مواجهة التغول الرأسمالي الإمبريالي تتطلب تصعيد وتوحيد نضالات الشعوب وحركاتها التحررية والثورية عبر العالم

مواجهة التغول الرأسمالي الإمبريالي تتطلب تصعيد وتوحيد نضالات الشعوب وحركاتها التحررية والثورية عبر العالم
كلما اشتدت الأزمة البنيوية للرأسمالية كلما اشتد الاستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة والهجوم على مكتسباتها التاريخية التي قدمت من أجلها التضحيات الجسام، وازداد التغول الإمبريالي لدول المركز الرأسمالي، وخصوصاً الأمريكي، لتكثيف استغلال ونهب ثروات ومقدرات الشعوب بواسطة شركاتها المتعددة الاستيطان وتحويل فوائض القيمة والأرباح لإنقاذ اقتصاداتها من الانهيار في ظل التضخم والركود الاقتصادي وتضخم المديونية (ديون الولايات المتحدة تجاوزت 33 تریلیون دولار في حين ناتجها الداخلي الإجمالي حوالي 24 تريليون دولار) والمنافسة القوية لاقتصاديات الدول الصاعدة كالصين والهند وروسيا التي تؤشر على بروز عالم متعدد الأقطاب.
إن التوسع الإمبريالي للسيطرة على الأسواق وثروات الشعوب أضحى قانونا يؤطر سياسات الدول الرأسمالية منذ انتقال الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية. ويتم هذا التوسع، سواء بأشكاله المباشرة أو غير المباشرة، في إطار التوافقات بين تلك الدول (مجموعة الثمانية) لتدبير التناقضات فيما بينها تجنبا للصراعات أو الانفجارات ولتدبير توزيع المنافع والمصالح. طبعا يتم هذا تحت الهيمنة الأمريكية وبشروطها بحكم قوتها اقتصادها وعملتها وتحكمها في المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية وقوتها العسكرية العالمية.
إن ما يشهده العالم حاليا من تصاعد للنزعة العدوانية للإمبريالية الأمريكية هدفه تكريس هيمنتها على العالم ضمانا لمصالحها ومصالح حلفاءها الإمبرياليين. ومن أجل ذلك لا تدخر جهدا في إثارة الحروب والنزاعات الدينية والإثنية والطائفية وحصار الدول المعارضة والمنافسة لها وخلق القلاقل لها، والمشاركة والإشراف على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والتخطيط والمشاركة في غزو سوريا لتفتيتها وتقسيمها وفرض نظام عميل تابع لها ومطبع مع الكيان الصهيوني كغيره من الأنظمة المطبعة، إنها مستعدة لحرق العالم من أجل مصالح الرأسمال المالي الاحتكاري المعولم، مما يجعل البشرية جمعاء في مواجهة تهديدات هذا الغول الرأسمالي الإمبريالي الكاسح، وخاصة شعوب بلدان الجنوب التي أدت وما زالت تؤدي الفاتورة الثقيلة للهيمنة والاستغلال والتبعية.
ولمواجهة التغول الرأسمالي الإمبريالي الذي يجر العالم نحو الدمار والحروب، وخاصة مع هذا الكم الهائل من أسلحة الدمار الشامل التي تملكها الدول الرأسمالية الكبرى، لابد من وحدة الشعوب وحركاتها التحررية والثورية، عبر بناء جبهة عالمية ضد الإمبريالية وخاصة الأمريكية. وهي مهمة ضرورية وعاجلة على جميع القوى الوطنية والتقدمية واليسارية وفي مقدمتها القوى الشيوعية أن تتحرك من أجل ذلك، عبر التنسيق وتوحيد الجهود وإطلاق المبادرات النضالية الوحدوية على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية، ودعم نضالات الشعوب وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، والضغط بكافة الوسائل لوقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق يجب استثمار الهبات التي تعرفها الشعوب في دول المركز الرأسمالي وخاصة في الولايات المتحدة وأوربا للضغط على حكومات هذه الدول لوقف الدعم للكيان الصهيوني والكف عن السياسات العسكرية العدوانية المستنزفة للإمكانيات الاقتصادية والبشرية للشعوب والمهددة للأمن والسلم في العالم واستمرار الحياة فوق الأرض.
ويبقى البديل التاريخي الذي يحرر البشرية من الحروب والاستغلال والاضطهاد، وتتحقق فيه حرية الإنسان وكرامته وسعادته هو المجتمع الاشتراكي، حيث السلطة للطبقة العاملة وحلفاءها وحيث يتحكم المنتجون الأحرار في وسائل الإنتاج التي تصبح جماعية تعكس فعلا طابعها الاجتماعي ووظيفتها الأساسية في توفير حاجيات المجتمع المختلفة ويتحقق عبرها مجتمع الوفرة كشرط لتحرر المجتمع من الحاجة والقهر والاستلاب والاغتراب على طريق المجتمع الشيوعي حيث ينتفي استغلال الانسان للإنسان. ولن يتحقق هذا البديل إلا بتنظيم الطبقة العاملة في أحزابها الشيوعية الماركسية اللينينية سواء على مستوى البلدان أو على المستوى العالمي في إطار الأممية الماركسية.