في تأنيث الفقر
في تأنيث الفقر
أَحيى الجميع يوم 8 مارس اليوم العالمي للمراة: أحيته الرأسمالية على طريقتها بتحويله الى يوم تجاري استهلاكي لبضائع مادية او خدماتية انتجت خصيصا لهذه المناسبة من اجل الرفع من الارباح وتقليل الخسارة التي فرضتها جائحة كورونا. احيته القوى الرجعية وهي تمجد المراة كجسد او في احسن الحالات ككائن يلبي الرغبات وينتج النسل احيته هذه القوى وهي تتبجح بما حققته للمرأة بالقياس بما كان عليه وضعها في القرون الغابرة. يسعى هؤلاء الى انكار الواقع المزري للمراة خاصة العاملة والكادحة يسعون الى اطلاق ستائر من الدخان الكثيف للتغطية على وضع هم من تسبب فيه وهم من يجعلونه قدرا محتوما على المراة ان تتحمله.
ففي ظل الازمة البنيوية الراهنة والتي عرتها جائحة كورونا وفاقمت من وقعها واثارها المدمرة انتشر الفقر بشكل مهول وصل الى ارقام لم تعد الدولة قادرة على التستر عليها. اضطرت الدولة ان تعري نسبيا عن حجم ظاهرة الفقر فنشرت جهات تعنى بإنتاج الاحصائيات ونشر نتائج ” بحوتها “؛ فلأول مرة تعترف الدولة بان عدد من تعتبرهم فقراء فاق 20 مليون مواطنة ومواطن.
هذا التراكم الكمي للفقر هو محصلة اكثر من 60 سنة من الاستقلال الشكلي انه حكم فاضح على فشل الدولة راعية مصالح الكمبرادور وملاك الاراضي الكبار. ان آفة الفقر تعتبر من اخطر الامراض التي يمكنها ان تصيب شعبا ما.. لما لها من تأثيرات على مستقبله. الفقر يمس ويستهدف في الدرجة الاولى النساء والشيوخ من الجنسين. ان الفقر هو نتيجة سياسات اختارتها الدولة او طبقتها نزولا عند ارادة الممولين والمانحين الدوليين من بنك عالمي او صندوق النقد الدولي او منظمات دولية مثل منظمة التجارة العالمي… قبما انه نتيجة لهذه السياسات فهو ايضا يخضع لما تسميه الدولة لخطة التخفيف من اثاره الجانبية ولذلك نراها تستثني المراة والشيوخ من اية مبادرة مهما كانت تافهة للخروج من الفقر. اننا نعتبر هذه السياسات والاختيارات تذهب عنوة وعمدا الى تانيث الفقر لما يوفره من غايات وهي بكل المقاييس غايات اجرامية. ان تأنيث الفقر هو وسيلة شل حركة الفقراء وكبحهم او ثنيهم عن تصعيد النضال لتعطيل ثورة الجياع. فالمرأة الفقيرة تغرق في الكدح اليومي وتشل معها كل العائلة وقد تتحول الى معرقل لانتفاضة الزوج والابناء. هذه هي حسابات المقررين لانتشار الفقر والموجهين للسياسات العامة.
يخطأ هؤلاء الاوغاد لما يعتقدون ان المرأة ستنقاد مثل البهيمة لسياساتهم تلك ولهذا نجد ان من بين القوى التي احيت مناسبة 8 مارس كيون للنضال والثورة على اوضاع المرأة التي ترزح تحت الاستغلال المزدوج والاضطهاد المزدوج. فإذا كان للرجال العمال والكادحين سبب واحد للثورة فلرفيقتهم العاملة والكادحة سببين اثنين للثورة والانتفاضة.