من وحي الأحداث: البطالة معطى بنيوي للضبط الاجتماعي
البطالة معطى بنيوي للضبط الاجتماعي
إذا كانت الرأسمالية تستعمل البطالة من اجل مواجهة قانون تدهور نسبة فائض القيمة أي أنها تضبط الجيش الاحتياطي للعمل ومن خلاله تضغط على الأجور في اتجاه تخفيضها ومنع الطبقة العاملة من الانتقال إلى الهجوم السياسي لتتحول إلى طبقة تقود التغيير؛ فإن البرجوازية الطفيلية بالمغرب، تضيف إلى ذلك الهدف الأنف الذكر، هدفا أخر وهو استعمالها البطالة كآلية في سياسة الضبط الاجتماعي وتحويل الشغل إلى هدف بحد ذاته، وبغض النظر عن طبيعته وعن الحقوق والواجبات التي يلزم الدولة التقيد بها.
كل المعطيات المحينة والتي لم يعد في مستطاع المندوبية السامية للتخطيط التغطية عليها أو التخفيف من حجمها ولذلك اضطرت إلى نشر مؤشرات تفاقم البطالة (رغم تحفظنا الواضح حول مفهوم العمل أو نقيض العمل أي البطالة المعتمد من طرف المندوبية السامية للتخطيط) أن تقر ببلوغ نسبة البطالة إلى مستوى 12.9% على الصعيد العام وان يتراوح هذا المعدل ما بين 33.4% و35.3% بالنسبة للفئة العمرية الموجودة بين 15 و24 سنة بينما تعاني الفئة العمرية الخاصة بين 25 و34 سنة من بطالة مزمنة تتراوح نسبتها من 19.2% إلى 20.9%. إنها أرقام مهولة تعكس وضعية الأزمة العميقة للاقتصاد التبعي وللاختيارات الأساسية التي اعتمدتها دولة الاستقلال الشكلي منذ تأسيسها.
هذه الأرقام تسمح لنا بالقول إن البطالة أصبحت آفة اقتصادية واجتماعية ببلادنا. إنها آفة تقيس كل العائلات المنتسبة إلى الطبقات الاجتماعية الشعبية أي الطبقة العاملة والفلاحين وكادحي المدن وحتى البرجوازية المتوسطة والصغيرة. وحدها البرجوازية الكبيرة من تجد نفسها غير معنية بهذه الآفة وذلك لأسباب معروفة. آفة البطالة تقيس بالدرجة الأولى الشباب ثم النساء بمختلف فئاتهن العمرية.
لا حل لهذه الآفة إلا بإسقاط نمط الإنتاج الرأسمالي التبعي ببلادنا وإقامة اقتصاد وطني متحرر من التبعية للامبريالية اقتصاد مبني على تطوير الذات ينتج الخيرات أولا وأساسا من اجل تحقيق السيادة الغذائية والطاقية والصحية والتعليمية والسكن الكريم واللائق للمواطنات والمواطنين. يوظف ثروات البلاد المنجمية والبحرية والغابوية للاكتفاء الذاتي وللتطور الاقتصادي والاجتماعي والتحرر السياسي.
لا حل لآفة البطالة ما دامت نفس الطبقات الاحتكارية هي من يصوغ ويضع الاختيارات الإستراتيجية للاقتصاد الوطني مثل البرنامج التنموي وكل الخطابات المخادعة حول الاوراش الكبرى والتنمية البشرية. الحل لمواجهة آفة الشغل بيد المتضررين وضحايا الموت في أعالي البحار المهاجرين في قوارب الموت. الحل بيد الشباب المتروك للمخدرات والدعارة وكل الأمراض الاجتماعية. الحل بيد القوى المناضلة المخلصة لمصالح شعبنا ومنها النضال من اجل الشغل الكريم المنتج.