حوار مع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي، الرفيق جمال براجع
الرفيق جمال براجع
بمناسبة اصدار العدد 500 من جريدة النهج الديمقراطي، لسان حزب النهج الديمقراطي العمالي، ونظرا لأهمية الحدث، فقد قررت الهيأة المشرفة على هذا العدد استضافة الأمين العام للحزب، الرفيق جمال براجع مشكورا على تلبيته للدعوة وعلى أجوبته القيمة والواضحة على أسئلة الجريدة.
1- ماهي أهمية الإعلام في الصراع الطبقي وعملية التغيير؟
يكتسي الإعلام، وخاصة في الفترة الحالية مع الثورة الرقمية والمعلوماتية، أهمية حيوية واستراتيجية في حياة المجتمع نظرا لأدواره الكبيرة والحاسمة في صناعة وتوجيه الرأي العام وصياغة فكر ووجدان الأفراد والجماعات والشعوب. لذلك فهو مجال وحقل للصراع بين الطبقات البرجوازية السائدة المستغلة، والطبقات المسودة المستغلة وعلى رأسها الطبقة العاملة لامتلاك وسائله وتوظيفها في نشر وتسييد إيديولوجيتها وقيمها داخل المجتمع لضمان إعادة انتاج هيمنتها بما يكرس مصالحها وسيطرتها الطبقية بالنسبة للطبقات السائدة، أو بالعكس في نشر الفكر الثوري وقيم التقدم والعقلانية والديمقراطية والعدالة والمساواة لتحقيق التغيير داخل المجتمع وإحداث القطيعة مع علاقات الاستغلال الرأسمالية لصالح علاقات إنتاج جديدة ذات مضمون اشتراكي علمي.
فالإعلام، إذن، ليس محايدا في المجتمع الطبقي كما هو حال مجتمعنا. فهو إما يكون أداة رجعية لتكريس الواقع القائم، وإما يكون أداة تقدمية تساهم في تغيير الواقع وتثويره نحو الأفضل. فالدولة المخزنية في بلادنا تسيطر على معظم وسائله السمعية البصرية والمكتوبة بالإضافة الى تفريخ الجرائد والمواقع الإلكترونية الموالية لها، وتقدم لها مختلف أشكال الدعم. وفي المقابل تحاصر وتضيق وتقمع الإعلام التقدمي والمستقل بمختلف الوسائل بما فيها المنع والمصادرة ومحاكمة الصحفيين ومنع الاشهار عنها…للحيلولة دون قيامه بأدواره المجتمعية الحقيقية.
وعلى العكس من ذلك، تعمل القوى التقدمية والثورية، ومنها حزبنا النهج الديمقراطي العمالي، والإعلاميون المتنورون والتقدميون على جعل الإعلام في خدمة عملية التغيير المجتمعي الشامل والعميق من خلال جعله وسيلة للتنوير والتوعية ونشر الأفكار والقيم الإنسانية العقلانية والاشتراكية، وتوجيهه لخدمة قضايا وطموحات وهموم الجماهير الشعبية والتعريف بنضالاتها، وفضح ما تتعرض له من ظلم وقهر واستغلال واضطهاد، والكشف عن طبيعة و حقيقة وأهداف السياسات الطبقية السائدة المكرسة للاستبداد والتبعية والتخلف، وتحفيز تلك الجماهير على مقاومتها.
2- كيف ترى دور الجريدة المركزية في عملية بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؟
تلعب الجريدة المركزية دورا أساسيا ومحوريا في حياة الحزب المستقل للطبقة العاملة سواء من في عملية بناءه أوفي سيرورة تطوره لإنجاز مشروعه الثوري في خضم الصراع الطبقي، على الرغم من الصعوبات والتحديات المرتبطة بتراجع الاعلام المكتوب لصالح الاعلام الالكتروني. إن هذا الدور المحوري تؤكده التجارب الثورية للحركة العمالية والشيوعية العالمية وعلى رأسها التجربة الماركسية اللينينية الروسية. وقد أثبتت هذه التجربة الناجحة بالملموس الدور الحاسم الذي لعبته الجريدة المركزية ليس فقط في الدعاية والتحريض بل في البناء والتبلور النظري والسياسي والتنظيمي للحركة الاشتراكية الديمقراطية الروسية وتوحيد جناحها الثوري في الحزب البولشفي.
