في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليوم بالبارحة
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليوم بالبارحة
يمرّ اليوم أربعة عشر عاما على اندلاع ثورة الحرية والكرامة التي انطلقت شرارتها من سيدي بوزيد حين أشعل الشهيد محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على الظلم والاضطهاد الذي يمارسه نظام بن علي ضد المفقرين وعموم الشعب.ولمّا لم يكن لدى هذا النطام الدكتاتوري الغاشم سوى المعالجة الأمنية القمعية، فقد واجه شعبنا بصدور عارية رصاص القهر الطبقي لتنتشر شرارة الثورة كالنار في الهشيم وتعمّ كامل أرجاء تونس وتشارك فيها كافة طبقات المجتمع وفئاته المضطهدة وتتحوّل شعاراتها ومطالبها من المضمون الاحتجاجي الاجتماعي إلى المضمون السياسي الثوري الذي استهدف مجمل منظومة الحكم وخياراتها وشكل سلطتها المستبدّة والعميلة والفاسدة، “الشعب يريد إسقاط النظام”، “شغل حرية كرامة وطنية”، هذا ما لهجت به حناجر الجماهير المنتفضة من جنوب البلاد إلى شمالها. وبالفعل فقد سقطت الدكتاتورية وهرب بن علي وعائلته (وما أكثر الطغاة الهاربين) إلى السعودية يوم 14 جانفي 2011 المجيد بعد استشهاد المئات وجرح أضعافهم.
إنّ حزب العمال، إذ يحيي ذكرى اندلاع ثورة الشعب التونسي، وإذ ينحني أمام ذكرى شهداء الشعب وتضحيات مناضلاته ومناضليه من كل الأجيال والتيارات الوطنية التقدمية، فإنه:
– يعتبر أنّ شعبنا انتصر على دكتاتورية بن علي ودشّن مسارا ثوريا في بلادنا وفي المنطقة وفي العالم سرعان ما التفّت عليه قوى الثورة المضادة وحوّلته إلى فشل بل إلى مآس وحروب أهلية في بعض الأقطار لعبت القوى التكفيرية الإرهابية دورا حاسما في تأجيجها وحرف النضالات العادلة والمشروعة للشعوب والطبقات المحرومة وفتح الأبواب للغزو الخارجي.
– يجدّد قناعته بأنّ المسار الثوري التونسي صمد لسنوات في وجه محاولات الالتفاف عليه من قوى الردّة الظلامية والليبرالية الفاسدة والمدعومة من قوى دولية وإقليمية استعمارية ورجعية هيّأت الأرضية لانقلاب 25 جويلية الذي صادر غالبية المكاسب التي فرضها الشعب وقواه التقدمية ورجع بالبلاد إلى مربّع الاستبداد والقمع ومصادرة الحريات وأغرقها في الاقتراض والتبعية وفاقم كافة مظاهر البؤس المادي والمعنوي الذي يعاني منه الشعب.
– يدين محاولات قيس سعيد خلق تنافر وهمي بين موعدي 17 ديسمبر تاريخ انطلاق الثورة و 14جانفي تاريخ سقوط الدكتاتورية وهو الذي لم يكن معنيّا بالموعدين مثل كل مثقفي السلطة واحتياطها الرجعي.
– يعتبر أنّ حصيلة حكم الثورة المضادة طيلة 14 عاما تؤكد أنّ الثورة لا تنجح إذا لم تقلب رأسا على عقب طبيعة الدولة وخياراتها الرجعية في مختلف المجالات، كما أنّ الارتباط بالثورة لا يقف عند حدود الشعارات والمغالطات الخطابية بل هي التزام بخيارات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، وطنية، ديمقراطية، شعبية وهذه الخيارات تمثل اليوم حاجة أكيدة لشعبنا وبلادنا ولا يمكن أن تتحقق إلا بالنصال من أجل وضع حدّ للاستبداد وخياراته التي لا تنتج سوى التبعية والفقر والمهانة، وإقامة نظام وطني ديمقراطي وشعبي تتحقق في ظلّه مطالب غالبية المجتمع من المشتغلين والمفقرين والمضطهدين.
حزب العمال
تونس في 17 ديسمبر 2024