كلمة الميدان: بيد الشعب لا بالرباعية

كلمة الميدان: بيد الشعب لا بالرباعية




كلمة الميدان: بيدُ الشعب لا بالرباعية

سلطاتُ الأمر الواقع في بورتسودان ونيالا تهرعان نحو تسويةٍ برعايةٍ أمريكية تُشرعن وجودَهما على رأس المشهد السياسي بعد الحرب. تنطُقان بألسنةٍ متعددة لكن أفعالهما تناقض أقوالهما.

وفي سرّيةٍ مع مستشار ترامب مسعد بولس في جنيف والقاهرة، يملآن الساحات خطاباتٍ عن الحسم العسكري والقتال حتى الرمق الأخير، بينما تحتضر الفاشر ويستمر الحصار والقصف واستهداف البنى التحتية والمنشآت المدنية في الخرطوم وأم درمان ونيالا والجنينة ومدنٍ أخرى، وتتفشى الأمراض والأوبئة.

هذه الحرب المستمرة بلا نصرٍ ساحقٍ ولا هزيمةٍ ماحقة تحولت الآن إلى ورقةِ مِساومةٍ لِمَن يسعون لتحقيق مكاسبَ سياسية. الوطن يتداعى، والملايين تُشرّد، والضحايا يتزايدون، لكن ذلك لا يهم القائمين على اللعبة.

الرباعية، ومنبر جدة، وسائر المنصّات الدولية التي ترفع شعارات وقف الحرب والإنتقال المدني، تسعى عمليًا إلى إعادة إنتاج ذات الأزمة التي أشعلت الحرب. فجوهر مشروعها يقوم على إخماد النيران بتسويةٍ تُبقي أطراف الحرب ممسكةً بزمام القرار، وتمنح القوى المدنية تمثيلًا شكليًا متماهياً مع أجندتهم – وهو مسارٌ مسدود لا يفضي إلى سلامٍ حقيقي ولا انتقالٍ ديمقراطي لدول الرباعية وأطرافٍ أخرى أجنداتٌ في بلادنا، وبعضها متورطٌ مباشرةً في مسارات الصراع. هدف هذه المبادرات تنفيذ مشروعٍ سياسي ـ إجتماعي مشترك يقضي على مكتسبات ثورة ديسمبر 2018، والعودة بمجرى الأحداث إلى مسار “الهبوط الناعم”. كما يسعون للتنافس على النفوذ والهيمنة على موارد السودان الجيو إقتصادية بعد الحرب، والإستفادة من موقعه الإستراتيجي وممره البحري على البحر الأحمر.

نُعيد التأكيد: الحرب هي إحدى تجليات الأزمة العامة في بلادنا، وأنها جزءٌ من الصراع بين قوى الثورة وأعدائها. الثورة المضادة، بشقيها المدني والعسكري، وبعد فشلها في تصفية الثورة، أشعلت الحرب كخيارٍ أخير – خيارٌ بائسٌ لن يحقّق أهدافه.

الشعب قادرٌ على إسترداد ثورته وتحقيق أهدافه في الحرية والسلام والعدالة. علينا جميعًا أن نُثبت أن الحلّ الحقيقي يكمن في قوةِ الشعب وتنظيمه، لا في صفقاتٍ تُمسك بها أيادٍ خارجية أو أطرافٌ وجدت في الحرب طريقًا للمكاسب.