيقة وتحديد هويات الضحايا، المتوفين داخل المعتقل السري السيئ الذكر، باعتماد الحمض النووي؛
– الحق في معرفة حقيقة ما جرى لنا من اختطاف واختفاء قسري لما يقارب عقدين من الزمن، والكشف عن جميع المسؤولين عن هذه الجريمة ومساءلتهم تفعيلا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب؛
– التشبث بحقنا في تسوية أوضاعنا الإدارية والمالية، وحق التقاعد للأحياء والمعاش لذوي حقوق المتوفين، وفقا لما جاء في رسالة الوزير الأول عدد 1491 بتاريخ 4/5،/1999، أسوة بباقي الموظفين ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الجمر والرصاص؛
– معالجة الوضعية الصحية والهشة التي يوجد عليها الضحايا وعائلاتهم بسبب الحرمان والتهميش؛
– اشراك ممثلي الضحايا في عملية ترميم المعتقل السري السابق في إطار الحفاظ على الذاكرة؛
– التحفظ على الصيغة التي اعتمدتها الدولة لترميم المعتقل السري السابق، وما قد يترتب عنها من نتائج؛
– صيانة الذاكرة وذلك ببناء متحف في قرية تازمامارت يضم جميع أسماء الضحايا الذين قضوا نحبهم ثمة والذين نجوا منهم، وكذا أسماء المشرفين على المعتقل من مدير وحراس، مع الأخبار والمعلومات والصور والمقالات والتسجيلات والكتب وكل الوثائق التي تحكي عن هذا المعتقل الرهيب؛ بالإضافة إلى صناعة مجسمات طبق الأصل للزنازين القديمة مع تشييد مسجد يستطيع فيه الزوار الترحم فيه على الضحايا؛
– إعادة الاعتبار لتازمامارت وساكنتها، من خلال برامج حقيقية لجبر الضرر الجماعي يراعي رغبات ومطالب وحاجيات الساكنة.
الحضور الكريم؛
لا نريد أن نثقل عليكم/ن كثيرا بسرد تفاصيل معاناتنا المرسومة على أجسادنا والموشومة في ذاكرتنا الفردية والجماعية، فهي قد أضحت جزءا من تراثنا وتاريخنا الراهن؛ لكن نريد من خلالكم/ن وعبركم/ن التأكيد من جديد على أننا لن ندخر جهدا ولن يهدأ لنا بال، طالما ظلت مشاكلنا دون حل ومظالمنا طي الإهمال والتجاهل.
وفي الختام، نجدد لكم/ن الشكر جميعا، ونحن رهن اشارتكم/ن للإجابة على جميع أسئلتكم واستفساراتكم.
الرباط، في فاتح دجنبر 2023.