مسؤولية الدولة في غلاء الأسعار

مسؤولية الدولة في غلاء الأسعار
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

titi-e1593062000449 مسؤولية الدولة في غلاء الأسعار


مسؤولية الدولة في غلاء الأسعار.

دأبت الدولة ومعها البرجوازية الاحتكارية على إلقاء مسؤولية الغلاء على الظرفية الاقتصادية والمناخية والأزمة الاقتصادية العالمية. وهي بذلك تريد ان تبعد المسؤولية عنها حتى تتجنب المحاسبة ومعها تحمل العواقب. لا يسعنا الحيز هنا للتفصيل في هذه المسؤولية ولذلك سنتطرق في عجالة إلى أهم مادة يشكل الغلاء فيها اكبر ضرر للمواطنات والمواطنين، إنها مادة المحروقات وهي نموذج من السلع تسوقه شركات وبعضها تمارس شبه احتكار؛ وهذه المادة تعتبر أساسية في الإنتاج الصناعي والزراعي ونقل البضائع والمسافرين…إن أية زيادة في أسعار هذه المادة تنعكس على أسعار باقي السلع أكانت بضائع أو خدمات.

في موضوع تحديد أسعار المحروقات نجد مسؤولية الدولة قائمة في شقين اثنين:

+ شق تحديد بنية السعر نفسه ويمكنا تلخيص ذلك في حجم الضرائب التي تفرضها الدولة وهي أساسا نوعين: الأولى، هي الضريبة الداخلية على الاستهلاك وهذه الضريبة تهم الكميات المستوردة وقد بلغت سنة 2021 مستوى 15 مليار درهما والضريبة الثانية هي الضريبة على القيمة المضافة التي بلغا حوالي 11 مليار درهما وهذه الضريبة تهم كلفة الاستيراد. هكذا تخضع المحروقات إلى عملية تضريب مزدوجة الاولى تهم الكميات والثانية تهم المبالغ المدفوعة في الاستيراد؛ يضاف الى هذه الضرائب سياسة الدولة في تحديد هامش الربح الذي تكرمت به على الشركات العاملة في القطاع وهو هامش 15%. إن تركيبة أثمان المحروقات تشمل 50% تكلفة و35% ضرائب و15% هامش الأرباح.

+ الشق الثاني هو قرار الحكومة تحرير القطاع بعد ان تخلت عن سامير التي اجهز عليها القطاع الخاص ودفعها للإفلاس المصطنع حتى يتهرب من مسؤولية استغلال للطبقة العاملة ونهبه لعموم المواطنات والمواطنين. ان التفريط في وحدة تكرير النفط سامير هو جريمة اقتصادية واجتماعية ناهيك عن كونها جريمة سياسية عنوانها التفريط في الأمن الطاقي للمغرب ورهنه للشركات البترولية العالمية.

من خلال هذا النموذج للعلاء يتضح أن أعمق أسباب موجات الغلاء المتتالية والتي تعصف بالقدرة الشرائية لأغلبية المواطنين والمواطنات هي سياسات الدولة خديمة مصالح الكتلة الطبقية عميلة الشركات الرأسمالية الكبرى. إنها اختيارات إستراتيجية للمنظومة الاقتصادية المطبقة منذ بدايات سنوات ستينيات القرن الماضي اختيارات الليبرالية والانصياع للمؤسسات الدولية التي تملي شروطها وتفرض تسخير خيرات الوطن لصالح الاستعمار الجديد.

إن معركة القضاء على الغلاء هي معركة واحدة مع معركة التحرر الوطني من قبضة الامبريالية ومن هيمنة وسيادة كتلة طبقية مشكلة من حفنة من الاحتكاريين والطفيليين الذي يوظفون الغلاء للمزيد من جمع الثروات وتهريبها إلى حساباتهم السرية بالخارج.