إن الفهم والاستيعاب العميق لجوهر دور الجريدة المركزية في حياة الحزب وفي خوض الصراع الطبقي يجعلنا، في النهج الديمقراطي العمالي نولي أهمية قصوى لجريدتنا الورقية ” النهج الديمقراطي”، ونصر على ضمان استمرارها وانتظام صدورها مع الحرص على جودتها حتى تقوم بأدوارها ومهامها النظرية والسياسية والتنظيمية والاعلامية، إلى جانب الوسائل الإعلامية الأخرى للحزب. فإلى جانب دورها في الدعاية للأفكار الاشتراكية والتقدمية ولمواقف الحزب ولخطه الأيديولوجي والسياسي وسط الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، والتحريض ضد النظام السياسي القائم وسياساته الطبقية، فإنها تقوم بدور التوجيه الفكري والسياسي للمناضلين/ات وللطلائع العمالية والشعبية والمثقفين الثوريين والتقدميين المداومين على قراءتها من خلال الافتتاحيات وبيانات الحزب والمقالات التحليلية لمختلف قضايا الصراع الطبقي والتقارير حول أوضاع الطبقة العاملة والجماهير ونضالاتها… كما تلعب دورا أساسيا في توحيد الماركسيين من خلال فتح أبوابها أمامهم للنشر والنقاش وتقريب وجهات النظر حول مختلف القضايا النظرية والسياسية والعملية. وعندما تعبر الجريدة عن قضايا ومشاكل وطموحات العمال والجماهير وتجيب عن الأسئلة التي تشغل بالهم وتنير لهم طريق التغيير، فأكيد أنهم سيتحلقون حولها ويرتبطون بها وسيستمدون منها الأفكار التوجيهية التي تتحول إلى قوة مادية لخوض الصراع ضد الاستغلال والقهر الطبقي ومن أجل انتزاع حقوقهم وتغيير واقعهم. وهذا هو السياق المناسب لالتحاق واستقطاب الطلائع العمالية والكادحة للحزب والمساهمة في بناءه. لكن هذا لا يتم بصفة عفوية وميكانيكية، بل لابد من التدخل السياسي الواعي لمناضلي/ات الحزب في هذه العملية عبر التحامهم بالعمال والكادحين والنقاش معهم والتواصل الدائم معهم، ودعم نضالاتهم، والتعريف بها وبأوضاعهم ومشاكلهم وخاصة عبر الجريدة التي يجب ضمان وصولها إليهم وانتشارها وسط الجماهير، واقناعهم بأهمية وضرورة الانخراط في بناء حزبهم المستقل كأداة ضرورية للقضاء على الاستغلال والاستبداد، وتحقيق التحرر الوطني الديمقراطي والاشتراكية.
وبطبيعة الحال هناك عدة شروط لا بد منها لنجاح الجريدة المركزية في بناء وتطور الحزب منها الوضوح النظري والسياسي لخطها التحريري وصدقية خطابها وتعبيرها عن مشروع التغيير الوطني الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي، وأن تشمل جميع جوانب التوعية والتربية الأيديولوجية والسياسية والثقافية والفنية… وأن تكون لسان حال العمال والكادحين، وأن تراعي في لغتها مستواهم التعليمي والثقافي، وأن تفتح لهم أبوابها للنشر والكتابة.
