افتتاحية: من أجل النهوض بالحركة النضالية الشعبية في بلادنا

افتتاحية: من أجل النهوض بالحركة النضالية الشعبية في بلادنا




من أجل النهوض بالحركة النضالية الشعبية في بلادنا





تقديم:
تبدع الجماهير الشعبية أشكالا متنوعة من التنظيمات الذاتية المستقلة (حراكات وتنسيقيات ولجان…) وأساليب نضالية جديدة كمقاطعة بعض الشركات الاحتكارية والمسيرات، خاصة في المناطق المهمشة، والاعتصامات… وتستفيد من منصات التواصل الاجتماعي للتعبئة والتنظيم. وأغلبية هذه الحركات تتميز بتنظيمها ورفعها لمطالب ملموسة مشروعة وطول نفسها وخوضها أشكالا متنوعة من النضال.

ونظرا لفقدان الثقة في جل النقابات والأحزاب، تلجأ الجماهير الشعبية إلى بناء تنظيماتها المستقلة عنها (تنسيقيات وحراكات وحركات احتجاجية…). وهذه ميزة أساسية وعميقة ومتمددة في الزمان وليست عابرة. إنها الشكل الأساسي الذي يتخذه الصراع الطبقي حاليا في بلادنا.

لذلك، فإن ما يجب أن يؤرق كل المناضلين(ات) المخلصين(ات) لشعبنا هو تشتت هذه النضالات الشعبية وعزلتها عن بعضها البعض وابتعاد أغلبها عن القوى السياسية والنقابية والجمعوية المناضلة. هذا الواقع الذي يؤدي، في الغالب، إلى فشلها في تحقيق أهدافها رغم طول النفس والصمود والتضحيات الجسام (ونذكر هنا، على سبيل المثال، حراك الريف المجيد والنضالات القوية لتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد). كما يجب أن يؤرق المناضلين والمناضلات، المنحازين(ات) لصف الطبقة العاملة، التي من المفروض أن تلعب دورا رياديا في النضال، كون نضالها يتسم بالتشتت والضعف رغم الهجوم الخطير الذي تتعرض له.

في سبل تجاوز الوضع الحالي:

إن استرجاع الطبقة العاملة لدورها الريادي في النضال يتطلب بناء أدوات نضالها المستقلة (النقابة التي تخدم مصالحها الآنية والحزب الذي يعمل من أجل تحررها من الاستغلال الرأسمالي).

إن تصحيح وضع الحركة النقابية لكي تكون في خدمة الطبقة العاملة والشغيلة يتطلب من كل المناضلات(ين) النقابيات(ين) المخلصات(ين) لهذا الشعار أن يتجاوزوا(ن) الخلافات الثانوية ويتحاوروا(ن) وينسقوا(ن) في النضال وأن يعملوا(ن)على توحيد النضالات بين المركزيات المناضلة عوض التنافس بينها حين يكون مضرا بالوحدة النضالية للطبقة العاملة والشغيلة وأن يكون التزامهم(ن) بمصلحة الطبقة العاملة والشغيلة فوق التزامهم(ن) بهذه النقابة أو المركزية أو تلك.

أما التقدم في بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة، فيتطلب من كل الماركسيين والماركسيات الذين يؤمنون بالضرورة الملحة والحيوية لبناء هذا الحزب دون تردد أو تأخر، تجاوز الحلقية وخوض حوار جدي يهدف إلى المزيد من توضيح التصور لبناء هذا الحزب وتطوير علاقات التنسيق والتعاون بينهم(ن)، وذلك استحضارا للمرحلة الحالية التي يعرف فيها الصراع الطبقي في بلادنا احتدادا غير مسبوق. كما يتطلب من حزب النهج الديمقراطي العمالي المزيد من توضيح مشروعه لبناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين والتعريف به على نطاق واسع.

أما بالنسبة للحركات النضالية الشعبية، فإن من واجب ومسئولية القوى السياسية والنقابية والجمعوية المناضلة، وخاصة القوى المنحازة لصف الطبقة العاملة والكادحين والكادحات:

– أولا وأساسا، أن تسعى إلى أن تصبح هي المبادرة لإطلاق مثل هذه الحركات النضالية الشعبية والعمل على توحيدها. الشيء الذي يستوجب التواصل المباشر والمثابر مع الجماهير في الأحياء الصناعية والشعبية وفي البوادي والأسواق وغيرها من أماكن تواجد الجماهير الشعبية. وذلك لرصد نبض الشعب واستعداداته النضالية وربط العلاقات مع مناضلاته ومناضليه وكسب ثقتهم(ن) من خلال تبيان أن هناك قوى تسعى، فعلا وليس قولا فقط، إلى مساعدته على بناء تنظيماته الذاتية وتحصينها، وليس الركوب على نضالاته من أجل تحقيق مكاسب خاصة بها. ولم يتوقف حزب النهج الديمقراطي العمالي، منذ المؤتمر الوطني الخامس، على تحفيز مناضلاته ومناضليه على الذهاب نحو الشعب وعدم الاكتفاء بالعمل المنظمات الجماهيرية رغم أهميته.

– ثانيا، الانخراط في الحركات النضالات الشعبية المستقلة، بقوة، لأن تجاوز هذه الحركات لتحفظاتها أو عدائها للقوى السياسية والنقابية والجمعوية المناضلة وانفتاحها على النضال من أجل التغيير يتطلب الصبر من طرف القوى المناضلة وتقديم البرهان، من خلال التواجد الميداني مع هذه الحركات، وليس الاكتفاء بالتضامن المناسباتي معها، أنها فعلا لا تسعى إلى الركوب على نضالها لأهداف ضيقة وخاصة بها. وفي نفس الآن، يجب على القوى المناضلة أن توضح لهذه الحركات أن مطالبها، مهما تكون بسيطة، قد لا تحققها، وحتى إذا حققت جزءا منها، فإن النظام سيلتف عليها ما أن تتراجع الحركة. وأنها بالتالي يجب أن تساهم، قدر المستطاع، في النضال العام من أجل التغيير الجدري الذي سيضمن تحقيق وتحصين مطالبها.