الدار البيضاء تحت الحصار
الدار البيضاء تحت الحصار
عاشت منطقة درب عمر وسط مدينة الدار البيضاء حالة حصار نفذته جيوش من قوات الأمن والقوات المساعدة وجحافل من البوليس السري والمخبرين، هذه الجيوش التي انتشرت صبيحة يوم 29 ماي وأغلقت كل المنافذ إلى ساحة النصر ومنعت الوقوف أو التجمهر بمحيط الساحة من اجل تطبيق قرار منع المسيرة التي دعت لها الجبهة الاجتماعية.
لمن لا زال يشك أو يتردد في طبيعة الدولة المتحكمة ببلادنا؛ فإن حصار درب عمر والكم الكبير من القوات التي استنفرت، يزيل أي شك بأننا أمام دولة بوليسية لم يعد يهمها تغطية هذه الحقيقة آو التمويه عليها. لسبب بسيط، وهو أن الدولة فشلت إلى درجة لم تعد تملك ثمن شراء السلم الاجتماعي. إن ما قدمته في إطار الحوار الاجتماعي المغشوش والمتضمن في اتفاق 30 ابريل لم يقنع حتى من وقع عليه لأان الضربة القوية التي تعرضت لها القدرة الشرائية للجماهير الشعبية لم تعد تحتمل هذا المستوى الغير مسبوق من النهب والزيادات الفاضحة في أسعار المواد الأساسية من مواد غذائية وخدمات اجتماعية في الصحة والنقل والتعليم.
تراهن الدولة البوليسية على بعث رسالة إلى الجماهير الشعبية مفادها أن الدولة لا تملك إلا القمع والاعتقالات والسجن، وكل من يحتج على تدهور أوضاعه فعليه أن ينتظر بالإضافة إلى استفحالها والمزيد من تدهورها بما هو قادم من زيادات؛ فعليه ان يتحمل ضريبة القمع والاعتقال والتكيل. هذه هي الرسالة التي تود الدولة البوليسية تبليغها للجماهير الكادحة والى أكثر من 25 مليون مواطن ومواطنة الذين زجت بهم الاختيارات الطبقية الظالمة في آفة الفقر. اختارت الدولة وسيطا لتبليغ هذه الرسالة، وهو الجبهة الاجتماعية وإطاراتها الوطنية والجهوية والمحلية. لكن تحدي المنع والعزم على تنفيذ الوقفة أمام مقر المركزية المناضلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل اسقط حساب الدولة البوليسية وتم الإعلان على استمرار التحدي وتنظيم مسيرة يوم 19 يونيو وستكون اذا نفدت بحزم وشكيمة عبارة عن مسيرة ستتواجه فيها إرادة النضال مع إرادة القمع والاستبداد.
هكذا يمكننا القول بأن الجبهة الاجتماعية الرافضة للاستسلام والإذعان باتت تشكل احد أهم مربعات المقاومة والنضال، وجب دعمه وتحصينه وتقويته عبر توسيعه وفتحه في وجه أوسع الجماهير المتضررة في الأحياء الشعبية وفي المدن الكبيرة والصغيرة وفي البوادي وخاصة في المناطق المهمشة.
تعتقد الدولة البوليسية بأنها لما تشدد من قمعها، فان المتضررين سيتراجعون. إنها تغفل عن حقيقة تكبر اليوم وفي كل لحظة وهي أن 25 مليون من المواطنات والمواطنين سيعلنون بأنهم لم يعد لهم ما يخسرونه سوى قيودهم والأغلال التي تكبلهم وتمنعهم من التحرر الناجز من قبضة الظلم والقهر الاجتماعي المفروض من كمشة من المحتكرين واللصوص.