كلمة الميدان: الحل في يد الجماهير

كلمة الميدان:
الحل في يد الجماهير
الميدان 4348،، الأحد 3 أغسطس 2025م
منذ إندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 وحتى يومنا هذا، عُقدت عشرات الورش والمؤتمرات والإجتماعات في الخارج، وتوالت المبادرات تباعًا: منبر جدة، جنيف، لندن، القاهرة، المنامة، جيبوتي، وآخيرًا وليس آخرًا، واشنطن. ومع ذلك، لم تفلح أيٌّ منها في إيقاف الحرب أو حتى في التخفيف من الكارثة الإنسانية والمجاعة المتفاقمة التي تسببت فيها الحرب.
لقد أكدنا مرارًا، وفي بيان المكتب السياسي الأخير على وجه الخصوص، أن هذه المبادرات لا تُعنى فعليًا بحجم المأساة التي تطحن شعب السودان، بل تدور في فلك مصالح القوى الإقليمية والدولية المتورطة في الحرب، وتركّز على ضمان بقاء وكلائها على رأس السلطة في أيّ تسوية مرتقبة. إن هذه المبادرات ليست منفصلة عن صراع المصالح بين أقطاب النظام الرأسمالي العالمي، الذي يسعى لإعادة تقسيم النفوذ ونهب الموارد، والتحكم في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ضمن ما يُعرف بخطة ترامب لتأمين مناطق الإستثمار الأمريكي في أفريقيا.
من هذا المنظور، قد تُفضي هذه التسويات إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، أو إعادة تموضع للقوى المتحاربة، لكنها لن تقدّم حلًّاً جذريًا، بل تمهّد لإعادة إنتاج الأزمة والحرب بصورة أكثر ضراوة، ويستمر معها تقسيم السودان، ونهب ثرواته، وحرمان شعبه من حقه في الحرية والتنمية.
إنّ جوهر تلك التسويات والمبادرات لا يخرج عن هدف رئيسي: وأد أي فعل ثوري حقيقي يسعى لتغيير جذري، وتشتيت الحركة الجماهيرية، وشغلها بمناورات ومشاورات عبثية، لقطع الطريق أمام تصاعد المد الجماهيري، وإجهاض أي إمكانية لنهوض مشروع وطني ديمقراطي بديل.
وقد أصابت مبادرة الحزب الشيوعي كبد الحقيقة حين بيّنت أن فشل تلك المبادرات مرده إلى إفتقارها للحد الأدنى من الأسس والضمانات الملزمة لوقف الحرب، وإلى طغيان لغة الشجب والإدانة والقلق، بدلًا من إتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض. كما أن هذه المبادرات محكومة بتباين مواقف الدول الراعية لها، إذ تتعارض مصالحها وتتنافس على نصيبها من موارد السودان، بل ويتجلّى ذلك التنافر حتى داخل المبادرة الواحدة، حيث يسعى كل طرف للإنفراد بترتيب المشهد السوداني بما يخدم مصالحه، ويُقصي غيره.
أما الحقيقة الأشد مرارة، فهي أن هذه القوى الدولية والإقليمية، التي تتشدّق بالحديث عن وقف الحرب، ما تزال تُغذّيها في الخفاء: تمد أحد طرفي النزاع بالسلاح والعتاد والدعم اللوجستي، في محاولة لإمالة كفة الميزان لصالح حليفها، تمهيدًا للهيمنة على مخرجات ما بعد الحرب، وتقاسم السلطة والثروة.
نؤكد بوضوح لا لبس فيه أن إنهاء الحرب وإستعادة الثورة لن يتحققا إلا بإرادة شعب السودان، لا عبر موائد التفاوض الخارجية ولا على أيدي المبعوثين.
لقد علّمتنا السنوات الماضية، بما حفلت به من خيانات ومؤامرات، أن الرهان الحقيقي هو على الجماهير، على وحدتها، وعلى قدرتها على تنظيم نفسها وبناء جبهتها القاعدية العريضة. وإن مبادرة طلائع الثورة، من قوى سياسية، ولجان مقاومة، ونقابات ديمقراطية، وتنظيمات نسائية، قد وضعت الأساس لمعركة فاصلة، معركة لا تساوم على الدم ولا تتنازل عن الوطن.
فالنصر لا يصنعه سوى الشعوب، وإنّا على يقين بأن شعبنا سينتصر.