3- ماهي أهمية وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في الصراع الطبقي؟
في ظل الثورة المعلوماتية والرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر وتلغرام وغيرها، تكتسح الحياة اليومية للأفراد والجماعات والهيئات المختلفة. إذ أصبحت حاسمة في صناعة وصياغة آراء وأفكار وقيم وسلوكات الأفراد والمجتمعات وتوجيه الرأي العام. وبحكم سيطرة وتحكم الرأسمالية ومؤسساتها في هذه الوسائل، فإن وظيفتها الأساسية هي نشر وترسيخ الأفكار والقيم والنزعات الرأسمالية الليبرالية المتمحورة حول تقديس الملكية الخاصة والفردانية والنزعة الاستهلاكية، بالإضافة إلى استعمالها من طرف الأنظمة الاستبدادية والقوى الرجعية في تكريس التخلف والاستبداد والفكر الرجعي وثقافة التفاهة والخرافة والطاعة والخضوع…
وفي المقابل أصبحت هذه الوسائل فضاءات هامة للقوى الثورية والتقدمية لخوض الصراع الطبقي ضد الرأسمالية والامبريالية والأنظمة الاستبدادية والقوى الرجعية، سواء في مستواه الأيديولوجي او مستواه السياسي العملي، من خلال نشر أفكار التنوير والتقدم والعقلانية والاشتراكية وتعميم التجارب الثورية والنضالية للشعوب وتسهيل التواصل بين الشعوب والقوى المناضلة عبر العالم، ومواجهة الفكر الرأسمالي البرجوازي الرجعي بمختلف أشكاله، والدعوة لتنظيم الانتفاضات والاحتجاجات ضد الأنظمة القائمة. ونذكر هنا بالدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في اندلاع السيرورات الثورية في منطقتنا ومنها حركة 20 فبراير المجيدة ببلادنا في 2011. لذلك يجب علينا، كماركسيين لينينيين أن نحسن استخدام هذه الوسائل في الصراع الطبقي بشكل منظم وموجه بخطنا الأيديولوجي والسياسي ومنظورنا العلمي الشامل لدور الإعلام في التغيير الثوري. وهذا ما يفرض على مناضلات ومناضلي حزبنا جعل وسائل التواصل الاجتماعي قنوات لنشر وتوضيح مواقفنا وأفكارنا وقيمنا الشيوعية، وللتواصل مع الطبقة العاملة والكادحين والتعريف بقضاياهم ونضالاتهم ودعمها ونشر الوعي الطبقي وسطهم وتشجيعهم على التنظيم والنضال والصمود…
4- هل لك من كلمة للمناضلين/ات بشكل عام والشباب بشكل خاص بمناسبة ذكرى انتفاضة 23 مارس المجيدة وذكرى اليوم العالمي لحقوق المرأة؟
لقد قدم شعبنا وضمنه النساء العاملات والكادحات والمناضلات وقواه الثورية والتقدمية، تضحيات جسيمة في سبيل الحرية والديمقراطية والعيش الكريم. تشهد على ذلك الانتفاضات والمقاومات الشعبية والعمالية للاستبداد المخزني وللاستغلال والقهر الطبقي وما تعرضت له من قمع دموي همجي من طرف أجهزة النظام كما حدث في انتفاضات 23 مارس 1965 وغيرها من الانتفاضات الشعبية.
إن مسؤوليتنا اتجاه شعبنا وواجبنا النضالي يفرض علينا كمناضلين/ات ان نركز جهودنا على التجذر وسط الطبقة العاملة والجماهير الشعبية و الانخراط في نضالاتها، وأن نساهم في تنظيمها وتأطيرها وتوحيدها وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها، وان نحتل المواقع الأمامية في هذه النضالات، وان نعمل على نشر الفكر الاشتراكي والتقدمي وسط العمال والكادحين للرفع من وعيهم الطبقي والسياسي ولإقناعهم عبر الفكر والممارسة على الانخراط في بناء تنظيماتهم الجماهيرية المستقلة وحزبهم السياسي المستقل لقيادة صراعهم من أجل توفير شروط الموضوعية والذاتية الضرورية لكل تغيير ثوري ولبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية على طريق الاشتراكية. وفي هذا السياق يكتسي دور الشباب المناضل دورا هاما وحيويا من خلال انخراطهم/ن في النضال السياسي المنظم والواعي واكتساب الفكر الماركسي ونشره وسط العمال والكادحين وخصوصا وسط الشباب العامل والكادح.