افتتاحية: سياسة الحصار والقمع والمحاكمات لن تثن الطبقة العاملة عن بناء حزبها المستقل والنضال من أجل مطالبها المشروعة*

افتتاحية: سياسة الحصار والقمع والمحاكمات لن تثن الطبقة العاملة عن بناء حزبها المستقل والنضال من أجل مطالبها المشروعة*

تزداد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة المغربية وعموم الكادحات والكادحين استفحالا نتيجة السياسات المخزنية المعادية للفئات الشعبية والمنحازة كليّا لصالح الكتلة الطبقية السائدة. وأمام تعنت النظام ورفضه التجاوب مع أدنى المطالب الشعبية في الوقت الذي يقدم فيه كل الدعم للبورجوازية، لا تجد الجماهير الشعبية من حل سوى النضال والاحتجاج على ما وصلته أوضاعها من ترد.

وعوض الاستجابة لصرخات ومطالب النضالات العمالية والحراكات والاحتجاجات الشعبية تعتمد الدولة المخزنية سياسة الحصار والقمع والمحاكمات ظنّا منها بأنها ستُسكِت الأصوات المطالبة بالحرية أو برغيف العيش، أو على الأقل ستضعف حركات الاحتجاج وتسمح لها بمواصلة سياسة الفساد والريع.

إن رهاناتهم على القوة القمعية وحساباتهم الخاطئة تجعلهم يَمْضون في غيِّهم واستهتارهم بالمطالب الشعبية دون إعارة أدنى اهتمام لآلام جماهير شعبنا الكادحة، ويظنون أن حالة التشتت التي تعيشها القوى المناضلة ستستمر إلى الأبد.

إن الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحين الكادحين وعموم كادحات وكادحي الأحياء الشعبية تختزن داخلها ما يكفي من القوة لإزاحة كل المعيقات والعراقيل التي تَحُول بينها وبين تحقيق مهامها التاريخية؛ ولن تتمكن البورجوازية بكل جبروتها ومناوراتها من ثنيها عن المضي في إنجاز أهدافها الآنية والاستراتيجية؛ فهي قادرة على فرض مطالبها للفترة الحالية وفي نفس الوقت بناء حزبها المستقل القادر على قيادة نضالها الطبقي لبناء دولة وطنية ديمقراطية شعبية ذات الأفق الاشتراكي.

لقد ارتفع إيقاع سيرورة بناء هذا الحزب مع الإعلان عن حزب النهج الديمقراطي العمالي، وتحولت مجموعة من الشعارات إلى واقع ملموس يُرى بالعين المجردة؛ ولن يُوقف هذه السيرورة قمع أو مناورات، لأن الطبقة العاملة ستكون حريصة على بناء هذا الحزب الطبقي وعلى تكوين الجبهات الضرورية لقيادة نضال شعبنا نحو تغيير موازين القوى لتحقيق التغيير المنشود.

وسنواصل النضال في هذا الحزب من أجل بلترته وتقويته وتصليبه؛ فإذا كان حرصنا لا يلين على تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فإننا سندافع بكل طاقتنا من أجل تحقيق أي مطلب من مطالب شعبنا في ربط جدلي بين النضال المرحلي والنضال الاستراتيجي.

ولن يثنينا القمع عن مواصلة الطريق لبناء هذا الحزب وتحقيق مهامه لأن مناضلاتنا ومناضلونا خبروا كل أشكاله.

ففي حزبنا رفيقات ورفاق يتكسر على صلابتهم الحجر وكلنا إصرار وعزم على متابعة سيرنا مهما كانت أشواك الطريق، ولن نتراخى في نضالنا الدؤوب والحازم.

لن ننجر المعارك هامشية، يحاول المخزن إلهاءنا بها، تبعدنا عن أهدافنا الأساسية وصراعنا ضد الكتلة الطبقية السائدة؛ بل سنركز على السير بثبات وحزم نحو إنجاز مهامنا.

سنواصل الدفاع، دون هوادة عن الحريات العامة وحقوق الإنسان وعن قضية المرأة والقضية الأمازيغية وقضايا البيئة والسلم العالمي وكل القضايا العادلة لشعبنا.

إنهم يدفعون بسياساتهم اللاشعبية واللاديمقراطية ببنات وأبناء شعبنا إلى الفقر والهشاشة والإقصاء والتهميش والبطالة والمرض والأمية ويريدون فرض الصمت على الجميع؛ ولن يتخلوا عن سياساتهم الرعناء إلا بنضالات وحدوية قوية؛ وسنكون، كما كنا دائما مساهمين في هذه الاحتجاجات الشعبية.

وسننتصر في كل هذه المعارك طال الزمن أم قصر؛ وسنقدم من أجل ذلك تضحيات جسام إلى جانب كل شرفاء هذا الوطن.

ولن نقبل بأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وسنكون دائما في صفوف المدافعين عن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى.

يسعدون برؤية القوى الشعبية مشتتة، ولكنها فرحة لن تدوم طويلا لأننا طال الزمن أم قصر، سنتخندق في صف واحد ونبني وحدة نضالية دفاعا عن مصالحنا الطبقية الواحدة ولمواجهة الامبريالية والصهيونية والرجعية.


* كلمة العدد 512 من جريدة النهج الديمقراطي، حاليا بالأكشاك.