من وحي الأحداث: الماركسية علم خوض الصراع الطبقي

من وحي الأحداث: الماركسية علم خوض الصراع الطبقي
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

من وحي الأحداث: الماركسية علم خوض الصراع الطبقي

ولأنها علم فهي تشتغل على الوضع الملموس، تحلله وتدرس تناقضاته، تكتشف قوانينها وترتيبها وتستنتج طريقة حلها. وفي ذلك تعتمد برنامجا عاما بعيد المدى يرتب مهام حل التناقضات الأساسية اي الاستراتيجية وبرامج قريبة المدى ترتب التناقضات الرئيسية والثانوية ومهام حلها عبر تكتيكات.

في هذا المجال بالضبط تكمن صعوبة من نوعين:

الصعوبة الأولى، الجواب على القضايا المتغيرة والآنية والقريبة بأجوبة إستراتيجية، وهذا يقود إلى العزلة، لأن الشعارات المقدمة تقفز عن الشروط القائمة.

والصعوبة الثانية، هي قراءة وتقدير الوضع بأقل مما تتيحه الأوضاع المستجدة، فيكون الجواب أو الشعار إما متخلفا عن استعدادات الجماهير، أو أنه أيضا يتجاوز تلك الاستعدادات.

ولكي تكون الأجوبة التكتيكية سديدة، يجب أن تكون قادرة على تحديد الحلقة المركزية في السلسلة والتي كلما تم القبض عليها سهل جر السلسلة برمتها وانطلاق الحل لمختلف التناقضات المرتبطة.

في هذا الإطار واجهت إلى الأمام بداية السبعينات والنهج الديمقراطي هذه المسالة وقدمتا اجوبتين انطلاقا من تقديرات الفترة.

1- في بداية السبعينات وفي إطار تقييم التناقضات داخل الطبقة الحاكمة ومن اجل المزيد من الفرز وعزلة النواة الفاشية وسط هذه الطبقة رفع شعار عزل عصابة الحسن عبد الله الدليمي. كان ذلك شعارا تحريضيا له ما له وعليه ما عليه يعتمد على تقدير لموازين القوى آنذاك.

2- اليوم وفي إطار تغول الكتلة الطبقية السائدة واعتمادها على المقاربة القمعية وعلى تسخير الدولة كجهاز للقمع وتنمية المصالح الاقتصادية لكمشة من الكتلة الطبقية السائدة، ومن خلال توظيف الريع السياسي والقرب من مربع الحكم والسلطة، رفع النهج الديمقراطي شعار عزل المافيا المخزنية . إنها شعارات تقرب إلى الإدراك الشعبي من هي القوة الأكثر شراسة التي يواجهها شعبنا.

لكن هناك من المناضلين الذين لا يفهمون أهمية الشعار التكتيكي ولا حتى هم مستوعبون معنى التكتيك وأهميته، وإن كانوا يستوعبون ويرون ضرورته، فإنهم لا يفهمون أو لا يعرفون كيفية تطبيقه. وبما أنهم لا يملكون هذه المعرفة، فإنهم ينتصبون ضد الابتكار ويتخوفون منه، لأنه يحرجهم ويخرجهم عن المسالك القديمة والقوالب الجامدة.

الماركسية علم خوض الصراع الطبقي، فهي تقارب الحقيقة وتشتغل عليها، وتجدد مفاهيمها وتشحذ سلاحها بالممارسة النضالية المنحازة كليا للطبقة العاملة، وهدف التغيير الثوري المنشود في أفق بناء المجتمع الاشتراكي.

المفهوم، نحن من يصوغه، نحن الذين نعرف به، نحن الذين نطوره؛ وكذلك الشعار، نحن من يقترحه ويفسره، ونوفر له أسباب تفهمه من طرف أوسع الجماهير، ونحرس على أن يكون ابن بيئته بأكبر قدر ممكن من حيث مضمونه، وحتى في الشكل، وكلما شعرنا بنقص فيه أو علة، طورناه إلى الأفضل. هذا هو المأمول في القيادات الشابة أن تبدع، أن تجتهد، أن تقترح. طبعا يمكن أن تخطا لكن ليس ذلك نهاية التاريخ، بل فإنها ستبادر للتصحيح والتطوير وسيرتفع وعيها ومعرفتها بالواقع وبطرق اقتراح الحلول وصياغة البرامج. انفضوا عنكم الكسل والانسياق والتشبث بالقوالب الجامدة. اذا لم تثوروا ستصبحون أضحوكة للفوضويين واللاأدريين وللتائهين وأصحاب الموضة الجديدة المعادية للدكاكيين وهو حق أريد به باطل.